إيطاليا تفتح الباب لمحاسبة المسؤولين عن إدارة أزمة «كورونا»

النيابة العامة تسائل وزراء عن تأخرهم في إعلان بيرغامو منطقة حمراء

أهالي ضحايا «كوفيد - 19» في بيرغامو يتحدثون للصحافة عن دعوى رفعوها ضد الحكومة الأربعاء (د.ب.أ)
أهالي ضحايا «كوفيد - 19» في بيرغامو يتحدثون للصحافة عن دعوى رفعوها ضد الحكومة الأربعاء (د.ب.أ)
TT

إيطاليا تفتح الباب لمحاسبة المسؤولين عن إدارة أزمة «كورونا»

أهالي ضحايا «كوفيد - 19» في بيرغامو يتحدثون للصحافة عن دعوى رفعوها ضد الحكومة الأربعاء (د.ب.أ)
أهالي ضحايا «كوفيد - 19» في بيرغامو يتحدثون للصحافة عن دعوى رفعوها ضد الحكومة الأربعاء (د.ب.أ)

منذ بداية انتشار «كوفيد - 19» في أوروبا من مقاطعات الشمال الإيطالية أواخر فبراير (شباط) الماضي، كانت إيطاليا سبّاقة في معظم تدابير مكافحة الوباء واحتوائه، وأيضا في ردود الفعل الاجتماعية لرفع المعنويات التي كانت تنهار مع ارتفاع عدد الإصابات والوفيّات وأمام المشاهد المأساوية التي كانت تتعاقب يوميّاً على الشاشات. وها هي اليوم تنضم إلى فرنسا في فتح الباب أمام المحاسبة القانونية للمسؤولين الذين تولّوا إدارة الأزمة، وأمسكوا بزمام قراراتها والتدابير التي فُرضت لاحتوائها.
أوّل المسؤولين الذين سيخضعون لهذه المحاسبة هو رأس السلطة التنفيذية ورئيس الحكومة جيوزيبي كونتي، الذي سيمثل اليوم الجمعة أمام قضاة النيابة العامة من بيرغامو الذين وصلوا مساء أمس الخميس إلى روما، بعد أن قررت السلطات القضائية في تلك المدينة قبول الدعوى التي رفعها العشرات من ذوي ضحايا الوباء للمطالبة بمحاسبة المسـؤولين عن عدم إعلان المدينة وجوارها «منطقة حمراء» وعزلها في ذروة انتشار الوباء. وكانت تقارير الخبراء قد أكدت أنه كان بالإمكان إنقاذ المئات لو تمّ عزل المدينة في الوقت المناسب، وعدم الرضوخ للضغوط التي مارسها أصحاب المؤسسات والمصانع لمواصلة الحركة الإنتاجية.
ومن المنتظر أن يمثل أيضا أمام النيابة العامة وزير الصحة روبرتو سبيرانزا، ووزيرة الداخلية لوتشيانا لامورغيزي، للإدلاء بالشهادة بصفتهما من الأشخاص المطّلعين على وقائع الأحداث، لكن من غير توجيه أي تهمة إليهم في هذه المرحلة.
وتقول مصادر النيابة العامة إن هذه المرحلة الأولى ستقتصر على تجميع المعلومات والاستماع إلى الشهود من مسؤولين إقليميين ومركزيين وذوي الضحايا، تمهيداً لتحديد الجهات التي ستوجّه إليها التهم في المرحلة التالية. ويقول الخبراء إن هذه الخطوة التي أقدم عليها القضاء الإيطالي تفتح الباب في أوروبا أمام محاكمة المسؤولين السياسيين عن إدارة الأزمة التي أوقعت حتى الآن ما يزيد عن 34 ألف ضحية في إيطاليا وأكثر من 185 ألفا في أوروبا.
وستطلب النيابة العامة من أعضاء الحكومة الإجابة عن الأسئلة حول الأسباب التي حدت بهم إلى عدم إعلان المدينة وجوارها «منطقة حمراء» رغم تحوّلها إلى بؤرة انتشار رئيسية للوباء، وما إذا كانوا قد خضعوا للضغوط التي مارستها جهات اقتصادية ضد توجيهات اللجنة العلمية وتوصياتها. وفي أوّل تعليق له على مثوله اليوم أمام النيابة العامة، قال رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي: «لست قلقاً، فالمواطنون من حقّهم أن يعرفوا ومن واجبنا أن نجيب عن الأسئلة».
وتجدر الإشارة إلى أنه عندما رُصدت الإصابة الإيطالية الأولى بـ«كوفيد - 19» في 21 فبراير (شباط) الماضي في بلدة «كودونيو»، فرضت الحكومة العزل التام في اليوم التالي على إحدى عشرة بلدة مجاورة في إقليمي لومبارديّا وفينيتو، لكنها لم تفرضه على بيرغامو والبلدات المحيطة بها حيث يوجد عدد كبير من المصانع الكبيرة التي تشكّل العمود الفقري للصناعة في إقليم لومبارديّا المحرّك الرئيسي للاقتصاد الإيطالي. وقد استمرّت الحركة الإنتاجية في تلك المنطقة طوال ثلاثة أسابيع كان الضحايا يسقطون خلالها بالمئات في مدينة بيرغامو ومحيطها، ولم يُفرض العزل عليها إلا في 12 مارس (آذار). وكانت معلومات قد أفادت أن الحركة الإنتاجية استمرّت في مصانع عديدة من تلك المنطقة حتى بعد قرار الحكومة الإيطالية عزل البلاد بكاملها ووقف النشاط الاقتصادي.
ويقول لوكا فوسكو، الناطق بلسان ذوي ضحايا «كوفيد - 19» في بيرغامو، والذي فقد والده ولم يتمكّن من دفنه: «طوال 15 يوماً واصلنا التنقّل والعمل وشرب القهوة،، فيما كان الفيروس يتجوّل بصمت بيننا. ولو أن السلطات المسؤولة قررت عزل المنطقة منذ بداية الانتشار، لما كنّا اضطررنا لإقفال لومبارديّا وإيطاليا بكاملها». ويؤكد ذوو الضحايا أن الضغوط التي مارستها المؤسسات الصناعية على السلطات الإقليمية والمركزية هي التي حالت دون عزل المنطقة في الوقت المناسب.
ويثير هذا الموضوع منذ أسابيع مواجهة بين الحكومة المركزية والسلطات الإقليمية التي تتذرّع بأنها لم تكن تملك الصلاحيات لعزل المنطقة بعد إعلان حالة الطوارئ، وحصر جميع الصلاحيات بيد السلطة المركزية. لكن روما من جهتها تعتبر أن الحكومة الإقليمية كان بوسعها عزل المناطق الموبوءة لو أرادت ذلك.
ويُذكر أنه في الأيام الأولى لانتشار الوباء في الشمال الإيطالي، قام العديد من المسؤولين المحليين الذين ينتمون إلى حزب الرابطة اليميني المتطرف، خاصة في ميلانو وبيرغامو، بحملة واسعة ضد إجراءات العزل داعين إلى مواصلة الحياة الطبيعية وعدم وقف عجلة الاقتصاد والأنشطة الاجتماعية.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.