سنوات السينما: الناصر صلاح الدين

أحمد مظهر في «الناصر صلاح الدين»
أحمد مظهر في «الناصر صلاح الدين»
TT

سنوات السينما: الناصر صلاح الدين

أحمد مظهر في «الناصر صلاح الدين»
أحمد مظهر في «الناصر صلاح الدين»

الناصر صلاح الدين
‪(‬1963‪)‬ (جيد)

‫ احتل «الناصر صلاح الدين» للمخرج يوسف شاهين مستويات عدّة من الأهمية في تاريخ السينما المصرية. إنتاجياً، كان الأعلى تكلفة. موّلته المنتجة آسيا داغر التي قالت ليوسف شاهين أكثر من مرّة «خربت بيتي». فنياً، تم حشد عدد كبير من أشهر ممثلي الفترة: أحمد مظهر (في دور صلاح الدين الأيوبي) وصلاح ذو الفقار ونادية لطفي وحمدي غيث وليلى فوزي وعمر الحريري ومحمود المليجي وزكي طليمات وليلى طاهر. ‬
إلى جانب هؤلاء عدد وفير من الممثلين المساندين المشهود لهم بالإجادة: صلاح نظمي وتوفيق الدقن وأحمد لوكسر وحسين رياض وسامية محسن وإبراهيم عمارة.
لكن المستوى الأهم هو سياسي: الفيلم تم في الفترة الناصرية حيث كان التوجه هو إبراز حق العرب في فلسطين والقدس تحديداً وإظهار تضامن العرب بصرف النظر عن تعدد الديانات كما تعزيز صورة المحارب العربي في مواجهة صورة المحارب الغربي. كذلك تقديم مبدأ أن صلاح الدين كان يحارب استعماراً غربياً جاء باسم الدين ولم يكن يحارب الدين المسيحي ذاته.
هذا ما يجسده فيلم يوسف شاهين الذي يبدأ لأكثر من نصف ساعة بداية متوعكة كتنفيذ. تخَاله سيتحوّل إلى واحد من تلك الأفلام التاريخية التي تنص على الخيول المتسارعة والسيوف المسلولة والقليل من أي شيء آخر.
أساساً، لا يخلو فيلم تاريخي عربي، مثل «وا إسلاماه» و«فجر الإسلام» و«ظهور الإسلام» و«الصقر» وصولاً إلى الفيلم العراقي الإنتاج «القادسية» (1983)، من نقاط ضعف عديدة لا في الغايات النبيلة، بل في كيفية طرح وتنفيذ هذه الغايات. هناك ركاكة في العديد من أفلام التاريخ العربي تعود إلى عدم كفاءة المنتج إذ لم يوفر متطلبات هذا الفيلم أو ذاك، أو عدم كفاءة المخرج الذي حوّل العمل إلى مشاهد كر وفر ومواقف وشخصيات منمّطة.
بداية «الناصر صلاح الدين» تدفع بالمرء للاعتقاد أن هذا الفيلم الحاشد سيستمر على هذا النحو وأن يوسف شاهين الذي عرفناه كأحد أهم مخرجي السينما العربية لم يكن الاختيار الصحيح لمثل هذا الفيلم. لكن إذا لم يكن شاهين المخرج الصحيح فإن قّلة في السينما المصرية خصوصاً تجيد هذا النوع من الأعمال وإذ تفعل فإن نتائجها لا تخلو من الشوائب.
الوضع يتحسن لاحقاً. بعد نحو ساعة من الفيلم الذي بلغت مدة عرضه ثلاث ساعات يقع تغيير صارم في منهج معالجة شاهين للفيلم. ذلك التحوّل يأتي مع إفساح المجال للدراما على حساب مشاهد المعارك، ومع دخول حمدي غيث، في دور الملك ريتشارد قلب الأسد، إلى أحداث الفيلم.
يبني شاهين علاقة هو دائماً ما برع فيها بين رجلين يتجابهان كل منهما يكاد يكون صورة من الآخر. صلاح الدين ضد ريتشارد قلب الأسد. هذا التداول بين الشخصيتين لا يمنع من إظهار المحيط الخاص بكل منهما وكيف استولت المصالح الذاتية على القادة في المعسكر الأوروبي وخطط اغتيال ريتشارد قلب الأسد ودفعه للحرب عندما جنح للهدنة.
المادة وفيرة ويشحنها المخرج بلقطات رمزية متعددة ثم لديه ذلك الفصل الذي يسرد فيه مشهدين كل منهما يدور في أحد المعسكرين لكنه يضعهما جنباً إلى جنب ويقطع بينهما لتأكيد الخلاف في الثقافات والأخلاقيات.
للأسف، ورغم سعي الجميع أمام الكاميرا للبذل، هناك تفاوت في القدرات والأسوأ الانتقال الدائم ما بين الفصحى واللكنة المصرية كلما فشل الممثل في الإلقاء. أحياناً يبدو الأداء كما لو أنه مُلقى من وراء الميكروفون. الحوارات في أكثر من موقع جامدة لا حياة فيها.
أحمد مظهر جيد في الدور لكن الأفضل (إلقاء وأداء) حمدي غيث. هو نجم الفيلم كموهبة تمثيل خارقة.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».