انتقادات تركية لـ«ميليشيا إردوغان» بعد إقرار «حراس الأحياء»

بوادر أزمة جديدة بين أنقرة وواشنطن على خلفية تقرير الحريات الدينية

رئيس حزب {الشعب الجمهوري} كمال كليتشدار أوغلو (أ.ف.ب)
رئيس حزب {الشعب الجمهوري} كمال كليتشدار أوغلو (أ.ف.ب)
TT

انتقادات تركية لـ«ميليشيا إردوغان» بعد إقرار «حراس الأحياء»

رئيس حزب {الشعب الجمهوري} كمال كليتشدار أوغلو (أ.ف.ب)
رئيس حزب {الشعب الجمهوري} كمال كليتشدار أوغلو (أ.ف.ب)

وافق البرلمان التركي أمس (الخميس) على مشروع قانون «حراس الأحياء والأسواق الشعبية» وسط غضب شديد من جانب المعارضة التي ترى أن هؤلاء الحراس سيتحولون إلى ميليشيا أو جيش خاص للرئيس رجب طيب إردوغان على غرار الحرس الثوري الإيراني لحمايته. بينما بدأت حركة انشقاقات داخل صفوف حزب «الحركة القومية» المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم احتجاجا على استمرار التحالف. وفي الوقت ذاته تجمعت بوادر أزمة جديدة بين أنقرة وواشنطن على خلفية تقرير الحريات الدينية للعام 2019 الذي انتقد القيود التي تفرضها تركيا على الأقليات الدينية على أراضيها.
ويمنح القانون الجديد حراس الأحياء والأسواق الشعبية الصلاحيات نفسها التي يتمتع بها رجال الشرطة.
وأصبح بإمكان حراس الأحياء الذين يبلغ عددهم حاليا 28 ألف شخص، ينتظر أن يرتفع إلى 200 ألف بعد القانون الجديد، بموجب مادتين أضافهما حزب العدالة والتنمية الحاكم، بحيازة واستخدام أسلحة نارية في حالة الضرورة واعتراض الأفراد للتدقيق في هوياتهم أو تفتيشهم، وهو ما أثار رفض المعارضة.
وأكد حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يرأسه إردوغان والذي طرح مشروع القانون بالتنسيق مع حليفه حزب الحركة القومية، أن القواعد الجديدة ستسمح للحراس بمساعدة قوات حفظ النظام (الشرطة وقوات الدرك) بفاعلية أكبر، عبر إحباط محاولات السرقة ومنع وقوع اعتداءات في الشوارع، لكن المعارضة تقول إن إردوغان يسعى إلى إنشاء جيش خاص موال له، وذهب البعض إلى رغبته في تشكيل «ميليشيات في الشوارع» أو نموذج يشبه الحرس الثوري في إيران لتأمينه.
وشهد البرلمان التركي نقاشات حادة خلال مناقشة مشروع القانون، ووصل الأمر إلى اشتباكات وعراك بالأيدي، خلال جلسة صاخبة يوم الثلاثاء الماضي، وتعرض أوزجور أوزال، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري لهجوم باللكمات في جلسة البرلمان، الثلاثاء الماضي، على يد نواب من حزب الحركة القومية تحت زعم أن نواب حزب الشعب الجمهوري أظهروا تباطؤا في التصويت على القانون المثير للجدل، ما جعل رئيس حزبهم دولت بهشلي ينتظر لوقت طويل.
الأوساط السياسية في تركيا اعتبرت أن الحراس الذين تم توظيفهم تحت ذريعة الحفاظ على النظام العام، ستكون مهمتهم فقط الحفاظ على أمن القصر الرئاسي مثلما هي وظيفة الحرس الثوري الإيراني أو الحرس الجمهوري في العراق في زمن الرئيس الراحل صدام حسين.
وقال النائب السابق بحزب العدالة والتنمية مصطفى ينار أوغلو، الذي انتقل إلى حزب «الديمقراطية والتقدم» برئاسة نائب رئيس الوزراء الأسبق علي باباجان إن «السلطات الممنوحة للحراس خاطئة جدا... مجالات التنفس في المجتمع تزداد ضيقاً يوماً بعد يوم، فإعطاء سلطات الشرطة، مثل استخدام الأسلحة، والتوقيف، والبحث والتفتيش عن الهوية، في يد أشخاص لم يحظوا بتعليم أو تدريب كافٍ؛ سيؤدي إلى انتهاكات صارمة لحقوق الإنسان».
