نذر حرب شوارع في صنعاء بين أجنحة الانقلابيين

جانب من تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

نذر حرب شوارع في صنعاء بين أجنحة الانقلابيين

جانب من تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

زادت حدة الصراعات بين أجنحة الميليشيات الحوثية والمقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وسط توقعات بأنها باتت تنذر بحرب شوارع وشيكة في صنعاء.
يعود هذا الصراع إلى محاولة «حسم السيطرة على عقارات وأراضٍ لحزب (المؤتمر الشعبي العام)» حسبما أفادت به مصادر مطلعة في صنعاء «الشرق الأوسط».
وذكرت المصادر أن الصراع بات أكثر وضوحاً بين جناحين بارزين في الجماعة، على خلفية استيلاء محمد علي الحوثي؛ وهو القيادي البارز وابن عمّ زعيم الميليشيات، على أكثر من 3 آلاف لبنة من أراضي وممتلكات حزب «المؤتمر الشعبي» في حي الروضة شمال العاصمة، بعد نجاحه في ممارسة الضغط والابتزاز على قيادة الحزب للتنازل عنها وبيعها له بأقل من سعرها (اللبنة الواحدة تساوي 44 متراً مربعاً).
وقالت المصادر المطلعة على ما يدور في أروقة حكم الانقلاب إن عملية شراء محمد علي الحوثي الأراضي المملوكة لحزب «المؤتمر» وضمها إلى قائمة ممتلكاته، أثارت حفيظة عدد من القيادات البارزة في الجماعة؛ على رأسهم شقيق زعيم الميليشيات يحيى بدر الدين الحوثي، الذي شنّ، في اجتماع ضم قيادات حوثية حديثاً برئاسة مهدي المشاط رئيس ما سمي «المجلس السياسي» للانقلابيين بصنعاء، هجوماً عنيفاً على الأول، متهماً إياه بمحاولة تكوين ثروة وجاه وسلطة على حساب تدمير ما سماها «المسيرة الحوثية» من الداخل.
وأكدت المصادر أن يحيي الحوثي ومعه قيادات أخرى قدموا أثناء اجتماعهم مع المشاط قائمة تتضمن عدداً من التجاوزات والممارسات التي أقدم عليها محمد علي الحوثي بهدف تقويض حكم وسلطة الجماعة، بالإضافة إلى قائمة أخرى بإجمالي الأراضي والممتلكات والعقارات التي قام بنهبها أو شرائها وإدراجها ضمن ممتلكاته الخاصة، بما في ذلك تلك التي قيدها بأسماء عدد من أتباعه والمقربين منه.
وأشارت المصادر إلى أن من بين قيادات الجماعة التي تقف داعمة ليحيي الحوثي ضد خصومه من الجماعة، صادق أبو شوارب ومحمد البخيتي وبشكل خفي مهدي المشاط، مع قيادات أخرى من صعدة وعمران وصنعاء. في حين كشفت عن أن تلك القيادات تجري تنسيقاتها حالياً لضم قيادات حوثية أخرى إلى صفوفها بهدف ترتيب لقاء مع زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لإطلاعه من كثب على فساد وانتهاكات وتجاوزات ابن عمه محمد علي الحوثي.
ويسعى القيادي أحمد حامد - بحسب المصادر - وهو المعيّن من قبل الجماعة مديراً لمكتب رئاسة حكم الانقلاب والمحسوب على جناح محمد علي الحوثي، إلى إفشال ما سماها «المخططات والتآمرات» التي تحاك ضد حليفه.
