«الأموال المجمدة» تعكّر العلاقات بين إيران وكوريا الجنوبية

أعلن سفير كوريا الجنوبية في طهران تقديم شحنة أدوية بقيمة 1.2 مليون دولار إلى إيران لمواجهة جائحة كورونا، مايو (تويتر السفارة الكورية)
أعلن سفير كوريا الجنوبية في طهران تقديم شحنة أدوية بقيمة 1.2 مليون دولار إلى إيران لمواجهة جائحة كورونا، مايو (تويتر السفارة الكورية)
TT

«الأموال المجمدة» تعكّر العلاقات بين إيران وكوريا الجنوبية

أعلن سفير كوريا الجنوبية في طهران تقديم شحنة أدوية بقيمة 1.2 مليون دولار إلى إيران لمواجهة جائحة كورونا، مايو (تويتر السفارة الكورية)
أعلن سفير كوريا الجنوبية في طهران تقديم شحنة أدوية بقيمة 1.2 مليون دولار إلى إيران لمواجهة جائحة كورونا، مايو (تويتر السفارة الكورية)

يخيم شبح الخلاف على «الأموال المجمدة» على العلاقات الإيرانية - الكورية الجنوبية، بعد أكثر من عام على وقف سيول استيراد النفط الإيراني، امتثالاً لقرار الإدارة الأميركية سحب الإعفاءات النفطية، وتشديد العقوبات على إيران.
ووجه كبار المسؤولين، على مدى الأسبوع الماضي، انتقادات حادة، للضغط على سيول، للإفراج عن الأموال الإيرانية المتحجزة.
كانت البداية برئيس البنك المركزي، عبد الناصر همتي، الذي أكد من طهران، في حوار مع وكالة «بلومبرغ»، ما يتردد عن خلافات بين سيول وطهران حول الأموال المتحجزة، قبل أن يرفع الرئيس الإيراني حسن روحاني، أول من أمس، حدة الانتقادات.
وأطلقت طهران، على مدى الشهور الثلاثة الماضية، حملة لتقليل وطأة العقوبات الأميركية، بذريعة أنها تمنع جهودها في احتواء جائحة كورونا. ومع مرور الوقت، انتقلت طهران من الضغط على الإدارة الأميركية، إلى دول تحتجز أموالاً من مبيعات النفط الإيرانية، خشية الحظر الأميركي المفروض على التبادلات المالية مع إيران.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، في تصريحات لوكالة «أرنا» الرسمية، إن «الحظر الذي تفرضه كوريا الجنوبية على استخدام إيران لمواردها... لشراء السلع الأساسية والدواء والمواد الإنسانية هو أمر غير مقبول بأي حال من الأحوال. نتوقع من حكومة كوريا الجنوبية أن ترفع هذه القيود في أسرع وقت ممكن»، حسب «رويترز».
وقالت الوكالة، إن روحاني أمر رئيس البنك المركزي الإيراني بمتابعة القضية من خلال القنوات القانونية والمحافل الدولية.
ولم يشر روحاني إلى رقم يوضح حجم الأموال المجمدة، إلا أن وكالة «برنا» الإيرانية نقلت عن حسين تنهائي، رئيس غرفة التجارة الإيرانية الكورية الجنوبية، أن الرقم يتراوح ما بين 6.5 و9 مليارات دولار أميركي لإيران جرى تجميدها في بنوك بكوريا الجنوبية.
وقال تنهائي «تنوي إيران اتخاذ إجراء قانوني ضد هذا... إلا أن ذلك ليس طريقاً سهلاً ويستغرق وقتاً طويلاً».
وانخفضت واردات كوريا الجنوبية من النفط الإيراني إلى الصفر منذ مايو (أيار) 2019، عندما ألغت الولايات المتحدة إعفاءات سمحت لبعض الدول بمواصلة شراء النفط الإيراني دون الوقوع في مخالفة للعقوبات الأميركية، التي أعادت فرضها على إيران عام 2018 بعد انسحاب إدارة ترمب من الاتفاق النووي الإيراني.
والأربعاء، قال محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، لوكالة «بلومبرغ»، إن «أموالاً لها محتجزة تحت ضغط من الولايات المتحدة»، مضيفاً أن بلاده باستطاعتها اللجوء إلى إجراءات قانونية لم يسمها.
وزعم همتي أن الإجراءات التي اتخذتها بنوك في كوريا الجنوبية حالت دون استغلال إيران الأموال في شراء أغذية وأدوية؛ مواد تجارية معفاة من العقوبات الأميركية. وقال للوكالة: «من المروع رؤية البنوك الكورية تتخلى عن واجباتها بكل سهولة، وتتجاهل الاتفاقيات الدولية المالية، وتقرر إقحام نفسها في السياسة، والسير خلف عقوبات أميركية غير قانونية وانفرادية».
في وقت سابق من الشهر، أعلنت إيران استلامها أدوية بقيمة 500 ألف دولار من كوريا الجنوبية، بعد عامين من المفاوضات. في ذلك الوقت، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن الاتفاق حظي بموافقة واشنطن. وأشارت كذلك إلى أن كوريا الجنوبية عليها مستحقات متأخرة تقدر بحوالي 7 مليارات دولار عن نفط جرى تصديره إليها قبل أن تعيد إدارة ترمب فرض عقوبات ضد مبيعات النفط الخام الإيرانية، وفقا لـ«بلومبرغ».
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء الماضي، إن عائدات الحكومة تقلصت 50 ملياراً سنوياً جراء العقوبات الأميركية.



