مظاهرات في بيروت اليوم للمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة

TT

مظاهرات في بيروت اليوم للمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة

بدأت التحضيرات اللوجيستية أمس، لمظاهرات تُقام اليوم، يشارك فيها «حزب الكتائب اللبنانية» ومناصرو وزير العدل الأسبق أشرف ريفي، ومحتجون آخرون للمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة، فيما ترك حزب «القوات اللبنانية» لمناصريه ومحازبيه حرية اختيار المشاركة أو عدمها.
وتوافد عدد من المحتجين إلى ساحة الشهداء أمس، رافعين اللافتات والأعلام اللبنانية، كما حضر عدد من الوسائل الإعلامية ومراسلو محطات وقنوات تلفزيونية محلية وعربية وسط حضور للقوى الأمنية. وتطالب اللافتات بانتخابات نيابية مبكرة، ورفعت شعار «لا ثقة»، فضلاً عن المطالبة «باسترجاع الأموال المنهوبة، ومحاربة الفاسدين والفساد» تحت ضغط ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار مقابل العملة اللبنانية.
وفيما أعلنت قوى سياسية أنها لا علاقة لها بالتحركات اليوم، بينها «الحزب التقدمي الاشتراكي»، قال رئيس جهاز التواصل والإعلام في حزب «القوات اللبنانية» شارل جبور: «إننا في القوات أعلنّا أن ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) لها ديناميتها التي انطلقت منذ اللحظة الأولى نتيجة الانهيار المالي المعيشي بسبب فشل الأكثرية الحاكمة بإدارة الدولة في لبنان، ونرى أن للثورة ديناميتها بمعزل عن كل الأحزاب وهي عابرة للأحزاب والطوائف والمذاهب». وأكد لـ«الشرق الأوسط»: «إننا كقوات لن ندعو المحازبين والمناصرين للمشاركة أو عدمها، تاركين حرية الخيار لمن يريد المشاركة حرصاً على عدم تسييس هذه المظاهرات وتسييس الثورة لأن القوى الحاكمة تريد افتعال التسييس عمداً لضرب دينامية الثورة». لكنه أكد «إننا من المؤيدين للثورة لأنه لا خيار أمام الناس إلا بالتظاهر بفعل الفشل الكبير في إدارة الدولة وإخراج لبنان من هذا الانهيار المأساوي الذي وصلنا إليه».
ومن جانب «الكتائب»، أكد منسق العلاقات السياسية في الحزب سيرج داغر، أن الثورة هي ثورة اللبنانيين من كل المناطق والطوائف وأي أحد يحاول اختزال الثورة أو التحدث باسمها فهو يضر بها، مشيراً إلى أن التحرك بدأ من خلال ثوار المناطق الذين قاموا بمبادرة وجالوا على عدد من الأفرقاء ومن بينهم الكتائب ومن العناوين التي تحدّثوا عنها الانتخابات النيابية المبكرة.
وقال داغر في حديث تلفزيوني: «عنوان تحرّك الغد هو إجراء انتخابات نيابية مبكرة، أما موضوع سلاح (حزب الله) فليس مطروحاً رغم أن موقفنا كحزب كتائب معروف فيما يتعلّق بالسلاح لكن هناك محاولات للتشويش على المظاهرة وهذا عمل (حزب الله) والمخابرات». ورأى أن لبنان بحاجة إلى طبقة سياسية جديدة، «فالبلد مدين ويجب أن يدار من خبراء لا من أشخاص لا يعرفون ما هي الخطة الاقتصادية».
من جهته، توجه الوزير السابق أشرف ريفي إلى «أولاده ورفاقهم» طالباً منهم المشاركة في ساحة الشهداء وسط بيروت. وقال ريفي عبر فيديو تم نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «غداً (اليوم) الثوار يحيون الانتفاضة رافضين الفساد والظروف التي وصلت إليها البلاد في الأشهر الأخيرة». وقال: «أنتظر منكم أن تكونوا حاضرين غداً في ساحة الشهداء للمطالبة بإقامة الدولة التي نحلم بها والتي فشل بها جيلنا». كان «الحزب التقدمي الاشتراكي» قد أعلن أنه لن يُشارك في التحرّك الشعبي المُقرَّر اليوم، وأوضح مسؤولون فيه أن الحزب «ليس معنياً بشكل التحرّك ولا هدفه».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.