تداول الليرة التركية في إدلب بعد انهيار العملة السورية

سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
TT

تداول الليرة التركية في إدلب بعد انهيار العملة السورية

سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)
سوري يحمل حقيبة في داخلها عملات معدنية من الليرة التركية في إدلب (د.ب.أ)

بدأت السلطات المحلية في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال غربي سوريا اعتماد العملة التركية في التداول اليومي، بعدما سجلت الليرة السورية هذا الشهر انهياراً غير مسبوق، وفق ما قال مسؤول محلي لوكالة الصحافة الفرنسية اليوم (الاثنين).
وجاء هذا الإجراء قبيل بدء تطبيق «قانون قيصر» الأميركي الذي يدخل حيز التنفيذ الأربعاء ويفرض عقوبات مشددة على النظام السوري والمتعاونين معه، من شأنها، وفق محللين، أن تضعف الليرة السورية أكثر.
وقال باسل عبد العزيز، المسؤول الاقتصادي في «حكومة الإنقاذ»، التي تعد بمثابة إدارة محلية تابعة لـ«هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)»: «صدر توجيه من الحكومة إلى الفعاليات الاقتصادية والتجارية وشركات الصرافة بتأمين فئات صغيرة من العملة التركية ليتم تداولها في المناطق المحررة لتكون بديلاً من الليرة السورية».
وشاهد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية داخل مؤسسة مالية محلية في مدينة سرمدا، الأحد، أكياساً بلاستيكية مليئة بأوراق نقدية تركية من الفئات الصغيرة وعملات معدنية. وقال إن محطات وقود بدأت أمس تحدّد أسعارها بالليرة التركية.
وتجاوز سعر صرف الليرة السورية الأسبوع الماضي عتبة 3 آلاف مقابل الدولار قبل أن تنخفض قليلاً، مما تسبب بموجة غلاء غير مسبوقة. وتبع ذلك إعفاء دمشق رئيس الحكومة السورية عماد خميس من منصبه.
ويأتي بدء تداول الأوراق النقدية الصغيرة والمعدنية بين المواطنين في إدلب، بعدما كانت الأوراق النقدية الكبيرة تستخدم سابقاً في العمليات التجارية المتوسطة والكبيرة حصراً.
وبناء على الإجراءات الجديدة، حددت «حكومة الإنقاذ»، وفق بيان صادر عنها، سعر كيس الخبز الذي يضم 10 أرغفة بليرتين تركيتين.
وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الجمعة أن «السلطات المحلية في منطقة إدلب وشمال حلب بدأت اتخاذ خطوات باتجاه استبدال الليرة التركية أو الدولار الأميركي بالليرة السورية، للمبادلات الرسمية واليومية، وبينها دفع الرواتب» للتخفيف من تقلب سعر الصرف.
وأوضح عبد العزيز أن مطالبات علت بضرورة «فك الارتباط بين اقتصاد النظام واقتصاد المناطق المحررة»، بعد «إغلاق عدد من المحال التجارية والمصانع وغيرها أبوابها». وقال إن «حكومة الإنقاذ» بدأت نهاية الشهر الماضي دفع رواتب موظفيها بالليرة التركية.
ولا يعني اعتماد الليرة التركية في إدلب وقف التعامل كلياً بالعملة السورية، وفق عبد العزيز الذي أوضح أن «مصيرها يخضع للعرض والطلب، والناس يبحثون عن العملة الأكثر استقراراً».
وبذلك؛ تنضم إدلب إلى مناطق أخرى في شمال سوريا، تمتد من جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي إلى عفرين في الريف الشمالي الغربي، بدأت منذ دخول القوات التركية إليها بدءاً من عام 2016 اعتماد العملة التركية تدريجياً إلى جانب الليرة السورية.
وأعلن عبد الرحمن مصطفى، رئيس الحكومة السورية الموقتة، المرتبطة بالمعارضة السياسية وفصائل شمال حلب ومقرها إسطنبول، في تغريدة، أن السلطات المحلية في شمال حلب ستعتمد الخطوة ذاتها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.