السويد تكشف هوية قاتل أولوف بالمه... لكن دوافعه تبقى لغزاً

رئيس الوزراء السابق اغتيل عام 1986

سويديون يضعون زهوراً في موقع مقتل رئيس الوزراء بالمه باستوكهولم في مارس 1986 (أ.ف.ب)
سويديون يضعون زهوراً في موقع مقتل رئيس الوزراء بالمه باستوكهولم في مارس 1986 (أ.ف.ب)
TT

السويد تكشف هوية قاتل أولوف بالمه... لكن دوافعه تبقى لغزاً

سويديون يضعون زهوراً في موقع مقتل رئيس الوزراء بالمه باستوكهولم في مارس 1986 (أ.ف.ب)
سويديون يضعون زهوراً في موقع مقتل رئيس الوزراء بالمه باستوكهولم في مارس 1986 (أ.ف.ب)

في مساء اليوم الأخير من شهر فبراير (شباط) عام 1986، كان رئيس وزراء السويد آنذاك أولوف بالمه، يغادر برفقة زوجته ليزبيت، دار «السينما الكبرى» وسط العاصمة استوكهولم نحو محطة «المترو» المجاورة، للعودة إلى المنزل، عندما اقترب منه شخص فاره القامة، يرتدي قبعة ومعطفاً طويلاً، وأطلق عليه ست طلقات نارية، أردته على الفور، وأصابت زوجته بجروح طفيفة، قبل أن يختفي عن الأنظار.
لم يكن أولوف بالمه رجلاً عادياً أو سياسياً مغموراً، كغيره من رؤساء الحكومات في السويد والبلدان الاسكندنافية؛ بل كان من أبرز وجوه الاشتراكية الدولية، وكانت مواقفه مدوّية ضد التدخّل الأميركي في فيتنام، ونظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وسياسة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وديكتاتورية الجنرال فرنكو في إسبانيا. وكان صوتاً مسموعاً وموقفاً وازناً في المحافل الدولية.
وقد أثار اغتياله صدمة قوية على الصعيدين الداخلي والخارجي، كما كثرت التساؤلات والنظريات حول الجهة التي تقف وراء تلك العملية التي بقيت طوال 34 عاماً أسيرة لغز يتعاظم، إلى أن أعلن القضاء السويدي أمس إقفال الملف، على خلاصة مفادها أن «رجل سكانديا» الذي توفِّي منذ عشرين عاماً هو «المشتبه الوحيد» في قضية مقتل بالمه؛ لكن من غير الإشارة إلى الدوافع أو الجهة المدبّرة لقتله.
نسي السويديون أمس شواغل أزمة «كوفيد- 19» وتسمَّروا أمام شاشات التلفزيون لمتابعة وقائع المؤتمر الصحافي الذي عقده المدَّعي العام كريستير بيترسون، لكشف هوية الشخص الذي «يكاد القضاء السويدي يجزم بأنه الفاعل» في قضية اغتيال بالمه الذي كان يومها في الثانية والخمسين من عمره.
وقال بيترسون إن الأجهزة الأمنية والقضائية ذهبت في التحقيقات إلى أبعد الحدود الممكنة، وإن الشخص الوحيد المشتبه به هو ستيغ أنغستروم، المعروف بلقب «رجل سكانديا»، نسبة إلى الشركة التي كان يعمل فيها، والذي توفي في عام 2000.
منذ سنوات والسويديون يطالبون بكشف ملابسات تلك الجريمة التي قارنها كثيرون باغتيال الرئيس الأميركي الأسبق جون كنيدي عام 1963، ولا تزال حتى اليوم مغلَّفة بالأسرار والألغاز.
أنظمة وحكومات عديدة لم تكن مرتاحة إلى مواقف بالمه الجريئة والصريحة من القضايا الرئيسية التي كانت تشغل العالم يومذاك، حتى أن عدداً من زملائه في الاشتراكية الدولية كانوا غالباً ما يشعرون بالحرج أمام مواقفه التي وصفها يوماً المستشار الألماني الأسبق ويلي براندت بأنها «مفرطة في المثالية».
