تعاني إيران من موجة من الغلاء وارتفاع الأسعار، في أسواق الفاكهة والخضار، والعقارات والأجهزة المنزلية. وتحول القلق من التضخم والغلاء إلى هاجس أساسي بين الإيرانيين رغم المخاوف من تصاعد موجة كورونا في أنحاء البلاد.
وتشير المصادر الاقتصادية إلى عوامل مختلفة وراء التضخم وارتفاع الأسعار، بما فيها انهيار العملة أمام الدولار، والمخاوف من تبعات كورونا، وغياب الرقابة و«السمسرة والمافيا الاقتصادية»، ومع ذلك فإن العقوبات الاقتصادية لها حصة الأسد من تدهور أحوال الاقتصاد الإيراني.
ويعاني المواطن الإيراني من تراجع كبير في القدرة الشرائية. وتبقى فاكهة الصيف رغم اختلاف ألوانها الجذابة بيد الباعة، لأنها شهدت ارتفاعاً بنسبة خمسة أضعاف في خمسة أشهر. كما ارتفع سعر البصل بنسبة 30 إلى 40 في المائة. ويشهد الشارع الإيراني سخطا متزايدا مطالبا باتخاذ الحكومات إجراءات فعالة لحل هذه المشكلة. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، يجد المواطن الإيراني نفسه مجبراً على تقليص السلة الغذائية بالإضافة إلى خروج خيارات الترفيه والملابس من قائمة مشترياته.
ودخلت أسعار السلع المنزلية مساراً تصاعدياً، خلال الأسابيع الأخيرة، ما أدى إلى بلوغها مرحلة جديدة من تراجع المبيعات. وتفيد تقارير اقتصادية أن سعر الأجهزة المنزلية قد ارتفع بنسبة 30 إلى 60 في المائة مقارنة مع أوائل أبريل (نيسان) من هذا العام، وارتفعت السلع الأجنبية، التي تدخل البلاد عبر التهريب بشكل أساسي، بنسبة تصل إلى 100 في المائة.
ووفقا لمركز الإحصاء الإيراني فإنه منذ تفاقم سعر الدولار في أغسطس 2018، فإن 30 في المائة من الأسر الإيرانية فقدت القدرة على شراء الأجهزة المنزلية، ما أنعش سوق السلع المستعملة.
وسجل سوق المساكن وكلفة الإيجارات نموا قويا خلال هذه الفترة. حسب تقارير وسائل الإعلام الداخلية، فإن العجز عن دفع الرهون والإيجار دفع الإيرانيين إلى التخييم.
وشهدت سوق العملة أمس، استمرار سعر الدولار واليورو. وألقى نشطاء عبر شبكات التواصل الاجتماعي باللوم على اختلال التوازن المفاجئ في السوق، وتدهور ظروف المعيشة للعمال، وارتفاع الأسعار على ارتفاع حالات الانتحار الأخيرة بما فيها انتحار عامل في شركة نفط حقل آزادغان جنوب غربي البلاد، والذي أثار جدلا واسعا دفع وزير النفط إلى فتح تحقيق.
واستدعى البرلمان الإيراني، خلال الأيام الماضية، وزير الاقتصاد فرهاد دجبسند، فيما وجه النواب إنذارا دستوريا إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني للمطالبة بوقف غلاء الأسعار. وأفادت صحيفة «دنياي اقتصاد» أن روحاني طلب من وكيل وزارة الصناعة والتجارة، «ضرورة الإشراف الدقيق والتدخل العاجل لتنظيم وضبط الأسعار في الأجهزة المنزلية».
جاء ذلك، بعدما أمر روحاني، الأسبوع الماضي، بتشكيل مجموعة عمل مؤلفة من وزير الاقتصاد ووزير الطرق والمواصلات ومحافظ البنك المركزي على أن يرأسها نائبه الأول إسحاق جهانغيري. ومن شأنها أن تبحث الحلول وتناقش أسباب ارتفاع سعر قطاع السكن.
ويعتقد المراقبون الاقتصاديون أن خطوة روحاني متأخرة بسبب ما شهده القطاع من ارتفاع في الأسعار قبل بدء العقوبات الأميركية. كما تواجه الحكومة تهما باتباع سياسة «فاشلة» مسبقا، بسبب ما تمارسه من ضغوط على الناشطين في قطاع السكن عبر توجيه الأوامر الإدارية.
«المافيا الاقتصادية» وانهيار العملة يفاقمان أوجاع الإيرانيين
«المافيا الاقتصادية» وانهيار العملة يفاقمان أوجاع الإيرانيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة