مليونا عامل سوداني يفقدون دخلهم اليومي في زمن الحظر

أصحاب مهن لـ«الشرق الأوسط»: الوباء شل حركة التجارة والخدمات

يهدد الحظر الشامل في السودان العاملين بأجر يومي مع توقف أعمالهم (أ.ف.ب)
يهدد الحظر الشامل في السودان العاملين بأجر يومي مع توقف أعمالهم (أ.ف.ب)
TT

مليونا عامل سوداني يفقدون دخلهم اليومي في زمن الحظر

يهدد الحظر الشامل في السودان العاملين بأجر يومي مع توقف أعمالهم (أ.ف.ب)
يهدد الحظر الشامل في السودان العاملين بأجر يومي مع توقف أعمالهم (أ.ف.ب)

يواجه نحو مليوني عامل سوداني «مياومة» (بالأجرة اليومية)، يعتمدون كلياً على «رزق اليوم باليوم»، أوضاعاً اقتصادية متردية لفقدانهم مصادر دخلهم نتيجة إجراءات الحظر الشامل، وإيقاف الأعمال، بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها السلطات الصحية للحد من انتشار وباء «كوفيد-19».
وكشفت جولة قامت بها «الشرق الأوسط» في عدد من مناطق العاصمة الخرطوم عن توقف تام لعدد من الأنشطة، خاصة في المناطق الصناعية و«ورش السمكرة وميكانيكا السيارات» الصغيرة، ومحال بيع قطع غيار وزينة السيارات، والمحال التجارية في الأسواق الرئيسية.
وقال اتحاد غرفة الصناعات الصغيرة والحرفية في السودان الذي يضم عمال نحو 32 مهنة، في بيان، الأسبوع الماضي، إن نحو مليوني شخص منتسبين لعضويته يعيشون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية بالغة التعقيد، يصعب معها احتمال حالة الإغلاق الكامل المستمرة منذ قرابة الشهرين. وأوضح الاتحاد أن اعتماد عضويته على الدخل اليومي، في ظل ارتفاع الأسعار وتوقف أعمالهم، أثر تأثيراً مباشراً على وضعهم المعيشي.
وفرضت الحكومة السودانية، في 18 أبريل (نيسان) الماضي، حظر تجوال شاملاً، ضمن حزمة إجراءات احترازية اتخذتها للحد من انتشار فيروس كورونا. ومع ذلك، تجاوزت حالات الإصابة بالوباء حتى الآن أكثر من 5 آلاف حالة، ولا يسمح في أثناء الحظر سوى بفتح البقالات ومحال بيع اللحوم والخضراوات داخل الأحياء، وتوقفت بذلك كثير من الأعمال في أسواق البلاد.
وقال حسبو إبراهيم، وهو فني «كهرباء سيارات» يعمل بضاحية الفتيحاب بأم درمان: «لم يعد لدينا عمل منذ بدء الحظر الشامل في الخرطوم. العمل في المنطقة الصناعية وورش الصيانة توقف كلياً، ولم تعد هناك سيارات يرغب ملاكها في إصلاحها». واستطرد: «الحركة متوقفة، ولا يوجد ما يُحدث الأعطال في السيارات».
وأشار إبراهيم إلى اعتماد معظم العاملين في صيانة السيارات على دخلهم اليومي، ومع توقف العمل توقف دخلهم، وأضاف: «عدا بعض العاملين في مجالات السمكرة والطلاء الذين يمارسون أعمالهم لعملاء قليلين يفدون إلى ورشهم، لا يوجد حالياً من يعمل في مهنة صيانة السيارات».
ويعاني السودان ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع منذ ما قبل الحظر، ثم تضاعفت الأسعار مع بدء الإغلاق الشامل، وبلغت معدلات التضخم عن شهر مايو (أيار) نحو 99 في المائة، وتواصل انخفاض سعر العملة الوطنية (الجنيه)، ما جعل سعر الدولار الأميركي الواحد يبلغ نحو 140 جنيهاً في السوق الموازية، الأسبوع الماضي، بينما سعر بنك السودان الرسمي هو 55 جنيهاً للدولار الواحد.
وغير بعيد، بدت حركة النقل شبه متوقفة في مناطق إنتاج وبيع «الطوب الحراري»، وقلت سيارات النقل التي تنقله إلى المستهلكين، وخلت معظم الميادين المخصصة لبيعه من الشاحنات المحملة به. وقال جمعة أغيبش، وهو عامل في صناعة الطوب الحراري، لـ«الشرق الأوسط»: «هجر العمال العمل، والذين يعملون يطالبون بأجور أعلى، ما سبب توقفاً في أفران الحرق (الكمائن)، فارتفعت الأسعار، وبلغ سعر الألف طوبة 4 آلاف جنيه»، وتابع: «لدينا طلبيات لم نستطع تلبيتها بسبب إجراءات الحظر التي حدت من حركة العمال، إضافة إلى جانب شح وقود الشاحنات».
ويشكل العمل غير المنظم ملمحاً أساسياً في المشهد الاقتصادي السوداني، ويشهد تنامياً متسارعاً في المناطق الحضرية التي أدت النزاعات والحروب الأهلية والجفاف والتصحر إلى موجات من النزوح إليها من المناطق الريفية بسبب عدم التوازن التنموي.
وقال إدريس منصور، صاحب مقهي بالخرطوم، لـ«الشرق الأوسط»: «توقف العمل تماماً بالمقهى منذ بدء الإغلاق الشامل، وفقد نحو 8 من عمالي دخلهم اليومي»، واستطرد: «السلطات وعدت بتقديم الدعم لبائعات الشاي، لكن ذلك لم يحدث، فضلاً عن أنه لا يشمل العاملين في المهن الأخرى بالأسواق، وعددهم أضعاف بائعات الشاي»، وتابع: «تعمل معي في المقهى بائعتا شاي، وتشكوان من عدم تنفيذ الوعود الحكومية بدعمهن بمبلغ في حدود 6 آلاف جنيه شهرياً طيلة فترة الإغلاق».
ويعاني العمل غير المهيكل ومساهمته الاقتصادية من عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة. وبحسب تقرير التوقعات الاقتصادية الأفريقية لعام 2013، الصادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، فإن ما يقدر بنسبة 60 في المائة من قوة العمل في السودان تعمل في القطاع غير الرسمي.
وأشار التقرير إلى تزايد نسبة مشاركة المرأة بشكل كبير في أنشطة القطاع غير الرسمي، لا سيما مشروعات الكفاف والأنشطة الصغيرة غير المسجلة، مثل بيع الأغذية والمشروبات. وتقدر التقارير نسبة النساء المنخرطات في العمل غير المهيكل في ولاية الخرطوم بنحو 56 في المائة من إجمالي عدد النساء في الولاية.
وتقدر تقارير عدد العاملين في «مهن هامشية» في الخرطوم بنحو 240 ألف شخص، بينهم أكثر من 36 ألف بائعة شاي في الخرطوم وحدها، انقطع دخلهن بفرض حالة الطوارئ الصحية، وفرض الحظر الشامل.
وطلب الاتحاد التعاوني النسوي متعدد الأغراض، في بيان حديث، من الحكومة الوفاء بالتزاماتها تجاه بائعات الشاي والأطعمة اللاتي تضررن من الإغلاق الشامل، وعلى وجه الخصوص الأكثر تضرراً، ويبلغ عددهن نحو 12 ألفاً، والشروع في بحث ميداني بالخرطوم لتقديم الدعم المالي الذي خصصته الحكومة، البالغ نحو 210 ملايين جنيه.



تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
TT

تحذير من مخاطر الذكاء الاصطناعي والتهديدات السيبرانية على صناديق الثروة السيادية

إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)
إيلون ماسك متحدثاً (عن بُعد) عن الابتكار والذكاء الاصطناعي في الاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان الاثنين (العمانية)

حذر خبير دولي في إدارة صناديق الثروة السيادية، من التحديات عالية المخاطر التي تمثلها عمليات الذكاء الاصطناعي؛ مما يسهم في ارتفاع التهديدات السيبرانية التي تستهدف صناديق الثروة الوطنية للدول.

وقال عبيد عمران رئيس مجلس إدارة المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية، في كلمته بالاجتماع السنوي السادس عشر للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية الذي تستضيفه سلطنة عمان، الاثنين، إن العصر الحالي مليء بالتغيرات والتقلبات الاقتصادية على الصعيد العالمي، ومن ذلك بروز الذكاء الاصطناعي في بيئة سريعة التطور كرمز للأمل.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي «قد يكون سبباً لتحديات وتهديدات واسعة؛ الأمر الذي يتطلب من الجميع مواكبة السرعة باتخاذ قرارات حكيمة وحذرة تسهم في الحد من ارتفاع التهديدات السيبرانية»، داعياً لاستخدام الذكاء الاصطناعي «بصورة استراتيجية ومسؤولة، بهدف تحقيق التوازن بين استثمار هذه الفرص والتطورات التقنية، والمسؤولية في الحفاظ على الاستقرار المالي العالمي، إلى جانب تعزيز مبادئ سانتياغو والحوكمة السليمة، والتطلع نحو مستقبل أكثر إشراقاً وطموحاً».

ويُعدّ الاجتماع الذي يُعقد في مسقط الأكبر في تاريخ المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية منذ تأسيسه في عام 2009، ويشارك فيه رؤساء وأعضاء أكثر من خمسين صندوقاً سيادياً من 46 دولة حول العالم، بحضور نخبة من أبرز المتحدثين على المستويين العالمي والإقليمي، منهم إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتَي «سبيس إكس» و«تسلا» الذي شارك بصورة افتراضية (عن بُعد).

وفي حوار افتراضي تحدث إيلون ماسك عن الابتكار والذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للتغيير والاستدامة في الاقتصاد العالمي، وقال: «من المهم أن تُعطى الأولوية للمبادئ الإنسانية والأبعاد الأخلاقية المرتبطة بالأمان في التوجه الحالي لإنشاء وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي».

كما أكد الأهمية القصوى لاستثمار صناديق الثروة السيادية في مشروعات تنموية مستدامة في قطاعات الابتكار والذكاء الاصطناعي، مشدداً في الوقت نفسه على دور التقنية الحديثة في تعزيز الاستثمارات وتحقيق العوائد الاقتصادية للدول.

وافتُتح المنتدى بكلمة لوزير الثقافة والرياضة والشباب العماني ذي يزن بن هيثم آل سعيد، أكد فيها أن السلطنة استطاعت اجتياز دروب التحديات الاقتصادية، «وليس أدلّ على ذلك من نجاحها في إعادة تصنيفها الائتماني كدولة ذات درجة استثمارية»؛ لتواصل مسارات الاستقرار وتفتح ذراعيها أمام الاستثمارات العالمية.

في حين أشار عبد السلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العماني إلى أن «المحافظ الاستثمارية للجهاز تُسهم بصورة مباشرة في دعم الاقتصاد الوطني، وصناعة فرص التوظيف والأعمال، وتطوير صناعات المستقبل، وذلك بالتعاون مع مختلف الجهات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص؛ إذ عزز ذلك من تأكيد مكانة سلطنة عمان، ورفع تصنيفها إلى مستوى الجدارة الائتمانية؛ مما يعكس قوة الوضع المالي للبلاد، وشفافية عمليات الجهاز».