توقعات «قاتمة» للفيدرالي الأميركي تتضمن انكماشاً 6.5 %

تحسن في البطالة... لكن الملايين لا يزالون في أزمة

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن وتيرة التعافي الاقتصادي الأميركي «غير مؤكدة بشكل استثنائي» (أ.ب)
قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن وتيرة التعافي الاقتصادي الأميركي «غير مؤكدة بشكل استثنائي» (أ.ب)
TT

توقعات «قاتمة» للفيدرالي الأميركي تتضمن انكماشاً 6.5 %

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن وتيرة التعافي الاقتصادي الأميركي «غير مؤكدة بشكل استثنائي» (أ.ب)
قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن وتيرة التعافي الاقتصادي الأميركي «غير مؤكدة بشكل استثنائي» (أ.ب)

توقّع الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في تقديرات جديدة نشرت مساء الأربعاء، أن يتراجع إجمالي الناتج المحلّي الأميركي بنسبة 6.5 في المائة هذا العام بسبب جائحة كوفيد - 19 قبل أن ينمو بنسبة 5 في المائة في العام المقبل.
وقال المجلس في أحدث بيان له «أزمة الصحة العامة الحالية ستضغط بشكل كبير على النشاط الاقتصادي والتوظيف والتضخم في المدى القريب وتشكل مخاطر كبيرة على التوقعات الاقتصادية في المدى المتوسط».
وفي تقديراته السابقة التي نشرها في ديسمبر (كانون الأول)، أي قبل أزمة كوفيد - 19. توقّع الاحتياطي الفيدرالي أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2 في المائة هذا العام وبنسبة 1.9 في المائة في 2021.
وقبل تفشّي فيروس كورونا المستجدّ كان الاقتصاد الأكبر في العالم، والذي استفاد من إجراءات التحفيز المالي في 2018. بدأ يتباطأ ولكنّه كان ينمو بمعدّل سريع بالمقارنة مع بقية الدول المتقدّمة.
وفي تقديراته الجديدة توقّع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن يقفز معدّل البطالة في الولايات المتّحدة إلى 9.3 في المائة هذا العام، قبل أن يتراجع إلى 6.5 في المائة في 2021.
وفي فبراير (شباط) الماضي، قبل أن تؤدّي التدابير التي اتّخذت للحدّ من تفشّي كوفيد - 19 إلى شلل الاقتصاد الأميركي، بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة 3.5 في المائة في أدنى مستوى له منذ 50 عاماً. وفي تقديراته السابقة كان الاحتياطي الفيدرالي يتوقّع أن يبلغ معدل البطالة هذا العام 3.6 في المائة، وأن يحافظ على المعدّل نفسه في العام المقبل.
من جهة أخرى قرّر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، أي في نطاق يتراوح بين صفر وربع نقطة مئوية، مشيراً إلى أنّه لن يرفع سعر الفائدة ما لم يتعاف الاقتصاد من الأزمة. وأكّد المصرف المركزي الأميركي أنّه سيواصل استخدام كل الأدوات التي بحوزته و«سيتصرّف كما ينبغي من أجل دعم الاقتصاد».
ورغم أن البيان كرر في جانب كبير منه نبرة اجتماع أبريل (نيسان)، تعهد البنك لمركزي بالاستمرار في شراء السندات «بالوتيرة الحالية» البالغة نحو 80 مليار دولار شهريا من سندات الخزانة و40 مليار دولار شهريا من الأوراق المالية المدعومة برهون عقارية، في مؤشر على شروعه في صياغة استراتيجيته طويلة الأجل للتعافي الاقتصادي.
والتعهد بالإبقاء على التيسير النقدي حتى عودة الاقتصاد الأميركي إلى مساره يكرر تعهدا جاء في بدايات استجابة البنك المركزي لجائحة فيروس كورونا. وشملت تلك الاستجابة خفض سعر الفائدة الرئيسي لليلة واحدة إلى ما يقارب الصفر في مارس (آذار) وإتاحة ائتمان بتريليونات الدولارات للبنوك والشركات المالية وشريحة واسعة من الشركات.
وفي سياق مواز، أظهرت أرقام رسمية أمس أن عمليات تسريح الموظفين في الولايات المتحدة تشهد انحسارا، لكن الملايين الذين فقدوا وظائفهم بسبب كوفيد - 19 واصلوا الحصول على إعانات البطالة، مما يشير إلى أن سوق العمل قد تستغرق أعواما للتعافي من الجائحة حتى مع استئناف الشركات للتوظيف.
وقالت وزارة العمل الأميركية الخميس إن عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة انخفض إلى مستوى معدل في ضوء العوامل الموسمية عند 1.542 مليون في الأسبوع المنتهي في السادس من يونيو (حزيران)، من 1.897 مليون في الأسبوع السابق. ويدفع ذلك العدد الأولي للطبيات بعيدا عن مستوى قياسي قدره 6.867 مليون في أواخر مارس.
وكان خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم توقعوا أن يبلغ عدد الطلبات 1.55 مليون في أحدث أسبوع. لكن عدد الأشخاص الذين ما زالوا يتلقون إعانات بطالة ظل مرتفعا، إذ بلغ عدد ما يطلق عليه الطلبات المستمرة 20.929 مليون في الأسبوع المنتهي في 30 مايو (أيار)، وهي أحدث بيانات متاحة لذلك المعيار. وما زال ذلك الرقم يقل عن 21.268 مليون في الأسبوع السابق.



الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)
TT

الصين تدرس خفض اليوان في 2025 لمواجهة رسوم ترمب الجمركية

ورقة نقدية صينية (رويترز)
ورقة نقدية صينية (رويترز)

يدرس القادة والمسؤولون الصينيون السماح بانخفاض قيمة اليوان في عام 2025، في وقت يستعدون فيه لفرض الولايات المتحدة رسوماً تجارية أعلى، في ظل رئاسة دونالد ترمب الثانية.

وتعكس هذه الخطوة إدراك الصين أنها بحاجة إلى تحفيز اقتصادي أكبر، لمواجهة تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية مرتفعة، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات. وكان ترمب قد صرح سابقاً بأنه يخطط لفرض ضريبة استيراد عالمية بنسبة 10 في المائة، إضافة إلى رسوم بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وسيسهم السماح لليوان بالضعف في جعل الصادرات الصينية أكثر تنافسية، مما يساعد على تقليص تأثير الرسوم الجمركية ويساهم في خلق بيئة نقدية أكثر مرونة في الصين.

وقد تحدثت «رويترز» مع 3 مصادر على دراية بالمناقشات المتعلقة بخفض قيمة اليوان؛ لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لعدم تفويضهم بالحديث علناً حول هذه المسألة. وأكدت المصادر أن السماح لليوان بالضعف في العام المقبل سيكون خطوة بعيدة عن السياسة المعتادة التي تعتمدها الصين في الحفاظ على استقرار سعر الصرف.

وبينما من غير المتوقع أن يعلن البنك المركزي الصيني عن توقفه عن دعم العملة، فإنه من المتوقع أن يركز على منح الأسواق مزيداً من السلطة في تحديد قيمة اليوان.

وفي اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة التي تتخذ القرارات بين مسؤولي الحزب الشيوعي، هذا الأسبوع، تعهدت الصين بتبني سياسة نقدية «ميسرة بشكل مناسب» في العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تشهد فيها الصين تخفيفاً في سياستها النقدية منذ نحو 14 عاماً. كما لم تتضمن تعليقات الاجتماع أي إشارة إلى ضرورة الحفاظ على «استقرار اليوان بشكل أساسي»، وهو ما تم ذكره آخر مرة في يوليو (تموز)؛ لكنه غاب عن البيان الصادر في سبتمبر (أيلول).

وكانت سياسة اليوان محوراً رئيسياً في ملاحظات المحللين الماليين ومناقشات مراكز الفكر هذا العام. وفي ورقة بحثية نشرتها مؤسسة «China Finance 40 Forum» الأسبوع الماضي، اقترح المحللون أن تتحول الصين مؤقتاً من ربط اليوان بالدولار الأميركي إلى ربطه بسلة من العملات غير الدولارية؛ خصوصاً اليورو، لضمان مرونة سعر الصرف في ظل التوترات التجارية المستمرة.

وقال مصدر ثالث مطلع على تفكير بنك الشعب الصيني لـ«رويترز»، إن البنك المركزي يدرس إمكانية خفض قيمة اليوان إلى 7.5 مقابل الدولار، لمواجهة أي صدمات تجارية محتملة، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة 3.5 في المائة تقريباً عن المستويات الحالية البالغة 7.25.

وخلال ولاية ترمب الأولى، ضعُف اليوان بنسبة تزيد على 12 في المائة مقابل الدولار، خلال سلسلة من إعلانات الرسوم الجمركية المتبادلة بين مارس (آذار) 2018، ومايو (أيار) 2020.

اختيار صعب

قد يساعد ضعف اليوان ثاني أكبر اقتصاد في العالم على تحقيق هدف نمو اقتصادي صعب بنسبة 5 في المائة، وتخفيف الضغوط الانكماشية عبر تعزيز أرباح الصادرات، وجعل السلع المستوردة أكثر تكلفة. وفي حال تراجع الصادرات بشكل حاد، قد يكون لدى السلطات سبب إضافي لاستخدام العملة الضعيفة كأداة لحماية القطاع الوحيد في الاقتصاد الذي لا يزال يعمل بشكل جيد.

وقال فريد نيومان، كبير خبراء الاقتصاد في آسيا، في بنك «إتش إس بي سي»: «من الإنصاف القول إن هذا خيار سياسي. تعديلات العملة مطروحة على الطاولة كأداة يمكن استخدامها لتخفيف آثار الرسوم الجمركية». وأضاف أنه رغم ذلك، فإن هذا الخيار سيكون قصير النظر.

وأشار نيومان إلى أنه «إذا خفضت الصين قيمة عملتها بشكل عدواني، فإن هذا يزيد من خطر فرض سلسلة من الرسوم الجمركية، ويُحتمل أن تقول الدول الأخرى: إذا كانت العملة الصينية تضعف بشكل كبير، فقد لا يكون أمامنا خيار سوى فرض قيود على الواردات من الصين بأنفسنا». وبالتالي، هناك مخاطر واضحة من استخدام سياسة نقدية عدوانية للغاية؛ حيث قد يؤدي ذلك إلى رد فعل عنيف من الشركاء التجاريين الآخرين، وهو ما لا يصب في مصلحة الصين.

ويتوقع المحللون أن ينخفض اليوان إلى 7.37 مقابل الدولار بحلول نهاية العام المقبل. ومنذ نهاية سبتمبر، فقدت العملة نحو 4 في المائة من قيمتها مقابل الدولار.

وفي الماضي، تمكن البنك المركزي الصيني من احتواء التقلبات والتحركات غير المنظمة في اليوان، من خلال تحديد معدل التوجيه اليومي للأسواق، فضلاً عن تدخل البنوك الحكومية لشراء وبيع العملة في الأسواق.

وقد واجه اليوان -أو «الرنمينبي» كما يُسمَّى أحياناً- صعوبات منذ عام 2022؛ حيث تأثر بالاقتصاد الضعيف، وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي إلى الأسواق الصينية. كما أن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة، إلى جانب انخفاض أسعار الفائدة الصينية قد ضاعفت من الضغوط على العملة.

وفي الأيام القادمة، ستناقش السلطات الصينية التوقعات الاقتصادية لعام 2025، بما في ذلك النمو الاقتصادي والعجز في الموازنة، فضلاً عن الأهداف المالية الأخرى، ولكن دون تقديم استشرافات كبيرة في هذا السياق.

وفي ملخصات مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي CEWC)) لأعوام 2020 و2022 و2023، تم تضمين التعهد بـ«الحفاظ على الاستقرار الأساسي لسعر صرف الرنمينبي عند مستوى معقول ومتوازن». إلا أنه لم يُدرج في ملخصات المؤتمر لعامي 2019 و2021.

ويوم الثلاثاء، انخفضت العملة الصينية بنحو 0.3 في المائة إلى 7.2803 مقابل الدولار. كما انخفض الوون الكوري، وكذلك الدولار الأسترالي والنيوزيلندي الحساسان للصين، في حين لامس الدولار الأسترالي أدنى مستوى له في عام عند 0.6341 دولار.