بزشكيان: إيران تحتاج إلى 100 مليار دولار استثماراً أجنبياً

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من اجتماع بزشكيان مع رئيس السلطة التشريعية محمد باقر قاليباف والسلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي مساء السبت
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من اجتماع بزشكيان مع رئيس السلطة التشريعية محمد باقر قاليباف والسلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي مساء السبت
TT

بزشكيان: إيران تحتاج إلى 100 مليار دولار استثماراً أجنبياً

صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من اجتماع بزشكيان مع رئيس السلطة التشريعية محمد باقر قاليباف والسلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي مساء السبت
صورة نشرتها الرئاسة الإيرانية من اجتماع بزشكيان مع رئيس السلطة التشريعية محمد باقر قاليباف والسلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي مساء السبت

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده تحتاج إلى نحو 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية لتحقيق هدف سنوي للنمو الاقتصادي بنسبة 8 في المائة، ارتفاعاً من المعدل الحالي البالغ 4 في المائة، لكنه رهن حل المشكلات الاقتصادية بتحسين العلاقات الخارجية.

وجاءت تصريحات مسعود بزشكيان، الذي انتُخب في يوليو (تموز)، في أول مقابلة تلفزيونية مباشرة له على التلفزيون الحكومي.

وأوضح بزشكيان أن «ما يقوله الخبراء والاقتصاديون أن إيران تحتاج لما يصل إلى 250 مليار دولار لتحقيق هدفها، لكن أكثر من نصف الأموال متاحة من الموارد المحلية»، لافتاً إلى أن مشكلات مثل عدم التوازن في الطاقة والضغط على المصانع تجعل الوصول إلى نسبة 8 في المائة أمراً صعباً.

وأضاف: «على أي حال، لتحقيق نسبة النمو هذه، نحتاج إلى استثمارات... كل الأموال التي لدينا في البلاد لا تتجاوز 100 مليار دولار، لذلك نحتاج إلى 100 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية، وهذا يعتمد على علاقاتنا مع الخارج، مع العالم، مع الجيران، ومع الإيرانيين في الخارج».

ويقول الخبراء إن النمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 في المائة من شأنه أن يقلل من معدلات التضخم والبطالة التي تتخطى 10 في المائة.

وتخضع مئات الكيانات والأشخاص في إيران - من البنك المركزي والمسؤولين الحكوميين إلى منتجي الطائرات من دون طيار وصرافي الأموال - بالفعل لعقوبات دولية، والعديد منهم متهمون بدعم «الحرس الثوري» الإيراني والجماعات المسلحة الأجنبية مثل «حماس» و«حزب الله» والحوثيين.

الجيران والعالم

واشتكى بزشكيان من العقوبات، وقال إن إدارته تخطط لخفض التضخم، الذي يزيد عن 40 في المائة سنوياً، «إذا حللنا مشاكلنا مع الجيران والعالم». وقال: «نحن بحاجة إلى حل الخلافات الداخلية، المشاكل مع الجيران ومع العالم. على أي حال، الاقتصاد مرتبط بالقضايا الخارجية»، ولم يذكر تفاصيل.

وسُئل بزشكيان عما إذا كانت حكومته ستنجح في خطوة خفض التضخم إلى 30 في المائة بحلول «عيد النوروز» في 21 مارس (آذار) المقبل، وأجاب: «هذا الهدف يعتمد على التطورات العالمية والمسائل الداخلية... في السياسة الخارجية يجب تقريب وجهات النظر المختلفة، وقد تفاوضنا حتى الآن مع نحو 40 دولة، ونحن بصدد توقيع اتفاقيات».

