مخاوف حقوقية على حياة آلاف اليمنيين في معتقلات الانقلابيين

اتهامات للجماعة بحرمان الأسرى من الطعام

يمني يدفع عربته في سيل نجم عن أمطار غزيرة على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
يمني يدفع عربته في سيل نجم عن أمطار غزيرة على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
TT

مخاوف حقوقية على حياة آلاف اليمنيين في معتقلات الانقلابيين

يمني يدفع عربته في سيل نجم عن أمطار غزيرة على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)
يمني يدفع عربته في سيل نجم عن أمطار غزيرة على صنعاء قبل أيام (إ.ب.أ)

تصاعد منسوب القلق الحقوقي والمخاوف في الأوساط اليمنية بخصوص حياة آلاف المعتقلين الموجودين في سجون الميليشيات الحوثية، في ظل تفشي وباء كورونا المستجد في صنعاء وغيرها من مناطق سيطرة الجماعة التي يعاني سكانها من انعدام الخدمات الصحية وانتهاكات الميليشيات.
وفي حين اتهمت مصادر حقوقية يمنية الجماعة الحوثية بتعريض السجناء لخطر الإصابة بوباء كورونا، أفادت المصادر نفسها بأن الجماعة تحرم المختطفين من تلقي الدواء والغذاء، خاصة في السجن المركزي الخاضع لها في صنعاء.
وقالت منظمة «سام» للحقوق والحريات، ومقرها في جنيف، في أحدث بيان لها، إنها تلقت معلومات تفيد بإصابة 7 معتقلين في سجون الميليشيات الحوثية بأعراض يرجح أنها بسبب الإصابة بفيروس كورونا.
وأكدت المنظمة أن المعلومات التي جاءت من مصادر موثوقة كشفت عن إصابة المعتقلين السبعة في أحد عنابر السجن المركزي بصنعاء بأعراض فيروس كورونا، وأن أحدهم نقل إلى مستشفى الكويت، في حين تم أخذ عينات كشف من آخرين، ولم تعلن نتائجها حتى الآن من قبل الجماعة.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أن الجماعة الحوثية خصصت المستوصف الخاص بالسجن المركزي ليكون مكاناً للعزل، وعينت أحد المعتقلين للإشراف عليه، إلى جانب قيامها بنقل أكثر من 30 معتقلاً من العنبر الذي تفشى فيه المرض إلى معتقلات أخرى خاضعة لمخابرات الميليشيات وجهازها الأمني، بمن فيهم مصابون بأعراض المرض.
واتهمت المنظمة الجماعة بعدم القيام بأي إجراءات خاصة بالعزل، وضمان التباعد الاجتماعي، في سجون الميليشيات الحوثية التي لم يسمح لأي جهة حقوقية محلية أو دولية بزيارتها منذ بداية انتشار الفيروس التاجي المستجد.
ودعت المنظمة الجماعة الحوثية إلى سرعة الإفراج عن جميع المختطفين دون تأخير، في ظل تصاعد خطر جائحة فيروس كورونا الذي أصبح يشكل تهديداً واضحاً للمختطفين، خاصة مع عدم إعلان واضح عن خطة احترازية لحماية السجون من قبل الجماعة.
وفي سياق متصل، أفادت رابطة أمهات المختطفين، وهي منظمة حقوقية يمنية، بأنها تلقت في صنعاء بلاغاً عاجلاً من أهالي بعض المختطفين المحتجزين في السجن المركزي بصنعاء، يشكون فيه من حرمان أبنائهم من الطعام والأدوية، في ظل تفشي الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وأوضحت الرابطة، في بيان لها، أمس (الأحد)، وزعته على وسائل الإعلام، أن الأهالي شكوا من سوء المعاملة التي يتعرض لها أبناؤهم في السجن المركزي، حيث عمدت جماعة الحوثي إلى حرمانهم من إدخال الطعام والأدوية، بالتزامن مع إصابة عدد منهم بحالات اشتباه بفيروس كورونا المستجد.
ونقلت عن الأهالي تأكيدهم أن أبناءهم «يتضورون جوعاً، بينما تواصل جماعة الحوثي المسلحة احتجازهم دون أدوية وفي عنبر واحد، غير آبهة بتفشي المرض، ومتجاهلة الوسائل الاحترازية».
وكانت الرابطة الحقوقية قد أطلقت قبل نحو 10 أيام نداء سابقاً لإنقاذ المختطفين في السجن المركزي بصنعاء بعد الاشتباه بإصابة 3 مختطفين فيه بفيروس كورونا.
وقالت: «في الوقت الذين يُصاب فيه المختطفون، تمنع جماعة الحوثي المسلحة من إدخال الأدوية أو مسكنات الألم، أو السماح بدخول الطعام أو أي مبالغ مالية إليهم».
وحملت الرابطة الجماعة المسلحة، ومعها الأمم المتحدة، المسؤولية عن صحة وسلامة جميع المختطفين والمخفيين قسراً، وطالبت بإطلاق سراحهم قبل أن يصاب جميع المختطفين في ظروف الاحتجاز السيئة داخل السجن.
يشار إلى أن الجماعة لا تزال تتكتم على الأرقام الخاصة بأعداد الضحايا من المصابين والمتوفين جراء الجائحة، رغم وصول المرض إلى قيادات بارزة في صفوفها.
ويوم أمس، أكد مكتب النائب في البرلمان القيادي الموالي للجماعة سلطان السامعي، في تغريدة على «تويتر»، إصابة وزير صحة الميليشيات في حكومة الانقلاب طه المتوكل بالفيروس، مع مستشاره وهاج المقطري.
وبينما ضربت الجماعة عرض الحائط بكل التحذيرات الدولية من النتائج الوخيمة لسوء إدارتها للأزمة، جددت الأمم المتحدة مخاوفها مما وصفته بـ«أسوأ السيناريوهات»، حيث من الممكن أن يقضي الفيروس على آلاف اليمنيين.
وقالت المنسقة الأممية في اليمن، ليز غراندي، في أحدث تصريحاتها، إنه من المحتمل أن تتجاوز «حصيلة القتلى في اليمن هذا العام، جراء الحرب والأمراض والجوع مجتمعة، حصيلة من سقطوا خلال السنوات الخمس الماضية».
وفي وقت سابق، تبنى الناشطون اليمنيون حملة نددوا فيها بسلوك الحوثيين العنصري في التعامل مع الضحايا، حيث تحصر الجماعة مراكز العزل والتجهيزات الوقائية على عناصرها المنتمين إلى سلالة زعيمها، فضلاً عن رفضها إتاحة المقابر الخاصة بقتلاها لدفن ضحايا الوباء المستجد.
وكشف الناشطون عن وجود وفيات بالمئات في أوساط السكان، لا سيما صنعاء، مشيرين إلى أسماء أبرز الوفيات من الشخصيات الاعتبارية، بمن فيهم الضحايا من قادة الجماعة والموالين لها. وبحسب مصادر طبية في العاصمة المختطفة، لقي أكثر من 40 قاضياً و20 طبيباً وكثير من الأساتذة الجامعيين حتفهم جراء إصابتهم بالوباء خلال الأسبوعين الأخيرين، في حين رفضت أشهر مقابر صنعاء استقبال مزيد من الوفيات، بالتزامن مع ارتفاع أسعار القبور إلى أرقام قياسية.
وتكافح المنظمات الدولية، وما بقي من القطاع الصحي في مناطق الجماعة، من أجل الحد من الضحايا بتوفير الإمدادات الصحية المتنوعة، غير أن سلوك الميليشيات يسير في الاتجاه المعاكس، كما يؤكد ذلك العاملون في القطاع الطبي الخاضع للميليشيات.