في سياق متصل، تقدم عدد كبير من أعضاء حزب الحركة القومية باستقالات من الحزب بسبب رفضهم استمرار تحالف «الشعب» مع حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة إردوغان.
وتشهد فروع تابعة لحزب الحركة القومية بعض التحركات خلال الفترة الأخيرة، بعد إعلان يلماظ جونيش، رئيس فرع الحزب في قضاء سرين حصار التابع لولاية دنيزلي (غرب) استقالته من الحزب، وفعل الأمر نفسه عضو مجلس إدارة بلدة بولدان بالولاية نفسها، مليح بيوك درة.
وشهدت ولاية كهرمان ماراش (جنوب) عددا من الاستقالات، حيث تقدم رئيس فرع الحزب بقضاء «12 شباط»، مفيد دال، باستقالته من الحزب، وتقدم رئيس فرع الحزب بمقاطعة «أفشين» التابعة للولاية ذاتها، أرصال كوتش، باستقالته بعد 5 سنوات من شغله منصبه. وأشارت مصادر الحزب إلى أن السبب وراء تلك الموجة الكبيرة من الاستقالات هو التحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي ما زال غير مقبول لدى قطاع عريض من قواعد الحزب، حيث يرون أن حزب إردوغان يستغل حزبهم في البرلمان من أجل تمرير القوانين التي يريدها.
وانتقد رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو ما وقع في البرلمان من اعتداءات من جانب نواب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية الحاكم، قائلا: «دخلنا مرحلة أصبح الفرد فيها لا يتقبل الديمقراطية وعاجزا عن إبداء وجهة نظره أمام الانتقادات الموجهة إليه».
على صعيد آخر، تجمعت بوادر أزمة جديدة بسبب انتقادات الولايات المتحدة للقيود التي تمارسها تركيا على الأقليات الدينية على أراضيها كما ورد في تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي بشأن الحرية الدينية حول العالم خلال العام 2019 الذي عرضه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى جانب السفير المتجول للولايات المتحدة من أجل الحرية الدينية الدولية، سام براونباك، في مؤتمر صحافي أول من أمس الأربعاء، حيث قال إن الأقليات المنتمية للديانتين اليهودية والمسيحية في تركيا تتعرض لعدد من الصعوبات في عموم البلاد.
ونبه التقرير إلى حظر دخول المسيحيين التابعين للكنائس البروتستانتية تركيا، وعدم منحهم إقامات وكذلك معاناة الكنائس في القيام بأنشطتها بكل حرية.
ولا يتجاوز عدد المسيحيين في تركيا نسبة واحد بالمائة من السكان، غير أن مسيحيي الروم الأرثوذكس يواجهون بشكل خاص مشكلات عدة.
وانتقدت تركيا الجزء المتعلق بها في التقرير قائلة إنه «يتضمن مزاعم لا مصادر لها، وبعيدة عن الموضوعية». وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أكصوي، في بيان أمس (الخميس)، إن تركيا خلال السنوات العشرين الماضية، قطعت خطوات مهمة لتطوير وحماية حقوق المواطنين غير المسلمين ولتعزيز التسامح والتفاهم المتبادل في البلاد.
من جانبه، وصف وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في مقابلة تلفزيونية أمس، التقرير الأميركي بـ«المأساة».



توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.