الخرطوم تدفع بمسودة جديدة لتجاوز الخلافات في ملف السد

«محامي دارفور» تبرّئ «الدعم السريع» من قتل المعتصمين

نهر النيل بالقرب من منطقة مقرن النيلين بالخرطوم (أ.ف.ب)
نهر النيل بالقرب من منطقة مقرن النيلين بالخرطوم (أ.ف.ب)
TT

الخرطوم تدفع بمسودة جديدة لتجاوز الخلافات في ملف السد

نهر النيل بالقرب من منطقة مقرن النيلين بالخرطوم (أ.ف.ب)
نهر النيل بالقرب من منطقة مقرن النيلين بالخرطوم (أ.ف.ب)

برأت هيئة محامي دارفور، وهي هيئة مستقلة، قوات «الدعم السريع» التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو، من مجزرة فض الاعتصام التي راح ضحيتها مئات القتلى والجرحى. وأجرت الهيئة تحقيقاً سلمته لرئيس لجنة التحقيق الخاصة بفض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي 2019، جاء فيه أن منسوبي قوات الدعم السريع لم يطلقوا الرصاص على المعتصمين. واتهم رئيس الهيئة محمد عبد الله الدومة، قوات من الدفاع الشعبي والأمن الطلابي وكتائب الظل التابعة للحركة الإسلامية بإطلاق الرصاص وقتل المُعتصمين.
وأكد الدومة أن تحريات الهيئة شملت عدداً كافياً من شهود العيان ومنسوبي الدعم السريع، بالإضافة إلى صور ومقاطع فيديو حية من موقع فض اعتصام القيادة، وتوصلت من خلال البينات إلى أن قوة من الدعم السريع شاركت بالفعل في فض الاعتصام لكنها استخدمت العصي فقط ولم تطلق الرصاص أو تقتل أي شخص. ونفى الدومة إطلاق أي من منسوبي الدعم السريع الرصاص على المعتصمين، مؤكداً أن القوة التي تتبع الدعم السريع المشاركة في فض الاعتصام جردت من جميع الأسلحة، وتم تسليحها فقط بالعصي لمطاردة الهاربين وإخراجهم من أمام حرم قيادة الجيش.
على صعيد آخر، قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن السودان أعد ورقة جديدة وهي المسودة الثالثة التي يقدمها منذ بدء الاجتماعات بين الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، بشأن سد النهضة، يتوقع أن تحمل حلولاً وسطاً تدفع بالمفاوضات إلى الأمام.
وأفادت مصادر بأن المقترح الإثيوبي الجديد الذي قوبل برفض مصر والسودان، يتجاوز كل ما تم التوصل إليه من اتفاقيات في مسار المفاوضات التي جرت في واشنطن خلال الأشهر الماضية. وتشير المصادر إلى أن الورقة الإثيوبية الجديدة بمثابة تراجع عن التفاهمات في الجوانب الفنية والقانونية المتصلة بالملء الأول وتشغيل سد النهضة، التي جرت برعاية أميركية، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بفترات ملء بحيرة السد في المواسم والأوقات المحددة.
وكانت وزارة الري الإثيوبية أشارت في بيان أمس إلى أن الاتفاق الذي تسعى إليه يستند فقط على إعلان المبادئ الذي تم توقيعه بين الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015. وقالت الحكومة الإثيوبية إنها لن ترضخ لأي ضغوط عليها عبر معاهدات قديمة تعود إلى حقبة الاستعمار لم تكن هي طرفاً فيها، مشيرة إلى أن مصر تتمسك باتفاقية وصفتها بغير العادلة في توزيع المياه. وكشفت وزارة الري السودانية، في بيان أول من أمس عن وجود توافق وجهات نظر الأطراف الثلاثة على معظم القضايا الفنية عدا بعض التفاصيل المحدودة.
وقالت إن النقاشات في الاجتماع السابق ركزت على الجوانب الفنية لملء وتشغيل سد النهضة في مواسم الأمطار العادية وموسم جفاف واحد ومواسم الجفاف المتعاقبة الطويلة، بالإضافة لطرق التشغيل الدائم، مشيرة إلى احتدام النقاش حول الجوانب القانونية للاتفاق الذي تعمل الدول الثلاثة على التوصل إليه.
ونوه البيان إلى أن الهدف من النقاشات هو التوصل إلى اتفاق متكامل يغطي كمية المياه التي سيتم تصريفها من بحيرة سد النهضة خلال كل السيناريوهات. وشهد الاجتماع الذي عقد الأسبوع الماضي جدالاً محتدماً بين السودان ومصر وإثيوبيا حول العديد من القضايا الخلافية بشأن ملء الأول وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وكان وزراء المياه بالدول الثلاث اتفقوا على تبادل الرؤى في القضايا العالقة لتقريب وجهات النظر وصولاً للتوافق بشأن تلك القضايا. ويناقش وزراء المياه خلال جولات التفاوض القضايا العالقة في ملف سد النهضة الإثيوبي، بغية التوصل لحلول متوافق عليها. ويسعى السودان إلى إنجاح المفاوضات وتجاوز الخلافات الراهنة للتوصل إلى اتفاقية تعالج وتستوعب المسائل المتصلة بملء وتشغيل سد النهضة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».