مقالات ذات صلة

اليمن يدين الغارات الإسرائيلية ويحمّل الحوثيين المسؤولية

العالم العربي لقطات نشرها الجيش الإسرائيلي في 19 ديسمبر 2024 تظهر غارات إسرائيلية على أهداف للحوثيين (رويترز)

اليمن يدين الغارات الإسرائيلية ويحمّل الحوثيين المسؤولية

وسط قلق أممي من التصعيد، أدان مجلس القيادة الرئاسي في اليمن الغارات الإسرائيلية الجديدة على صنعاء والحديدة، وحمّل الحوثيين مسؤولية تعريض اليمن لانتهاك سيادته.

علي ربيع (عدن)
تحليل إخباري دمار كبير في إحدى محطات الكهرباء بصنعاء إثر الغارات الإسرائيلية (رويترز)

تحليل إخباري ضربات إسرائيل في صنعاء تضاعف المخاوف المعيشية والأمنية

يخشى السكان في صنعاء من تأثير الضربات الإسرائيلية على معيشتهم وحياتهم ومن ردة فعل الجماعة الحوثية واستغلال الفرصة لمزيد من الانتهاكات بحقهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي دخان في صنعاء بعد ضربة أميركية على مواقع الجماعة الحوثية فيها الثلاثاء (أ.ف.ب)

ما مصير الجماعة الحوثية بعد إثارة مخاوفها بالحراك الدبلوماسي؟

تعيش الجماعة الحوثية حالة استنفار بعد حراك دبلوماسي يبحث مواجهة نفوذها واستمرار أعمالها العدائية، وتخشى تكرار السيناريو السوري في اليمن.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
TT

البرد يهدد حياة 67 ألف أسرة يمنية في مخيمات النزوح

موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)
موجة الصقيع تسببت العام الماضي في وفاة عدد من سكان المخيمات في اليمن (إعلام حكومي)

أطلقت الوحدة الحكومية المعنية بمخيمات النازحين في اليمن نداءً عاجلاً للأمم المتحدة والمنظمات الدولية لإنقاذ حياة آلاف الأسر التي تعيش في مخيمات النزوح بمحافظة مأرب نتيجة البرد القارس.