وأكدت المصادر أن النزاع بين قادة الصف الأول للجماعة بات جلياً بشكل كبير، خصوصاً أنه رافقه نشوب اشتباكات مسلحة وتهديدات واغتيالات وسعي كل جناح لجمع الولاءات والتحشيدات، مع احتمالية اندلاع مواجهات قد تحول شوارع وأحياء صنعاء ومدناً يمنية أخرى إلى ساحات حرب وتصفية حسابات بين الأجنحة الحوثية المتصارعة ذاتها.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»؛ فإن صراع الجماعة على النفوذ والمال والسلطة بات ينحصر بين جناحين؛ الأول يتزعمه يحيى الحوثي وزير التربية في حكومة الجماعة الانقلابية ويقف إلى جانبه كل من مهدي المشاط وعبد الكريم الحوثي عمّ زعيم الميليشيات والمعيّن وزيراً للداخلية، وقيادات أخرى منها محمد البخيتي وأبو شوارب وضيف الله الشامي... وغيرهم. في حين يمثل الجناح الثاني، محمد علي الحوثي ومعه القيادي أبو علي الحاكم وأحمد حامد، إلى جانب مجموعة كبيرة من القيادات العسكرية والسياسية والقبلية.
ومع اشتداد هذه النزاعات والانقسامات بين جناحي الميليشيات، كانت ازدادت في الآونة الأخيرة عمليات النهب والسطو المسلح على الأراضي والممتلكات في صنعاء ومحيطها ومناطق يمنية أخرى من قبل قيادات نافذة في الجماعة.
في السياق نفسه؛ كشفت مصادر قبلية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بروز صراع ثلاثي بين قادة بارزين في الجماعة قبل أقل من شهر بسبب تنافسهم على نهب أراضٍ حكومية بصنعاء تصل قيمتها إلى 20 مليار ريال (الدولار يساوي نحو 600 ريال يمني).
وتحدثت المصادر عن استمرار تلك الخلافات بين القيادات الحوثية رغم تدخل زعيم الجماعة لوضع حل لها، خصوصاً بعد أن كانت اندلعت أواخر مايو (أيار) الماضي اشتباكات عنيفة بين الأطراف الثلاثة ضمن مسعى كل طرف للسيطرة على الأرض الواقعة خلف السفارة القطرية في منطقة سعوان شرق العاصمة.
وكشف مسؤول سابق في أراضي وعقارات الدولة عن أن صراع اللوبي الحوثي على تلك الأراضي المنهوبة كان قد بدأ قبل 4 أشهر، ثم عاد ليتجدد أثناء عملية بدء أحد الأطراف عملية تسويرها.
وبسبب صراع الجماعة على النفوذ والمال والسلطة، كانت اندلعت في 25 فبراير (شباط) الماضي اشتباكات عنيفة في محيط صنعاء بين مسلحين محسوبين على أجنحة الصراع الحوثية، كما اندلعت في اليوم ذاته اشتباكات أخرى أشد عنفاً في منطقة الأصبحي بصنعاء أثناء محاولات السطو على قطعتي أرض في المنطقتين.
وقبلها بفترة وجيزة كانت دبت خلافات قوية بين قيادات بارزة في الجماعة، المسنودة من طهران، حول مبلغ 380 مليون ريال (الدولار يساوي نحو 600 ريال) كانت قد رصدت لمسابقة إعلامية وهمية، حيث تمكن حينها وزير الإعلام بحكومة الانقلابيين المدعو ضيف الله الشامي من الحصول على المبلغ على أنه دعم من حكومة الميليشيات وتبرعات من تجار ورجال أعمال لإقامة مسابقة باسم «فرسان الإعلام».
وبرر الوزير الحوثي المسابقة باستقطاب الكفاءات والكوادر الإعلامية المبدعة للعمل في وسائل الإعلام التابعة للانقلابيين، غير أنّ الأموال الكبيرة التي جمعت للمسابقة، أقحمت القيادي الحوثي الشامي في خلافات مع القيادي الحوثي النافذ أحمد حامد الذي سعى بدوره لتكون المسابقة تحت إشراف مكتبه بوصفه المشرف على ما تسمى «الهيئة الإعلامية» التابعة للجماعة، والتي تملك وسائل إعلامية تلفزيونية وإذاعات وصحفاً ومواقع، فيما يرى الشامي أن المشروع جاء من وزارته.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.