الوجود الأميركي يهيمن على انطلاق {الحوار الاستراتيجي} بين بغداد وواشنطن اليوم

تحطم طائرة للتحالف الدولي أثناء هبوطها في قاعدة التاجي

TT

الوجود الأميركي يهيمن على انطلاق {الحوار الاستراتيجي} بين بغداد وواشنطن اليوم

أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم «داعش» إصابة 4 من جنوده جرّاء تحطم طائرة أثناء هبوطها في قاعدة التاجي الجوية شمال بغداد.
وقال التحالف في بيان، أمس الثلاثاء، إن «طائرة نقل عسكرية من نوع (سي130 إتش هيركوليز) خرجت عن مسارها واصطدمت بجدار أثناء هبوطها في القاعد». وأضاف أن «(الاصطدام) خلّف أضراراً في هيكل الطائرة وأدى إلى اندلاع حريق صغير، تمت السيطرة عليه خلال فترة قصيرة»، مبينا أن «الجنود الأربعة الذين كانوا على متن الطائرة أصيبوا بجروح طفيفة ونقلوا إلى المستشفى ليتلقوا العلاج». وأشار البيان إلى أن «الطائرة كانت متمركزة في الكويت وتابعة للأسطول الجوي الأميركي 386».
ويأتي سقوط هذه الطائرة عشية بدء الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن اليوم، كما هو مقرر، وسط انقسام وطني وسياسي حاد. وكان الطرفان؛ العراقي والأميركي، أكملا استعداداتهما للحوار من خلال تشكيل وفديهما التفاوضيين للحوار الذي سيستمر في مرحلته الأولى ليومين. وفيما تهيمن مسألة الوجود العسكري الأميركي في العراق على أجندات الحوار بسبب إصرار الأطراف الشيعية، خصوصاً الموالية منها لإيران، على أن يكون البند الأول هو إخراج القوات، فإن الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي، وأطرافاً أخرى، لا سيما السنية والكردية، تريد تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين الموقّعة عام 2008.
إلى ذلك، أعلن رئيس كتلة «السند الوطني» في البرلمان النائب أحمد الأسدي عن مساعٍ من قبل البرلمان لتشكيل لجنة نيابية مؤلفة من لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية، لمتابعة الحوار المرتقب بين العراق والولايات المتحدة وتطبيق قرار البرلمان القاضي بإخراج جميع القوات الأجنبية من البلاد وحفظ السيادة. وقال الأسدي في مؤتمر صحافي عقده في البرلمان، إن «الحوار المرتقب بين بغداد وواشنطن سيكون على مستوى وزارة الخارجية العراقية والخارجية الأميركية، ويجب أن يبنى على أساس ثابت؛ وهو قرار مجلس النواب القاضي بإخراج القوات الأجنبية من العراق».
وبخصوص اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة وتفعيل بنودها، أوضح الأسدي، أن «ذلك أمر آخر تتحرك به الجهات المختصة من وزارات؛ الدفاع والداخلية والتعليم العالي وكل الوزارات المعنية الأخرى». وبشأن إمكانية بقاء القوات الأجنبية في العراق، أكد الأسدي أن «القرار الذي أصدره البرلمان القاضي بإخراج جميع القوات الأجنبية من العراق ملزم، لذلك نطالب اللجنة المكلفة بإجراء الحوار، بأن تضع أساس هذا الحوار هو حفظ السيادة العراقية وتطبيق قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية».
ودعت أطراف شيعية؛ في مقدمتها كتلتا «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«صادقون» عن «تحالف الفتح»، إلى أن تكون الأولية الأولى للمفاوضات هي إخراج القوات الأميركية من العراق تنفيذاً لقرار البرلمان الذي صدر عقب اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس مطلع العام الحالي. فبالإضافة إلى تغريدة الصدر التي دعا فيها الأميركيين إلى مغادرة العراق، فإن كتلة «سائرون» عدّت أن الحوار لا بد من أن يركز على هذا الهدف بالدرجة الأساس.
وكان زعيم التيار الصدري أعلن أن «أميركا كانت وما زالت تحاول إرضاخ الجميع بآليات وطرق إرهابية كالحروب والقتل والترويع وكيل التهم، ولا يهمها في فرض سيطرتها على العالم سوى ازدياد هيمنتها»، داعياً إياها إلى «سحب قواتها من العراق».
أما «صادقون»، وعلى لسان النائب عنها في البرلمان نعيم العبودي، فقد أكدت أن إخراج القوات الأميركية من العراق يجب أن يكون على رأس أولويات المفاوض العراقي في الحوار المرتقب. وقال العبودي في تصريح: «من أهم أولويات الحوار العراقي - الأميركي هو الحفاظ على سيادة العراق».
من جهته؛ أكد أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي، رئيس «مركز الرؤى للدراسات الاستراتيجية المستقبلية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحوار الاستراتيجي مهم جداً للحكومة العراقية الجديدة بقيادة الكاظمي والولايات المتحدة التي تسعى إلى الحوار من أجل تثبيت قناعات وتغيير قناعات وتوسعة الفهم المشترك تجاه خارطة عمل تبدأ بحوار تكتيكي بعدة مراحل وينتهي باتفاق لتفعيل اللجان المشتركة الستة في الاتفاقية الاستراتيجية». وأضاف علاوي أن «التركيز في هذه المرحلة للحوار العراقي - الأميركي على الملفات الاستراتيجية التي تمثل الأولوية (المالية، والتعليم العالي، والدفاع، والداخلية، والبنك المركزي، والصحة، والنفط) هو ما ينبغي أن يكون». وأوضح أن «الكاظمي سوف يكون دقيقاً جداً في التعامل مع هذا الحوار من حيث منظور القوى المؤيدة وقوى الممانعة له».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.