زعيم «الجنجويد» يسلم نفسه لـ«الجنائية الدولية»

TT

زعيم «الجنجويد» يسلم نفسه لـ«الجنائية الدولية»

أكدت المحكمة الجنائية الدولية اعتقال المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، السوداني علي محمد علي عبد الرحمن، الشهير بـ«علي كوشيب»، بعد أن سلّم نفسه «طواعية» في دولة أفريقيا الوسطى، ومن ثم جرى نقله إلى مقر المحكمة في لاهاي.
وقالت المحكمة بحسب نشرة على صفحتها الرسمية على الإنترنت، إن كوشيب «رهن الاحتجاز لدى المحكمة الجنائية الدولية، إثر تسليمه نفسه طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى، إنفاذاً لأمر اعتقال صادر بحقه من المحكمة في 27 أبريل (نيسان) 2007.
وينتظر أن يمثل كوشيب للمرة الأولى أمام الدائرة التمهيدية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية «في الوقت المناسب»، حسبما ورد في النشرة الصحافية.
وتقدم مسجل المحكمة بالشكر لوزير العدل في جمهورية جنوب أفريقيا، فلافيان ماباتا، وسلطات دول جمهورية أفريقيا الوسطى، وفرنسا، وتشاد، وقادة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى «ميونسكا»، إضافة إلى سلطات هولندا، الدولة المضيفة للمحكمة، على دعمها للمحكمة، وتعاونها في القبض على كوشيب وتسليمه ونقله للمحكمة.
ويعد السوداني كوشيب، المولود سنة 1957، بحسب الاتهامات، من كبار قادة التسلسل الهرمي في محلية «وادي صالح»، وكان عضواً فاعلاً في «قوات الدفاع الشعبي»، ويزعم أنه قاد الآلاف من ميليشيا «الجنجويد» سيئة الصيت في الفترة الممتدة من أغسطس (آب) 2003 حتى مارس (آذار) 2004 على وجه التقريب، كما نفذ خطط مكافحة التمرد في حكومة الرئيس المعزول عمر البشير، وارتكب خلال تلك العمليات جرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور، غرب السودان.
وينظر إلى كوشيب على نطاق واسع بأنه كان عنصر الوصل بين قادة قوات «الجنجويد» في منطقة «وادي صالح» والحكومة السودانية، ويزعم أنه جنّد مقاتلين مسلحين لتمويل وتوفير الغذاء والإمدادات لميليشيا الجنجويد تحت قيادته.
ووفقاً لنشرة «الجنائية الدولية»، فإن كوشيب أسهم عمداً في تلك الجرائم المذكورة، وشارك شخصياً في بعض الهجمات على المدنيين في مناطق كودوم، وبينديست، ومُكجر، وأراوالا خلال الفترة الممتدة من أغسطس 2003 إلى مارس (آذار) 2004؛ حيث شهد الإقليم عمليات قتل للمدنيين، وعمليات اغتصاب وتعذيب، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية، كما شارك مع آخرين في ارتكاب تلك الجرائم.
وأصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية في 27 أبريل 2007 أمرين بإلقاء القبض على كوشيب، وأحمد محمد هارون، المعتقل في السودان الآن، واعتبرت خلالها الدائرة أن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأنه شارك عام 2002 في النزاع المسلح بين القوات الحكومية ومقاتلي الحركات المسلحة الدارفورية، بمعية قوات من الجيش السوداني وميليشيا الجنجويد، كما شنّ عدة هجمات ذات طبيعة منهجية واسعة النطاق على بلدات «كلُتم، بنديسي، ومُكجر، وأروالا» ومناطق أخرى، وقامت القوات بارتكاب أفعال إجرامية ضد المدنيين من سكان دارفور، وعلى وجه الخصوص مجموعات «الفور والزغاوة والمساليت»، مثل قتل المدنيين والاغتصاب، والاعتداء على النساء والفتيات، والاضطهاد، والنقل القسري، والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية، والهجمات الموجهة عمداً ضد السكان المدنيين.
ويواجه كشيب، بحسب مذكرة التوقيف الصادرة بحقه، 50 اتهاماً، على مسؤوليته الجنائية الفردية، وتتضمن 22 اتهاماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية؛ «القتل، والترحيل القسري للسكان، والسجن أو الحرمان الشديد من الحرية البدنية، وانتهاك القواعد الأساسية للقانون الدولي، والتعذيب، والاضطهاد، والاغتصاب، والأفعال اللاإنسانية التي تلحق إصابات جسدية خطيرة وتسبب المعاناة».
وتتضمن المذكرة 28 تهمة بارتكاب جرائم حرب، تشمل عمليات القتل والعنف، والاعتداء على الكرامة الشخصية، والمعاملة المهينة، وتوجيه هجوم متعمد ضد المدنيين، والنهب، وتدمير الممتلكات أو الاستيلاء عليها.
وأحال مجلس الأمن الدولي، التابع للأمم المتحدة، الوضع في إقليم دارفور، مستخدماً سلطته بموجب قانون روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. وتولى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وقتها «أوكامبو» لجنة تحقيق دولية بشأن جرائم دارفور، واطّلع خلال تحقيقه على معلومات من مصادر متعددة، توصل من خلالها إلى توفر الشروط القانونية لبدء التحقيق، الذي فتحه منذ 6 يونيو (حزيران) 2005.
ونقلت «الشرق الأوسط» في 23 فبراير (شباط) الماضي، أن كوشيب غادر موقع سكناه وعمله في ولاية جنوب دارفور، وانتقل إلى جهة غير معلومة، وأن تقارير شهود رجّحت أن يكون قد انتقل لدولة أفريقية مجاورة، بعد أن سحب أرصدته البنكية، وأخلى مكتبه في قوات «الاحتياطي المركزي» التابعة للشرطة السودانية في منطقة «رهيد البردي»، معقل عشيرته، وغادر إلى منطقة «سنيطة» غرب، واختفى هناك محتمياً بنفوذه العشائري.
ووافقت الحكومة الانتقالية السودانية على محاكمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، المحبوسين في أحد سجون الخرطوم، والذين يواجهون جرائم محلية تصل عقوبتها الإعدام، وهم «الرئيس المعزول عمر البشير، ومساعده أحمد محمد هارون، ووزير دفاعه الأسبق عبد الرحيم محمد حسين».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.