احتدم أمس القتال الضاري في العاصمة الليبية طرابلس، واتسعت رقعته الجغرافية لتشمل مناطق عسكرية استراتيجية خارجها على نحو لافت للانتباه، وذلك قبل ساعات من انطلاق الجولة الثالثة لمحادثات جنيف العسكرية بين ممثلي طرفي النزاع في البلاد، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» برعاية بعثة الأمم المتحدة. وفي غضون ذلك، بدأ المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، زيارة مفاجئة إلى القاهرة لإجراء محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ومسؤولين عسكريين بحسب مصدر مقرب من حفتر {لرويترز}، هي الأولى له هذا العام والخامسة من نوعها منذ تحريكه قوات الجيش لـ«تحرير» العاصمة طرابلس في الرابع من شهر أبريل (نيسان) من العام الماضي، تزامناً مع زيارة متوقعة يقوم بها اليوم فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. ولم يصدر عن الرئاسة المصرية، أو مكتب حفتر، أي إشعار مسبق بقدومه للقاء الرئيس السيسي. لكن مصادر مصرية وليبية متطابقة قالت لـ«الشرق الأوسط»، مشترطة عدم تعريفها، إن مشاورات حفتر في القاهرة تندرج في إطار «المصالح المشتركة لمواجهة التدخلات الأجنبية في الأزمة الليبية». في إشارة إلى الدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه قطر وتركيا لحكومة السراج.
واستبق اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم المشير حفتر، زيارة هذا الأخير للقاهرة بالإشادة بموقف القيادة المصرية، والرئيس السيسي في نقل حقيقة ما يجري داخل ليبيا إلى كل الأطراف الإقليمية والدولية. مرجحاً «فشل كافة محادثات العسكريين في جنيف».
واستبق زيارة حفتر إلى القاهرة ترحيب وزارتي الخارجية المصرية والإماراتية في بيان مشترك، صدر مساء أول من أمس، بإعلان بعثة الأمم المتحدة الاتفاق على استئناف مفاوضات جنيف، الرامية لوقف إطلاق النار، ومطالبتهما بالالتزام بالعملية السياسية.
في سياق ذلك، تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، أمس، اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، بحثا خلاله الوضع في ليبيا. وقال المستشار أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، إن الاتصال تناول بحث آخر مستجدات الوضع على الساحة الليبية، حيث تم التشديد على أهمية دفع مسار التوصل للتسوية السياسية الشاملة للأزمة بين الأطراف الليبية، ورفض التدخلات الخارجية في ليبيا، على أن يتم ذلك بالتوازي مع دعم جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة داخل الأراضي الليبية.
وأضاف حافظ، أن الوزيرين توافقا أيضاً على أهمية تنفيذ عملية المراقبة الأوروبية (إيريني)، مع الاحترام الكامل للاعتبارات المتعلقة بسيادة الدول، ووفقاً للولاية المنوطة بها، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والتصدي لعمليات نقل العناصر الإرهابية والمقاتلين، وتقديم الدعم للجماعات الإرهابية في ليبيا.
ميدانياً، بدا أمس أن الميليشيات الموالية لحكومة السراج تسابق الزمن لتحقيق إنجاز عسكري، وتسعى لحشد أوراقها التفاوضية في ثالث جولات حوارات جنيف للجنة العسكرية المشتركة، التي تضم خمسة ممثلين للحكومة ونظرائهم من «الجيش الوطني»، وذلك عبر تحقيق تقدم عسكري على الأرض في مواجهة قوات «الجيش الوطني»، خاصة في محاور القتال بجنوب العاصمة طرابلس، وصولاً إلى مطارها الدولي المغلق منذ عام 2014؛ لما يمثله من أهمية رمزية ودعائية.
وأعلن المتحدث باسم قوات «الوفاق»، العقيد محمد قنونو، المشاركة في عملية «بركان الغضب»، رسمياً بداية ما وصفه بمعركة «تحرير» مطار طرابلس المتوقف عن العمل منذ ست سنوات، موضحاً في بيان له أمس أن قواته لديها تعليمات بالتقدم ومطاردة الجيش داخل المطار، بعدما نجحت قبل يومين في إحكام الطوق حوله؛ تمهيداً لتحريره وبسط سيطرة الدولة عليه، على حد قوله. وقال قنونو، إن قوات «الوفاق»، التي استعادت هذا الأسبوع المعسكرات كافة جنوب طرابلس، نفّذت أمس ثلاث ضربات قتالية، استهدفت سرية لدبابات الجيش في قصر بن غشير، ودبابة داخل مطار طرابلس. كما قصفت عبر عشر ضربات جوية آليات وعناصر للجيش في مطار طرابلس، وقصر بن غشير ووادي الربيع والقويعة.
وقال مصطفى المجعي، الناطق باسم المركز الإعلامي لعملية «بركان الغضب»، إن قوات «الوفاق» بدأت أمس شن هجوم من ثلاثة محاور على قوات «الجيش الوطني» في مدينة ترهونة الاستراتيجية جنوب شرقي العاصمة طرابلس، التي تعد آخر مدينة غربي ليبيا تحت سيطرتها.
حفتر في القاهرة قبيل انطلاق الجولة الثالثة لمحادثات جنيف العسكرية
مصر وإيطاليا تؤكدان أهمية دفع مسار التسوية السياسية بعد احتدام المعارك في طرابلس
حفتر في القاهرة قبيل انطلاق الجولة الثالثة لمحادثات جنيف العسكرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة