البرلمان العراقي يعاود نشاطه والأزمة المالية تهيمن على نقاشاته

TT

البرلمان العراقي يعاود نشاطه والأزمة المالية تهيمن على نقاشاته

بعد توقف لأسابيع بسبب تفشي فيروس «كورونا»، استأنف مجلس النواب العراقي، أمس، جلساته الاعتيادية من الفصل التشريعي الثاني ضمن الدورة الرابعة وبحضور 185 نائباً. وفيما التي تعانيها البلاد على مجمل النقاشات والمؤتمرات الصحافية والبيانات الصادرة أثناء الجلسة وبعد انتهائها. اضطرت رئاسة المجلس إلى تأجيل انعقاد الجلسة لنصف ساعة لعدم اكتمال النصاب، هيمنت الأزمة المالية.
كان مجلس النواب عقد آخر جلسة له في 6 أبريل (نيسان) الماضي للتصويت على منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي. وبحسب بيان صادر عن المجلس، فإن الجلسة خصصت «لمناقشة أربعة محاور أبرزها مشروع قانون الاقتراض المحلي والخارجي، ومناقشة تقرير لجنة الأزمة النيابية بخصوص جائحة (كورونا)، إضافة إلى مناقشة تقرير اللجنة المالية ومقترحاتها حول الأزمة المالية، ومتابعة تنفيذ منحة العوائل الفقيرة».
وصوّت مجلس النواب على صيغة قرار يلزم الحكومة بإرسال قانون الموازنة بموعد أقصاه 30 يونيو (حزيران) الجاري.
وكانت رئاسة مجلس النواب أعلنت، أول من أمس، الاتفاق مع رؤساء الكتل واللجان على استمرار عقد الجلسات وإصدار القوانين وفقاً للتحديات. ودعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ونائبه الأول حسن الكعبي، جميع النواب من مختلف الكتل النيابية إلى «إبداء حرصهم العالي والوطني من خلال الحضور إلى الجلسات الاعتيادية، والوجود في اللجان النيابية بما ينسجم مع التحديات المالية والاقتصادية والأمنية الراهنة، واتخاذ القرارات، وإصدار القوانين التي تتطلبها المرحلة الراهنة للبلد».
وتعرض البرلمان لموجة انتقادات شعبية واسعة خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة تعليق جلساته، رغم التحديات الأمنية والاقتصادية والصحية الخطيرة التي تواجه البلاد.
وكتب الإعلامي ومقدم البرامج سعدون محسن ضمد عبر «فيسبوك» تعليقاً على جلسة البرلمان: «مجلس النواب، وبعد هذه العطلة الطويلة العريضة، وعلى الرغم من مرور البلاد بأزمة مركبة ومستعصية، ينعقد بـ185 فقط من مجموع 329 نائباً». وأضاف: «بالمناسبة، يحق للنواب التغيب بمثل هذا الظرف العصيب، لأن رئاسة مجلسهم (الموقرة)، وخلافا للدورات السابقة، تصر على عدم نشر غيابات الأعضاء، في مخالفة صريحة للنظام الداخلي».
ونظراً إلى المشاكل المالية المتفاقمة والحديث عن نسب استقطاع عالية ستطال رواتب الموظفين والمتقاعدين، وكذلك الحديث عن إلغاء المرتبات المزدوجة للسجناء السياسيين والمحتجزين في معسكر رفحاء قبل عام 2003، صدرت أمس من كتل وشخصيات نيابية بيانات عدة تطالب الحكومة بعدم الاقتراب من هذه الملفات لمعالجة أزمتها المالية.
وفي هذا الإطار، طالب رئيس «لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين» النائب عبد الإله النائلي، أمس، رئيس الوزراء بعدم المساس بمرتبات هذه الفئات. ودعت كتلة «النهج الوطني» الحكومة إلى البحث عن وسائل أخرى لسد العجز بدل «الإضرار بلقمة عيش المواطن البسيط».
وقال النائب عن الكتلة حسين العقابي في بيان، أمس، إنه «رغم التطمينات التي أعلنتها الحكومة العراقية أخيراً بشأن رواتب الموظفين، إلا أننا نبدي خشيتنا من جديتها في هذا الموضوع ونحذر مجدداً من استقطاع أي نسبة من الرواتب أو المخصصات لشريحة الموظفين، وهو أمر مرفوض تماماً من قبلنا لأنه يضر بالاقتصاد الوطني ويربك الوضع السياسي والاجتماعي للبلد». وأضاف أن «الاستقطاع يؤثر على هذه الشريحة بشكل مباشر وينعكس سلباً على بقية الشرائح، وهو استهداف للطبقة المتوسطة والطبقات الأخرى وتعدٍ سافر على مفهوم العدالة الاجتماعية».
وطرحت «النهج الوطني» مقترحات لتعزيز إيرادات البلاد غير النفطية، ضمنها «استقطاع نسبة 30 في المائة من رواتب الدرجات العليا من النواب والوزراء والوكلاء والمديرين العامين ومن بدرجتهم، إلى جانب إعادة النظر بجولات التراخيص النفطية، وجولات التراخيص في قطاع الاتصالات، وضبط المنافذ الحدودية، ومكافحة الفساد المالي والإداري وتعزيز عمل دوائر الرقابة والنزاهة».
كان الكاظمي رفض، أول من أمس، المساس بمرتبات أصحاب الدخل المحدود من متقاعدين وغيرهم، وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «لن نسمح بأن تكون حلول الأزمة المالية على حساب حقوق الموظفين من ذوي الدخل المحدود والمتقاعدين ومستحقي الرعاية الاجتماعية». وأضاف أن «قرارنا هو خفض مرتبات الرئاسات والدرجات الخاصة والوظائف العليا، وإيقاف مزدوجي الرواتب والوهميين وترشيد الإنفاق الحكومي. مصممون على تجاوز الأزمة معاً».
بدورها، دعت اللجنة القانونية في مجلس النواب، أمس، إلى إدراج تعديل قانون التقاعد على جدول أعمال البرلمان لهذا الأسبوع. وأكدت عضو اللجنة بهار محمود، في بيان، أن «العمل بالسن التقاعدية الجديدة أضر العديد من العوائل مما يستدعي ضرورة إلغائه والعودة إلى السن التقاعدية القديمة».
وأضافت محمود أن «إنزال السن التقاعدي من 63 إلى 60 يجب ألا يكون بصورة مفاجئة كي لا يضر الموظفين وعوائلهم، وحتى وإن صدر هذا القانون يجب أن يكون تنفيذه تدريجياً لأنه من غير الممكن إخراج ثلاثة مواليد من المؤسسات الحكومية مرة واحدة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».