يأتي هذا في وقت كشف فيه برنامج الأغذية العالمي عن مواصلته توزيع المساعدات الطارئة في مناطق سيطرة الحوثيين، واستبعاده نحو مليون شخص في مناطق سيطرة الحكومة من قوائم المستفيدين من المساعدات الغذائية نتيجة نقص التمويل، ونحو مليون طفل من التغذية المدرسية للسبب ذاته.

يعيش النازحون داخلياً في اليمن داخل مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة (إعلام حكومي)

وذكرت الوحدة المعنية بإدارة مخيمات النازحين في بيان لها أن نحو 67941 أسرة تعيش في 203 مخيمات وفي مساكن مؤقتة «غير محمية من البرد الشديد» الذي يهدد حياة آلاف الأطفال وكبار السن في ظل غياب مواد التدفئة والخدمات الأساسية. وقالت إن السنوات الماضية شهدت حالات وفاة بسبب البرد الشديد.

وإذا لم تُقدَّم مساعدات طارئة هذا العام، قالت الوحدة الحكومية إن «الخطر لا يزال قائماً»، داعية الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية إلى التحرك السريع لـ«إنقاذ النساء والأطفال وكبار السن في مخيمات مأرب» التي تضم أكثر من 60 في المائة من النازحين في اليمن.

وطالبت الوحدة المعنية بشؤون النازحين بتوفير مستلزمات الشتاء من الأغطية والملابس ووسائل التدفئة، وتحسين المساكن المؤقتة لضمان حماية النازحين الذين يعيشون في ظروف سيئة، ويواجهون مخاطر المجاعة بسبب نقص المساعدات الغذائية نتيجة نقص التمويل المقدم من المانحين لخطة الاستجابة الإنسانية.

مساعدة الأكثر احتياجاً

ذكر برنامج الأغذية العالمي أنه أكمل توزيع الدورة الأولى من برنامج المساعدات الغذائية الطارئة المستهدفة في نوفمبر (تشرين الثاني)، في مناطق سيطرة الحوثيين، وأنه يستعد لتوسيع البرنامج بشكل أكبر. وبيّن أن النقص الشديد في التمويل اضطره إلى توجيه المساعدات فقط إلى أولئك الأكثر احتياجاً؛ مما يدفع إلى استهداف صارم وتحديد الأولويات لتعظيم استخدام الموارد النادرة.

وفي المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، بدأ البرنامج توزيع الأغذية في ديسمبر (كانون الأول) الجاري، مع إعطاء الأولوية لـ2.8 مليون شخص للحصول على المساعدات الغذائية، حيث تُظهر أحدث البيانات تدهوراً شهرياً في استهلاك الغذاء على مستوى البلاد خلال أكتوبر (تشرين الأول).

نقص التمويل حرم مليون طفل يمني من برامج التغذية المدرسية (إعلام حكومي)

وأعاد البرنامج الأممي أسباب ذلك التدهور في المقام الأول إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المناطق الخاضعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ونقص المساعدات الغذائية المقدمة في المناطق الخاضعة للحوثيين، بالإضافة إلى ندرة الأنشطة المدرة للدخل على مستوى البلاد.

ووفق البرنامج، تجاوزت جميع المحافظات في اليمن عتبة «عالية للغاية» (20 في المائة) لاستهلاك الغذاء السيئ في أكتوبر، مع إفادة أكثر من نصف الأسر بتبني استراتيجيات تكيّف شديدة تعتمد على الغذاء.

نقص التمويل

ذكر برنامج الغذاء العالمي أن الاستهلاك غير الكافي للغذاء كان أعلى في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حيث وصلت تكلفة سلة الغذاء الدنيا إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، فيما يتعلق باستمرار انخفاض قيمة العملة وارتفاع أسعار الوقود.

واعتباراً من دورة توزيع الشهر الحالي، يقوم البرنامج بتقليص عدد الأشخاص المستهدفين بالمساعدات الغذائية من 3.6 مليون إلى 2.8 مليون شخص كجزء من جهود تحديد الأولويات في إطار عملية إعادة الاستهداف والتسجيل.

ونبّه البرنامج إلى الآثار المترتبة على نقص التمويل، وقال إنه يواجه نقصاً في التمويل، ويحتاج بشكل عاجل إلى مزيد من الدعم من الجهات المانحة لكي يتسنى له توسيع نطاق المساعدات الغذائية وتلبية الاحتياجات بصورة كافية.

وأكد أنه لم يكن باستطاعته استهداف سوى مليون طفل تقريباً من أصل مليونَي طفل كان من المقرر الوصول إليهم على مستوى اليمن خلال العام الدراسي 2024-2025.