وجاء في ملف التحقيقات التي استمرت متعثرة طوال أكثر من ثلاثة عقود، أن أنغستروم كان قد أعرب عن استيائه الشديد من سياسة بالمه قبل أيام من الاغتيال الذي يعتبره المحققون المسؤول الوحيد عنه، بعد أن ضبطوا بحوزته مسدساً من طراز «ماغنوم 357»، مطابقاً للمسدس الذي أطلق منه الرصاص على بالمه؛ لكن من غير أدلة ثبوتية تؤكد أنه الذي استُخدم في العملية.
وقد شكَّل اغتيال بالمه يومها صدمة عميقة في السويد التي تولَّى رئاسة حكومتها مرَّتين، الأولى من 1969 إلى 1976، والثانية من 1982 إلى 1986، وفارق الحياة فجر اليوم الأول من مارس (آذار) ذلك العام.
كما يستفاد من التحقيقات التي لم تكشف شيئاً عن دوافع الاغتيال أو الجهة التي يعتقد أنها كانت تقف وراءه، أن أنغستروم المولود في الهند من أبوين سويديين عام 1934 غادر مبنى الشركة التي كان يعمل فيها قرب دار السينما؛ حيث كان بالمه يشاهد وزوجته فيلم «الإخوة موزار» قبل نهاية العرض بدقائق، ثم تعقَّبه بعد الخروج، وأطلق عليه الرصاص من الخلف، قبل أن يتوارى عن الأنظار.
ورغم كثرة المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة، بأن الشرطة قد عثرت على السلاح الذي نُفذت به الجريمة، أكَّد النائب العام السويدي أمس أنه لم يُعثر على المسدس الذي أطلقت منه العيارات النارية على بالمه، وليس من معلومات تبيِّن الجهة التي خططت لعملية الاغتيال؛ لكنه أضاف أن أنغستروم كان عضواً في نادٍ للرماية، وأن المحققين على يقين بأن «أحداً من جيرانه» في استوكهولم هو الذي أمدَّه بالمسدس الذي «يُعتقد أنه كان بحوزته تلك الليلة».
وقال المدَّعي العام، إنه بعد سنوات من التحقيقات الدقيقة تبيَّن أن المعلومات التي أدلى بها أنغستروم قبل وفاته تتعارض مع المعلومات التي أدلت بها زوجته، وعدد آخر من شهود العيان.
وبعد الترقُّب الشديد الذي كان قد سبق ظهور النائب العام لكشف ملابسات أشهر جريمة في تاريخ هذا البلد الهادئ، أصيب السويديون بالخيبة والإحباط لعدم وجود أدلَّة دامغة أو قرائن ثبوتية أو اعترافات مؤكدة، ولا حتى شهادات جديدة. وكما قال أحد المعلِّقين السياسيين المعروفين: «في هذه الحال ليس من الأكيد أن أنغستروم هو القاتل، وتبقى الأسئلة ذاتها مطروحة حول هذه الجريمة ودوافعها».
وطوال سنوات كانت النظرية الأكثر رواجاً حول اغتيال بالمه هي وقوف مخابرات نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وراءها؛ لكن النيابة العامة السويدية أكدت أن المعلومات التي حصل عليها المحققون من مصادر شتَّى، بما فيها جهاز المخابرات في جنوب أفريقيا، ليست كافية لإدانة نظام بريتوريا بالوقوف وراء العملية.
ومن الجهات الأخرى التي قيل إنها دبَّرت تلك العملية، المخابرات السوفياتية، والمخابرات الأميركية واليوغوسلافية، وحتى حزب العمال الكردي.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة «غوتمبورغ» أولف بجيريلد: «سوف تستمر التخمينات حول لغز اغتيال الرجل الذي جعل من السويد (قوة أخلاقية عظمى) وبلداً منزَّها عن العنف السياسي؛ حيث كان رئيس الوزراء يعتقد أن بإمكانه ركوب المترو للذهاب إلى السينما في المساء من غير حراسة».



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.