في الوقت الذي كان فيه عشرات المتظاهرين من اليمين الإسرائيلي يهتفون خلال مظاهرة في القدس الغربية «ألمانيا: لا تتدخلي في شؤوننا»، و«ألمانيا لن تقرر لنا»، أعلن وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، أمس (الأربعاء)، أن بلاده تعتبر القرار الإسرائيلي بضم أراض من الضفة الغربية «أمراً مخالفاً للقانون الدولي وخارقاً لاتفاقيات السلام».
وأعرب ماس الذي وصل إلى إسرائيل صباح أمس، عن قلق بلاده من مخطط الضم، وقال لدى ظهوره معية وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، غابي أشكنازي، إنه لم يأت لكي يهدد أو يحذر أو يوبخ، بل جاء ليسمع ويفهم وينصح. وأضاف «كصديق لإسرائيل، أنا قلق. وقد عرضت على القادة الإسرائيليين موقف حكومتنا من هذا المخطط (الضم)، وقلنا إنه يتعارض مع القانون الدولي، ويهدد بنسف عملية السلام برمتها ويجعل من حل الدولتين، الذي نؤيده ونعتبره أفضل الحلول، حلاً غير واقعي وغير عملي، وهذا ما يقلقنا».
وكان ماس يتكلم والصحافيون يسمعونه، ويسمعون كذلك صراخ المتظاهرين، الذين نظمتهم حركة «إم ترتسو» وجلبت معهم بعض العائلات اليهودية التي فقدت أبناءها من جراء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ورد أشكنازي على الوزير الألماني، بالقول «بداية، لا توجد خرائط حتى الآن. وفي خطة الرئيس ترمب تم رسم خريطة بالمفهوم العام، لكن لا توجد خريطة مفصلة يمكن اعتمادها. ونحن متفاهمون مع الأميركيين على وضع خرائط تفصيلية دقيقة توضح أين سيكون كل بيت وكل شارع وكل مستوطنة.
والأهم، هو أننا نؤيد خطة (صفقة القرن) الأميركية لتسوية الصراع ونرى فيها فرصة ممتازة. ونريد أن نطبقها بالتعاون مع أصدقائنا في ألمانيا وغيرها من الدول، وبالحوار مع الدول المجاورة». مشدداً على «أننا سنأخذ بالاعتبار نصائح أصدقائنا، بمن فيهم الألمان». وحاول طمأنة الأردن بأن تطبيق الخطة لن يمس به، ولن يدهور العلاقات، فقال «العلاقات مع الأردن مهمة لنا واتفاقيات السلام مع الأردن ومصر، حيوية لنا استراتيجياً». وانتقد الفلسطينيين على رفضهم الخطة الأميركية وأي حوار حولها، وقال «إسرائيل تريد السلام والأمن. ونتوقع ألا تتخذ خطوات قبل أن نقرر في الأمر، وأن يدرك الفلسطينيون أن رفضهم (للخطة) لا يخدم مصالحهم».
هذا، وقد التقى الوزير الألماني في إسرائيل، أيضاً، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء البديل، وزير الدفاع، بيني غانتس. وبسبب مطالبته بالبقاء في حجر صحي لمدة أسبوعين في حال سافر إلى رام الله، أجرى ماس لقاءً بالفيديو من فندق في القدس مع رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد أشتية. ثم غادر إلى عمّان للقاء الملك عبد الله.
يذكر أن مسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي، يواصلون مهاجمة مخطط الضم ويحذرون من مغبة تنفيذه بشكل أحادي الجانب. وفي يوم أمس (الأربعاء)، حذر هؤلاء المسؤولون في تصريحات عدة لوسائل الإعلام العبرية، مما أسموه «التعتيم الذي يمارسه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إزاء مخطط الضم الذي يريده، وما هو حجمه وكيف ومتى يطبقه». وحذروا من أن «من شأن هذه الضبابية أن تفجر غضباً فلسطينياً وتدهوراً للأوضاع الأمنية». ونقل موقع «واللا» الإخباري، أمس، عن مسؤولين في جهاز «الشاباك» (المخابرات)، قولهم، إن القيادة الفلسطينية تنظر إلى اليوم الذي تعلن فيه إسرائيل عن الضم، على أنه «مشابه ليوم النكبة ويوم النكسة». ويقدرون أن «التوتر والغضب سيقودان إلى تفجر العنف».
من جهة ثانية، قالت مصادر مقربة من نتنياهو، إنه «يبلور خطة عملية لتطبيق مخطط الضم يأخذ فيه بالاعتبار اعتراضات الأصدقاء والجيران». وأضافت، أن «نتنياهو يسقط كما يبدو منطقة غور الأردن من مخطط الضم، على الأقل في البداية». ولكي يمرر هذه الخطوة في معسكره اليميني، سيؤجل غور الأردن إلى حين التفاوض على الدولة الفلسطينية مع الأميركيين. وفي الوقت الحاضر ينوي التركيز على ضم المستوطنات إلى إسرائيل، وسيبرز أن هذا المخطط سيؤدي إلى تسجيل 100 ألف شقة استيطانية في الطابو، كملك للمستوطنين.
ونقل المحلل السياسي في موقع «زمان يسرائيل»، شالوم يروشالمي، عن مسؤولين سياسيين في إسرائيل، قولهم، إن «نتنياهو سيعلن عن ضم المدن والكتل الاستيطانية الكبرى، مثل معاليه أدوميم (جنوبي القدس) وأريئيل (غربي نابلس)، وجوش عتصيون (بيت لحم)، وسيتنازل عن فرض السيادة على غور الأردن». واعتبر يروشالمي هذا التوجه من نتنياهو تعبيراً عن الحذر بألا يتورط، زيادة عن الحد، في خلاف مع الأميركيين، الذين يتعاملون اليوم مع موضوع السيادة الإسرائيلية بحذر كبير، وبتحفظ، ويطلبون وحدة الموقف في الحكومة الإسرائيلية. ونتنياهو يعرف أن الضم المحدود المساحة، سيكون مقبولاً من شركائه في الحكومة من حزب «كحول لفان».
يذكر أن المستشار القضائي الإسرائيلي، الذي صاغ اتفاق أوسلو، يوئيل زينغر، خرج بتصريحات تنتقد حكومة نتنياهو على مخططها، وقال إن إقدام إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية كإجراء من طرف واحد، سيشكل خرقاً جوهرياً لاتفاقيات أوسلو الموقعة بين الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية. وأضاف «الضم يشكل خرقاً للبند 31 (8) الذي ينص صراحة على أن مكانة الضفة الغربية وقطاع غزة تبقى على حالها خلال المرحلة الانتقالية، ولا يجوز لأي طرف الإقدام على خطوات من شأنها تغيير الوضع القائم في الضفة وغزة لأن ذلك مرتبط بنتائج المفاوضات حول الحل الدائم».
ماس في إسرائيل ويعتبر الضمّ مخالفاً للقانون الدولي
ماس في إسرائيل ويعتبر الضمّ مخالفاً للقانون الدولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة