روسيا تدعو إسرائيل إلى التخلي عن فكرة الضم

انضمت روسيا إلى عدة دول صديقة لإسرائيل في مطالبتها بالعدول عن فكرة ضم مناطق في الضفة الغربية. وقال ناطق بلسان السفارة الروسية في تل أبيب، أمس (الجمعة)، إن «خطة الضم تثير قلقاً في موسكو التي ترى فيها إجراءات أحادية الجانب تتنافى مع القانون الدولي».
وقال السكرتير الأول في السفارة الروسية، ميخائيل جرغينيا، إن «موسكو أوضحت للمسؤولين الإسرائيليين، خلال لقاءات واتصالات كثيرة عقدت بين الطرفين في الأسابيع الأخيرة، أن الضم يجعل من المستحيل أن تكون المناطق الفلسطينية قابلة للعيش المستقل في امتداد جغرافي ملائم»، وأكدت أن «التواصل الإقليمي هو أحد الشروط لقيام دولة فلسطينية بحدود عام 1967». وانتقدت روسيا، في هذه اللقاءات، خطة الرئيس دونالد ترمب برمتها، وقالت إن «صفقة القرن لا تستطيع أن تلغي قرارات أممية حددت الإطار الدولي لعملية السلام».
واختتم جرغينيا بقوله إن العلاقات الإسرائيلية - الروسية ممتازة، وإن «الحوار بين البلدين يجري على أعلى المستويات، وفي مختلف المجالات، لما فيه مصالحهما المشتركة التي تتجلى في التنسيق الأمني بين الجيشين الإسرائيلي والروسي في الجبهة السورية».
وكانت مصادر دبلوماسية في تل أبيب قد كشفت أن الدول الصديقة لإسرائيل في الاتحاد الأوروبي التي منعت اتخاذ قرارات عقابية ضد تل أبيب رداً على الضم، قدمت هي الأخرى نصائح للحكومة الإسرائيلية بأن توقف مشروع الضم «لأنه يحرج أصدقاء إسرائيل في العالم، ويهدد بتصعيد في التوتر يعود بالضرر على جميع دول البحر المتوسط، بما فيها أوروبا الجنوبية».
وأكدت هذه الدول أنها نجحت حتى الآن في صد محاولات آيرلندا ولوكسمبورغ وغيرهما لفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وتكريس فكرة أن العقوبات يجب أن تكون آخر الحلول، إلا أن هناك واجباً على إسرائيل تجاه هؤلاء الأصدقاء، بأن تخفف من إجراءاتها ضد الفلسطينيين، وليس أن تصعد ضدهم».
وحذرت من أن الاستمرار الإسرائيلي في مشروع الضم يمكن أن يجعل أصدقاءها الأوروبيين يغيرون رأيهم، وينضمون إلى مؤيدي العقوبات.
ونقل التلفزيون الرسمي الإسرائيلي (قناة كان)، أمس، على لسان وزير خارجية لوكسمبورغ، جان أسلبورن، تحذيراً من «خطوات قد يتّخذها الاتحاد الأوروبي ضد إسرائيل، في حال تنفيذ الضم». وقال لمراسلها السياسي: «أنا لا أريد الإسراع في الحديث عن عقوبات، لكن ستكون هناك تبعات إن كان هناك انتهاك للقانون الدولي».
وذكرت أن أربعة قادة أوروبيين بارزين حذروا إسرائيل، مؤخراً، من تبعات محتملة للضم على العلاقات الإسرائيلية - الأوروبية، وعلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينيّة، وهم: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الإسباني فيدرو سانشيز، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي.
ونقل عن ماكرون قوله إنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب»، قائلاً إن «مساراً كهذا سيقوض استقرار الشرق الأوسط، وإن الحوار مع الفلسطينيين فقط والحل العادل المتوازن سيمنحان الإسرائيليين سلاماً وأمناً واستقراراً».
يذكر أن الضم يثير انقسامات شديدة في إسرائيل نفسها أيضاً، خصوصاً أن نتنياهو يخبئ تفاصيل مخطط الضم، ويمتنع عن إطلاع أصحاب الشأن عليها. وقد تسربت أنباء عن وزير الدفاع رئيس الحكومة البديل في حكومة نتنياهو، بيني غانتس، تفيد بأنه يشكو من هذا التصرف.
وقالت مصادر سياسية، أمس: «لا أحد في جهاز الأمن الإسرائيلي، سواء وزير الأمن بيني غانتس أو رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي أو أي من ضباط الجيش، يعلم ماذا يقصد نتنياهو بالضم؛ هل ينوي ضم الضفة الغربية بكاملها أم جزء منها؟ وهل هذا الجزء هو غور الأردن أم شمالي البحر الميت أم المستوطنات أم كل هذا معاً؟ وهل سيفعل ذلك -كما يطلب غانتس- بالتنسيق مع الفلسطينيين أم من دونهم؟».
وكشفت المصادر أن غانتس لجأ إلى السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، فدعاه للاجتماع به، وحاول أن يفهم منه ما الذي يتجهون لعمله في الموعد المعلن، أول الشهر المقبل.
وكتب المعلق العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، أمس، قائلاً إن غانتس، رغم جهوده الكبيرة ليعرف ماذا يدور، فإنه «بصفته وزيراً للأمن لا يستطيع أن يوضح لرئيس أركان الجيش الذي يعمل معه ما الذي سيحدث».
وأكد فيشمان أن غانتس على اتصال دائم مع المسؤولين في الإدارة الأميركية، إلا أنه هناك أيضاً يواجه مصاعب، حيث يوجد في الإدارة الأميركية فريقان يعملان على موضوع «صفقة القرن»: فريق السفير فريدمان، وفريق جاريد كوشنر، وكلاهما مقرب من ترمب، لكن الأول أقرب لفكره من اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يعتقد أن بالإمكان تنفيذ الضم الآن، وبشكل أحادي الجانب، والثاني (كوشنر) أقرب بأفكاره إلى غانتس، ويعد أن الضم يجب أن يتم بالتنسيق مع الفلسطينيين والأردنيين ودول المنطقة».
وقال فيشمان إن «غانتس فهم من فريدمان، خلال لقائهما الأخير، أن التطورات السياسية قد تكون مفاجئة له هو أيضاً، وتظهره رغم منصبه (وزير الأمن)، على أنه لا صلة له بالواقع، وعديم التأثير على مجرى الأمور المتعلقة بالضم».