الإطلالات الافتراضية لنجوم الفن تعم المسارح وشاشات التلفزة

إليسا وراغب علامة ونانسي عجرم وغيرهم اتبعوها

TT

الإطلالات الافتراضية لنجوم الفن تعم المسارح وشاشات التلفزة

لم يتوقّع أحد أن يأتي اليوم الذي يقف فيه المطربون وحيدين على خشبات مسارح ومواقع تصوير في غياب جمهور حي يحمّسهم. فعصب الحفلات الغنائية التي يقيمونها كما إطلالاتهم الإعلامية كانت في الماضي القريب لا تحصل من دون تأمين شريحة كبيرة من معجبيهم يصفقون لهم ويهتفون باسمهم. وكان شباك التذاكر لمهرجان ما يشكل ميزان نجاح هذا الفنان أو ذاك. كما أن المعجبين بهم «فانز» كانوا يلحقون بهم أينما حلُّوا في استوديو أو مسرح وموقع تصوير، إشارة إلى قاعدة شعبية عريضة يتمتعون بها. وفجأة بين ليلة وضحاها، تغيرت هذه المعادلة بعدما جاء وباء «كورونا»، واستحدثت قواعد مختلفة، تماماً عما عرفناه من قبل. فصار عدد متابعيهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات «يو تيوب»، وتطبيقات إلكترونية أخرى، المعيار الحقيقي لنجاح حفلة أو إطلالة لهم.
بعض الفنانين كانوا سباقين في اتباع هذه المعادلة في ظل الجائحة أمثال مايا دياب. فكانت أول من أحيا حفلاً افتراضياً بتقنية حديثة تحت عنوان «360 virtual live show». ، وهذه التقنية تسمح للمشاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهدة الفنانة اللبنانية، وكل ما يحيط بها بطريقة بانورامية. وبعدها كرّت السبحة وظهرت متجلية في مناسبة عيد الفطر؛ فتوالى هذا النوع من الحفلات ليشمل باقة من الفنانين اللبنانيين، وبينهم راغب علامة ونجوى كرم ونانسي عجرم وعاصي الحلاني ويارا وناصيف زيتون ومؤخراً إليسا.
واستطاعت حفلة إليسا، أن تتصدر التراند الأول على موقع «تويتر» تماماً، كتلك التي أحيتها نانسي عجرم، وبقيت تشغل وسائل التواصل الاجتماعي لأيام متتالية.
واللافت أن غالبية الفنانين أبدعوا في حفلاتهم هذه، لا بل استقطبوا جمهوراً واسعاً ضاعف بعدده ذلك الذي كان يحققونه في حفلة واحدة من حفلاتهم العادية.
وتميزت هذه الحفلات بموقع تصوير يخرج عن المألوف في ديكوراته، وكذلك في أجوائه الطبيعية. فنجوى كرم مثلا أطلَّت من حديقة منزلها في الحازمية، وتوزع حولها أفراد فرقتها الموسيقية. فكانت جلسة طربية لا تشبه أيّاً من حفلات صاحبة لقب «شمس الأغنية اللبنانية» السابقة على المسارح. واعتمدت فيها الغناء جلوساً تحيط بها الفوانيس والشموع والأضواء الخافتة، لتؤلّف لوحة فنية دافئة.
أما نانسي عجرم، فنقلت طاقة إيجابية بجرعات عالية في حفلها الافتراضي على قناة «يوتيوب»، تحت عنوان «أمل بلا حدود». ومن على سطح عمارة كاشفة تحوّل في هذه المناسبة إلى مسرح غنائي، أحيت نانسي عجرم حفلاً من القلب إلى القلب، امتدّ لنحو 20 دقيقة.
وأسهمت الديكورات البسيطة التي اعتمدتها لتحول هذه الجلسة الغنائية إلى «بيتوتية» تزينت بالزهور البيضاء.
ولم يقلّ حفل إليسا الذي أحيته في 4 يونيو (حزيران) الحالي نجاحاً وأهمية عن سابقيه. فهو جاء تكملة لعدد من الحفلات التي نظمتها «هيئة الترفيه في السعودية»، وتطبيق «شاهد» الإلكتروني لفنانيها تحت عنوان «مكملين معاكم».
وحلّ هاشتاغ «مكملين مع إليسا» الذي أطلقه محبوها بالمناسبة في المرتبة الأولى في عالم التراند في السعودية ولبنان والرابع في مصر. وغرّدت إليسا إثر حفلتها تقول: «ربما كان أفضل حفل أقوم به بعد أن اجتاحتني أحاسيس مختلفة وأنا أؤدي كل أغنية، بفضل تفاعلكم معه».
وجلست إليسا على كرسي عال ترتدي زياً أسود في وسط مسرح يتلالأ بأضواء وديكورات ضخمة لوّنته مؤثرات بصرية. وقدمت خلاله عدداً من أغانيها المعروفة. وقد اعتمدت في غالبيتها أسلوب الغناء الفردي (سولو)، مع عزف على الكمان أو البيانو. فصدح صوتها يحمل كل مشاعر الحب والفرح اللذين أرادت توصيلهما لجمهورها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
والسؤال المطروح اليوم هل ستشكل هذه الإطلالات الافتراضية في المستقبل محوراً أساسياً لهم؟
يعلّق طوني سمعان أحد المديرين المسؤولين في شركة «روتانا للإنتاج الفني»، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الحفلات الافتراضية فرضتها الجائحة، إذ لم نكن تفكر يوماً أن تصبح ظاهرة متبعة. ولا يمكننا التكهُّن بما سيحمله الغد للفنانين في ظل غموض يسود الساحة الفنية كغيرها من المجالات». ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «فمن واجب شركات الإنتاج التفكير في كيفية الحفاظ على صلة الوصل التي تربط الفنانين بجمهورهم. مهمة هذا النوع من الشركات هو خدمة الطرفين وعدم التأخر في وصلهما ببعض، مهما كانت الظروف. ولذلك نرى اليوم فنانين لديهم إصدارات جديدة، ويقيمون حفلات افتراضية، وكذلك إطلالات تلفزيونية ترتكز على البعد الاجتماعي. فجميعها بمثابة نشاطات تبقي على هذه العلاقة فتؤازرها وتنميها. وواجب شركات الإنتاج التمسُّك بهذه العلاقة بين الطرفين، لأنها أساس الاستمرارية لها وللفنان نفسه».
ومن ناحية ثانية، حملت شاشات التلفزة الأسلوب الافتراضي في استضافة نجوم الفن. وبعض هذه البرامج كـ«منا وجر»، على قناة «إم تي في» اللبنانية كان سبّاقاً في ذلك عندما أطلّ معه كل من ملحم زين ومايا دياب وهيفاء وهبي من منازلهم. بينما استقبل برنامج «ضحك ولعب وجد»، عبر الشاشة نفسها استقبل ضيوفه الفنانين أمثال راغب علامة ونوال الزغبي. وعمل محمد قيس مقدم البرنامج على استضافة معجبي النجم افتراضياً من أماكن اقامتهم في لبنان والعالم، عبر شاشة ضخمة تتوسط استوديو التصوير. فبرز تفاعل كبير بين الضيوف ومعجبيهم ما أضاف نكهة جديدة على البرامح الحوارية الفنية.



بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.