عودة تدريجية لضخ النفط الليبي وسط ترحيب دولي

عودة تدريجية لضخ النفط الليبي وسط ترحيب دولي
TT

عودة تدريجية لضخ النفط الليبي وسط ترحيب دولي

عودة تدريجية لضخ النفط الليبي وسط ترحيب دولي

على غير رغبة من سلطات شرق ليبيا، عاد إنتاج النفط الليبي تدريجياً من حقلي الفيل والشرارة، وسط ترحيب فرنسي - أميركي، وتوعد من الرافضين بـ«الدفاع عن ثروات البلاد من الأطماع التركية».
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، التابعة لحكومة «الوفاق» بالعاصمة طرابلس، أن حقل الشرارة، الواقع بجنوب البلاد، الذي كان يضخ قبل غلقه 315 ألف برميل يومياً، سيبدأ المرحلة الأولى من الإنتاج بقدرة 30 ألف برميل يومياً، ومن المتوقع عودة الإنتاج إلى القدرة الكاملة خلال 90 يوماً بسبب إصلاح الأضرار الناتجة عن الإغلاق الطويل. كما عاد حقل الفيل (جنوباً) إلى العمل أيضاً، وبلغت طاقته الإنتاجية في السابق 70 ألف برميل يومياً، قبل أن يغلق في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي.
ويرى كثير من المتابعين للشأن الليبي أن قوات «الوفاق» التي باتت تفرض سيطرتها على مدن غرب البلاد، متجهة إلى إحكام سيطرتها على الحقول الليبية.
وقال مصطفى المجعي، الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية «بركان الغضب» التابعة لـ«الوفاق»، إن «العملية العسكرية التي تخوضها الآن القوات صار هدفها الرئيسي إعادة السيطرة على كامل التراب الليبي، بما في ذلك الحقول النفطية بطبيعة الحال». وتوقع المجعي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، سيطرة حكومته في أقرب وقت ممكن على الحقول النفطية «في ظل استهدف العمليات العسكرية لقوات (المعتدي)، وإجبارها على التراجع إلى حيث جاءت».
وتحدث رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة والاستثمار في مجلس النواب بطرابلس، محمد الرعيض، عن تقدم لقوات حكومة «الوفاق» ربما يمكّنها من «الاتجاه إلى المنطقة الشرقية، ومن ثم وضع يدها على الحقول النفطية، مما يسمح بإعادة فتحها مرة ثانية، وإعادة التصدير».
وقال الرعيض لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن في طريقنا لـ(تحرير) سرت والجفرة، ثم أجدابيا، وقد تنتفض المنطقة الشرقية على قياداتها، وتصبح ليبيا دولة موحّدة تحت سلطة مدنية، ويعود الاقتصاد للأفضل لصالح كل الليبيين». ورحّبت السفارة الأميركية لدى ليبيا، أول من أمس، بعودة إنتاج النفط من حقل الشرارة، وقالت إن هذه «خطوة مهمّة إلى الأمام، مع قيام المؤسسة الوطنية للنفط بتنفيذ ولايتها الحاسمة غير السياسية لتعزيز مصالح جميع الليبيين»، مضيفة: «يجب أن ينتهي إغلاق قطاع الطاقة الليبي الذي لا داعي له منذ 5 أشهر، واستهداف موظفي ومرافق المؤسسة الوطنية للنفط على الصعيد الوطني». وذهبت السفارة الأميركية إلى أنه «حان الوقت الآن لجميع الأطراف المسؤولة لرفض محاولات عسكرة قطاع الطاقة، وتقسيم المؤسسات الاقتصادية الليبية، وإخضاع البنية التحتية الحيوية للمصالح الأجنبية»، بينما قال زياد دغيم، عضو مجلس النواب الليبي بطبرق الموالي لـ«الجيش الوطني»، إن «حقول النفط الليبية تمتد في الصحراء على ما يقرب من مليون كيلومتر مربع، وسنقاتل في كل حقل وميناء، بل وفي كل متر على امتداد تلك المساحة، دفاعاً عن ثروات بلادنا». وأضاف دغيم لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نتعهد بألا يهنأ أي محتل يطمع في النفط الليبي، خاصة مع سهولة استهداف الأنابيب في الصحراء»، متابعاً.
وفي السياق ذاته، رأى الخبير الاقتصادي الليبي سليمان الشحومي أن النفط الليبي يمتاز بمزايا عدة، بينها قربه من الأسواق، وسهولة نقله، مما يجعله بلا جدال محل استهداف من الجميع، خصوصاً مع توقّع عودة أسعار النفط لمعادلاتها السابقة في الفترة المقبلة، فضلاً عن أن حكومة «الوفاق» تحتاج لإعادة تصديره لمعالجة ميزانيتها العامة.
بدورها، دعت السفارة الفرنسية في ليبيا إلى «رفع الحصار النفطي، وعدم عسكرة المؤسسات النفطية»، مرحبة باستئناف الإنتاج النفطي في البلاد، مؤكدة دعمها الكامل للمؤسسة الوطنية للنفط، وقالت إنها المؤسسة الوحيدة الشرعية غير المنحازة في الدولة الليبية، وهي تلعب دوراً جوهرياً في الاستقرار الاقتصادي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.