وأكد بزشكيان أن زيارته الأولى للخارج ستكون إلى العراق المجاور، ومن ثم سيسافر إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22-23 سبتمبر (أيلول).

وأشار إلى أنه خلال وجوده في نيويورك سيلتقي مع المغتربين الإيرانيين لدعوتهم للاستثمار في إيران. ومن بين أكثر من 8 ملايين مغترب إيراني، يعيش نحو 1.5 مليون إيراني في الولايات المتحدة.

وقال بزشكيان إن «العديد من الإيرانيين في الخارج لديهم مشاعر قوية تجاه إيران. لقد غادروا وهم غير راضين عنا، لكن يمكننا إقناع الكثير منهم بالعودة أو على الأقل الاستثمار في بلدهم».

ووعد بزشكيان بعدم مواجهة الإيرانيين في الخارج أي مشاكل أمنية إذا عادوا للبلاد، وقال: «شعار (إيران للجميع) الذي كنا نردده، يعني بالضبط. إيران ليست لفئة أو مجموعة أو جناح واحد... يجب أن نطمئنهم بأنهم إذا عادوا إلى إيران، فلن يتم فتح ملفات ضدهم، ولن يتعرضوا للإزعاج، ولن يُمنعوا من المغادرة».

بزشكيان في مقابلة مع التلفزيون الرسمي مساء السبت (الرئاسة الإيرانية)

التعامل مع الناس

وقال بزشكيان في جزء من تصريحاته: «نحن تحت عقوبات شديدة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا، لكن يجب أن نتعامل مع الناس بلطف... التعامل بلطف مع الناس وحل مشاكلهم لا علاقة له بالعقوبات».

وتواجه حكومة بزشكيان تحديات عديدة، على رأسها الوضع المعيشي المتدهور للإيرانيين. وقال: «نحن نعمل على حل مشاكل المعلمين والممرضين والصيادلة والمزارعين». وكان يشير بزشكيان ضمناً إلى إضرابات عمالية شهدتها أنحاء البلاد الأسبوع الماضي، على رأسها إضرابات عمال المصانع والممرضات.

وتعهد أيضاً بالمضي قدماً لتحقيق العدالة والمساواة، بما في ذلك بين الجنسين، والقوميات ومختلف المناطق الإيرانية. وقال: «نسعى لضمان حصول الناس من بلوشستان وكردستان وخوزستان (الأحواز) إلى طهران على خدمات متساوية في مختلف المجالات».

ووجّه انتقادات ضمنية إلى حكومة إبراهيم رئيسي، قائلاً: «قيل إننا ورثنا وضعاً جيداً، لكن المال ليس كافياً، لا أريد الشكوى، لكننا طلبنا من القيادة الإذن باستخدام جزء من الصندوق السيادي لتسوية بعض الديون». ومع ذلك، قال: «لا أريد انتقاد الماضي، فما حدث هو ما نراه الآن. أعتقد أنه ينبغي علينا في الوقت الحالي أن نتكاتف ونعمل بروح الوفاق والنظر إلى الأمام».

وذكرت وسائل إعلام إيرانية الأحد أن المرشد الإيراني وافق على طلب بزشكيان بخفض حصة الصندوق السيادي بنسبة 20 في المائة من موارد النفط والغاز، وستخصص الحكومة المبالغ المذكورة لسداد ديون مزارعي القمح وقضايا سائقي الشاحنات وتوفير بعض المواد الأخرى.

وحدد مشروع قانون ميزانية حصة صندوق التنمية السيادي من عائدات النفط والغاز بنسبة 45 في المائة، خلال العام الحالي.

وأدى بزشكيان، الذي يُنظر إليه على أنه إصلاحي، اليمين الدستورية الشهر الماضي، ووافق البرلمان على حكومته في وقت سابق من أغسطس (آب)، مع وعد بنبرة أكثر اعتدالاً داخل وخارج البلاد.

وتُوفي سلفه إبراهيم رئيسي، الذي يعتبر من المتشددين المقربين للمرشد علي خامنئي، وقد ترأس الحكومة في وقت كانت إيران تخصب اليورانيوم بالقرب من مستويات الأسلحة، في حادث تحطم مروحية في مايو (أيار)، إلى جانب سبعة أشخاص آخرين.

وعانى الاقتصاد الإيراني منذ عام 2018 بعدما انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من الاتفاق الذي يهدف إلى تقييد البرنامج النووي الإيراني، وفرض المزيد من العقوبات. وقال بزشكيان خلال حملته الرئاسية إنه سيحاول إحياء الاتفاق النووي.