أميركا تستبعد تكرار «السيناريو السوري» في ليبيا

السفير نورلاند اعتبر تدخل تركيا في ليبيا «ردّ فعل» على دور روسيا... وحذّر من توجّه قوات «الوفاق» شرقاً

TT

أميركا تستبعد تكرار «السيناريو السوري» في ليبيا

شدّد السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند على ضرورة خفض التصعيد في ليبيا، معتبراً أن التدخل التركي في هذا البلد جاء رداً على التدخل الروسي. وقال إن بلاده لا تعرف هل تنوي قوات حكومة «الوفاق» التوجه الآن نحو شرق ليبيا بعد انتصارها في معركة طرابلس، مضيفاً أن مثل هذا التطور «سيكون خطيراً جداً».
وقال نورلاند في مؤتمر صحافي هاتفي، أمس، إنه «لا يرى أن ليبيا تتحول إلى سوريا أخرى»، في إشارة إلى مخاوف بهذا المعنى أبداها مسؤولون فرنسيون أخيراً. لكنه أضاف أنه من أجل منع حصول هذا السيناريو السوري في ليبيا «فإننا بحاجة إلى خفض تصعيد النزاع». وتابع أن موقف الولايات المتحدة يشدد على «ضرورة خفض التصعيد وانسحاب جميع المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا. فليبيا يجب أن تكون لليبيين أنفسهم».
وتابع أنه «يجب تذكر أن التصعيد بدأ العام الماضي من خلال الجانب الروسي عبر تدخل مجموعة فاغنر... التدخل التركي الذي حصل لاحقاً كان ردّ فعل على ذلك».
وقال السفير إن مخرجات مؤتمر برلين ما زالت مناسبة وصالحة لإطلاق مسار التسوية في ليبيا، معتبراً أن مشكلة هذا المؤتمر أن مشاركين فيه قدّموا تعهدات والتزامات بخصوص تطبيق حظر إرسال السلاح إلى ليبيا «لكنهم لم يحولوا أقوالهم إلى أعمال».
وتابع أن «(مخرجات) برلين هي اللعبة الوحيدة الموجودة في الساحة»، وأن من الضروري العودة إليها «بعدما بلغ التصعيد مرحلة خطيرة».
وتحدث عن البيان الأخير للقيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) بخصوص إرسال روسيا 14 طائرة حربية إلى ليبيا. وقال: «هذه الطائرات لم تُستخدم بعد (في القتال الدائر في ليبيا). لا نعرف ما الرسالة التي أرادوا (الروس) إرسالها. لو استخدم الروس طائراتهم لربما رأينا الأتراك يرسلون طائرات (إف 16)».
وأشار إلى بروز أطراف ليبية جديدة في الساحة، لكنه قال إن بلاده لا تعرف أين هو سيف الإسلام القذافي، مضيفاً أن نجل الزعيم الليبي الراحل ما زال مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية. وعاد للتحدث عن الدور الروسي في ليبيا، معتبراً أن لروسيا «مصالح مشروعة في ليبيا وفي المنطقة، ولكننا لا نرى أن هذا الدور يتم عبر (مجموعة) فاغنر». وتابع أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) يريد أن يرى منطقة البحر المتوسط «منطقة مستقرة»، وهذا الأمر يجب أن يكون ما تسعى إليه روسيا أيضاً.
وتحدث عن فشل هجوم قوات الجيش الوطني الليبي على طرابلس، قائلاً إن انتهاء هذا الهجوم الآن بسيطرة قوات حكومة «الوفاق» على مواقع قوات المشير حفتر جنوب العاصمة يجب أن يفتح المجال أمام العودة إلى إطلاق مسار الحل الليبي الليبي. وبعدما قال إن الأمم المتحدة أجرت محادثات مع الجيش الوطني الليبي من خلال مجموعة «5+5» العسكرية، أضاف أن المنظمة الدولية تريد الآن إجراء محادثات مع قوات حكومة «الوفاق»، لافتاً إلى أن هذا الطرف الأخير يخشى من أن يكون قبول الجيش الوطني المشاركة في المحادثات العسكرية هدفه «ربح الوقت» بعد النكسات التي مني بها، والتحضير لهجمات جديدة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.