أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، مساء أول من أمس، تعديلات واسعة في قيادات المؤسسة العسكرية بمختلف تشكيلاتها، هي الأكبر من نوعها منذ وصوله إلى الحكم قبل حوالي عام. لكنها تأتي في ظل ارتفاع قوي لعدد المصابين بفيروس «كورونا» المستجد، وحديث عن سعي السلطات لمراجعة خطتها الأمنية في مواجهة الوباء.
وشملت التعديلات تعيين الفريق محمد ولد مكت قائداً للأركان العامة للجيوش، وهو واحد من أقدم الضباط وأكثرهم تجربة، وصاحب الرتبة الأعلى بين الضباط الموجودين في الخدمة العسكرية، وكان يشغل منصب المدير العام للأمن الوطني منذ عام 2014.
وينتمي ولد مكت إلى مجموعة الضباط، الذين شاركوا في آخر انقلابين عسكريين في موريتانيا، الأول ضد نظام الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع (2005)، والثاني ضد نظام الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله (2008)، وسبق أن تولى العديد من المناصب الأمنية والعسكرية الحساسة، من ضمنها مدير مكتب الاستخبارات الخارجية في الفترة من 2010 حتى 2014. وتمت ترقيته عام 2008 إلى رتبة جنرال.
وخلال إدارته للاستخبارات الخارجية كان ولد مكت في واجهة الحرب، التي خاضتها موريتانيا ضد تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وتقول مصادر «الشرق الأوسط» إنه هو من وضع خطة اختراق التنظيم الإرهابي عبر عناصر موريتانية تعمل مع الأمن، بعضها تمت تصفيته بعد سنوات من طرف التنظيم، وأعلن ذلك في مقطع فيديو عام 2013.
وكان القائد الجديد للأركان العامة للجيوش من ضمن الضباط السامين، الذين وقفوا بشدة ضد حصول الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على مأمورية ثالثة، وفق ما تشير إلى ذلك مصادر متواترة، تقول إنه عبّر عن ذلك في اجتماع أمني بحضور ولد عبد العزيز العام الماضي، معتبراً أن تعديل الدستور من أجل بقاء ولد عبد العزيز في الحكم يهدد الأمن في البلاد.
ولكن ما أثار ردود فعل الموريتانيين في التعديلات الأخيرة هو تعيين الفريق محمد الشيخ ولد محمد الأمين قائداً لأركان الحرس الوطني، وهو الذي كان يشغل منصب قائد الأركان العامة للجيوش، وهو ما يعني إزاحة للرجل الذي كان يقود استراتيجية أمنية لمواجهة «كورونا»، وخاصة تطبيق قرار إغلاق الحدود، ومنع تسلل أي مصابين.
وقبل أسبوعين قتل مواطن موريتاني في مطاردة مع دورية من الجيش على الحدود، وقال الجيش في بيان إن المواطن كان يحاول تهريب مواد غذائية نحو السنغال، ورفض الاستجابة لتحذيرات الدورية، فأصيب بطلق ناري تحذيري أدى إلى وفاته على الفور، لكن الحادثة أثارت كثيراً من الجدل، وطالبت أحزاب معارضة بفتح تحقيق في الحادثة.
ولم يعرف إن كانت للحادثة أي علاقة بالتعديلات في قمة هرم المؤسسة العسكرية، وخاصة إزاحة قائد الأركان العامة للجيوش السابق، الذي زار أسرة القتيل وقدم الاعتذار والتعزية.
من جهة أخرى، شملت التعديلات تبادل المهام بين عدد من قيادات المؤسسة العسكرية، حيث تولى الفريق مسقار ولد سيدي الإدارة العامة للأمن الوطني، وهو الذي كان يقود أركان الحرس الوطني، كما تولى الفريق البحري إسلكو ولد الشيخ الولي قيادة الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية، فيما تولى اللواء أحمد ولد عبد الودود ولد أمبارك منصب المفتش العام للقوات المسلحة وقوات الأمن.
ويلعب الجيش منذ عدة عقود أدواراً سياسية محورية في موريتانيا. فمن أصل 10 رؤساء حكموا موريتانيا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. هناك 8 ضباط تناوبوا على الحكم منذ أول انقلاب عسكري أطاح عام 1978 بنظام الرئيس الراحل المختار ولد داداه.
الرئيس الموريتاني يجري تعديلات في رأس المؤسسة العسكرية
الرئيس الموريتاني يجري تعديلات في رأس المؤسسة العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة