تحفظ مصري ـ سوداني على «الورقة الإثيوبية» بشأن ملء «سد النهضة»

القاهرة تؤكد ضرورة قيام أديس أبابا بمراجعة موقفها... والخرطوم تدعو إلى «اتفاق مقبول»

سد النهضة في صورة تعود إلى ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة في صورة تعود إلى ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

تحفظ مصري ـ سوداني على «الورقة الإثيوبية» بشأن ملء «سد النهضة»

سد النهضة في صورة تعود إلى ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
سد النهضة في صورة تعود إلى ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

تحفظت مصر والسودان على «الورقة الإثيوبية» التي تضمنت رؤية أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل «سد النهضة»، وذلك عقب الجلسة الثالثة لاجتماع وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا عبر «الفيديو كونفرنس» بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا.
وبينما أكدت القاهرة «ضرورة أن تقوم إثيوبيا بمراجعة موقفها الذي (يعرقل) إمكانية التوصل لاتفاق»، دعت الخرطوم إلى «ضرورة التوصل لـ(اتفاق سريع ومقبول) للدول الثلاث قبل بدء إثيوبيا في عملية الملء الأول للسد مطلع يوليو (تموز) المقبل».
ومن المقرر أن «تُستأنف المفاوضات بين الدول الثلاث اليوم (السبت)»... ويشار إلى أنه بمبادرة من السودان، استأنف وزراء الري في الدول الثلاث (الثلاثاء) الماضي، مفاوضاتهم حول السد، بعد أن توقفت لمدة ثلاثة أشهر، واتفقوا على مواصلة اجتماعاتهم، ما عدا يومي الجمعة والأحد، للتوصل إلى توافق.
وحسب بيان لوزارة الموارد المائية والري في مصر مساء أول من أمس، فقد «أعربت مصر وكذلك السودان عن تحفظهما على (الورقة الإثيوبية)، لكونها تمثل تراجعاً كاملاً عن المبادئ والقواعد التي سبق أن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي؛ بل إهداراً لكل التفاهمات الفنية التي تم التوصل إليها في جولات المفاوضات السابقة.
وأكد بيان «الري» أن «مصر تؤكد استمرار تمسكها بالاتفاق الذي انتهى إليه مسار المفاوضات التي أُجريت في واشنطن؛ لكونه اتفاقاً منصفاً ومتوازناً، ويمكّن إثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية مع الحفاظ على حقوق دولتي المصب».
كما شددت مصر على «ضرورة أن تمتنع إثيوبيا عن اتخاذ أي إجراءات أحادية بالمخالفة لالتزاماتها القانونية، وبخاصة أحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 2015، لما يمثله هذا النهج الإثيوبي من تعقيد للموقف، قد يؤدي إلى تأزيم الوضع في المنطقة برمتها»، مؤكدةً «أهمية قيام إثيوبيا بالتفاوض بحسن نية، أسوةً بالنهج الذي تتبعه مصر منذ بدء المفاوضات، من أجل التوقيع على اتفاق عادل يراعي مصالح الجميع». كان قادة الدول الثلاث قد وقّعوا في مارس (آذار) 2015 اتفاق مبادئ يُلزمهم بالتوصل إلى توافق من خلال التعاون فيما يتعلق بالسد. ورفضت مصر والسودان في مايو (أيار) الماضي، مقترحاً إثيوبياً بتوقيع اتفاق جزئي للبدء بملء بحيرة السد. ويشكل السد مصدراً للتوتر في حوض نهر النيل منذ أن أطلقت إثيوبيا المشروع في عام 2011، وتقول أديس أبابا إن «السد مهم لاقتصادها. في حين تخشى مصر والسودان من أن «يؤثر السد على إمداداتهما من مياه النيل».
وتقول إثيوبيا إنها «تمضي قدماً في خطتها الرامية لبدء عملية ملء بحيرة السد في يوليو المقبل. لكن مصر «اعترضت على ذلك، خشية تراجع حصتها من مياه النيل على ضوء ضخامة المياه اللازمة لتعبئة البحيرة الصناعية التي تصل مساحتها إلى 246 كيلومتراً مربعاً وتتسع لأكثر من 74 مليار متر مكعب».
يأتي هذا في وقت، قالت وزارة الري والموارد المائية السودانية، أمس، إن «الأطراف الثلاثة بدأت في مناقشة وثائق الاتفاق المرجوّ، في أجواء سادها جدال محتدم حول العديد من القضايا الخلافية»، مؤكدة في بيان لها «ضرورة التوصل إلى (اتفاق سريع ومقبول) للدول الثلاث، قبل بدء إثيوبيا في عملية الملء الأول للسد»، موضحة أن «الدول الثلاث اتفقت في ختام جلسة أول من أمس (أي الجلسة الثالثة) على تبادل الرؤى إزاء القضايا الخلافية، بما يمكّن من تقريب وجهات النظر، وصولاً للتوافق بشأن تلك القضايا».
من جهته، قال وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، في تصريحات تلفزيونية، إن «نقاط الخلاف تتعلق بصورة غير مباشرة بحقوق الدول الثلاث في استخدام مياه النيل»، موضحاً أن «الخلاف حول بعض التفاصيل على الملء، في فترات الجفاف والجفاف الممتد، وفي طريقة التشغيل في الصورة العادية، وكذلك في جوهر الاتفاق نفسه وإلزاميته، وهل هو على الملء والتشغيل فقط، أم على تقاسم المياه بين الدول؟»، مضيفاً أن «السودان يؤمن بحق الدول في التنمية؛ لكن دون أن يكون سبباً في إحداث أضرار جسيمة للآخرين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.