مصادر لبنانية تفسر ارتفاع سعر الدولار بـ«تهريب» كميات كبيرة منه إلى سوريا

TT

مصادر لبنانية تفسر ارتفاع سعر الدولار بـ«تهريب» كميات كبيرة منه إلى سوريا

أظهر استقصاء لـ«الشرق الأوسط» أن تجاراً سوريين مارسوا ضغوطاً واضحة على طلب الدولار في الأسواق اللبنانية، وبما يفوق بكثير كميات السيولة المتوفرة لدى الصرافين. وكان بين التفسيرات أن الليرة السورية استعادت جزءاً من خسائرها القياسية التي تجاوزت 3000 ليرة للدولار من دون الارتكاز إلى عوامل موضوعية تضمن عدم انهيارها مجدداً. وتبعاً لندرة الدولار الورقي في سوريا، تحول جزء وازن إلى أسواق لبنان، خصوصاً في منطقتي البقاع والشمال الحدوديتين ومن دون مناقشة السعر المعروض، وذلك ضماناً للمدخرات قبل بدء تطبيق «قانون قيصر» الذي يطول مجمل العمليات التجارية والمالية مع سوريا.
ونقلت وكالة «أخبار اليوم» المحلية عن مرجع أمني لبناني سابق «أن ما تردد من معلومات عن تهريب كميات كبيرة من الدولارات إلى سوريا صحيح»، مبدياً خشيته من أن يكون مصير ضخ الدولارات من قبل مصرف لبنان لدعم الليرة مماثلاً، ما لم تقم الأجهزة الأمنية بملاحقات صارمة تكافح بموجبها التلاعب بالدولار.
وكشف المصدر عن وجود غرف «تخزن» فيها الدولارات التي تنقل بأساليب غير شرعية إلى سوريا، قائلاً: «هناك صرافون معروفون بالاسم والمكان في رياق وبعلبك وعنجر وشتورة في البقاع، أو حتى في بيروت يقومون بهذا الأمر، في حين أن الأجهزة الأمنية تلاحق (صغار المخالفين)».
وكان سعر الدولار لدى الصرافين «غير المرخصين» قد بدأ نهار الأربعاء الماضي قبل انهياره الاستثنائي عند هامش بين 4500 و5000 ليرة، فيما كانت العمليات لدى الصرافين المرخصين تسير وفقاً للمعادلة التي تم التوافق عليها مع الحكومة والبنك المركزي، إذا دأبوا على شراء العملة الخضراء بسعر 3890 ليرة، وتمنّعوا عن بيعها بسعر 3940 ليرة المعلن على واجهاتهم، بذريعة عدم توفرها.
ثم أخذت «كلمة سر» عبر وسائل التواصل، وبتزامن واضح أقفل الصرافون المرخصون محالهم تباعاً وفي جميع المناطق. فيما كانت تجري ملاحقات أمنية مكثفة لصرافي الطرقات والزوايا. وانتقلت المعلومات فوراً إلى ردهات المصارف وزبائنهم، ليتبين أن أسعار الدولار «أفلتت» من هوامشها المعتادة في الصعود اليومي، وأن حجم الطلب على الدولار تجاوز بأضعاف حجم الطلب المعتاد.
وأكدت مصادر متابعة أن المبادلات لم تتم بالأسعار الافتراضية التي ملأت أجهزة الهواتف الذكية. إنما جرت بأسعار راوحت بين 5200 و5500 ليرة لبنانية لكل دولار، أي بما يزيد بأكثر من ألف ليرة على المستويات السابقة. وهو ما أجج الشائعات عن كثافة «التدخل» السوري، وحجب أي عروض إضافية. وعززت ذلك تصريحات من مسؤولين محليين تحذر من بلوغ الدولار سقف 10 آلاف ليرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.