تلويح تركي بزيادة التدخل عشية لقاء إردوغان والسراج

TT

تلويح تركي بزيادة التدخل عشية لقاء إردوغان والسراج

يلتقي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» الليبية فائز السراج، في أنقرة اليوم، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية أمس، إن السراج سيزور أنقرة اليوم للقاء إردوغان، مشيراً إلى أن تركيا لها مصالح في ليبيا وتتخذ الخطوات اللازمة للدفاع عنها، معتبراً أن المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، سيخسر المعركة في ليبيا.
وسيكون السراج أول مسؤول ليبي يزور تركيا، بعد تخفيف تدابير مكافحة فيروس «كورونا» في تركيا اعتباراً من الاثنين الماضي، وبعد أن استأنف إردوغان عقد الاجتماعات إثر عودته إلى أنقرة، بعد شهرين ونصف شهر أمضاها في إسطنبول؛ حيث كان يعقد الاجتماعات مع مسؤولي حكومته وحزبه (العدالة والتنمية الحاكم) عبر تقنية «الفيديو كونفرنس».
ووجه إردوغان الدعوة إلى السراج لزيارة تركيا، خلال اتصال هاتفي بينهما الأسبوع قبل الماضي، كان هو الاتصال الثاني من نوعه في أسبوع واحد، لبحث التطورات في ليبيا، وسير العمليات العسكرية في محيط طرابلس، والتي يتابعها إردوغان «شخصياً»، بحسب ما صرح به المتحدث باسم حزبه عمر تشيليك.
وتأتي زيارة السراج لأنقرة بعد يومين فقط من تعهد مجلس الأمن القومي التركي، في ختام اجتماع عقده برئاسة إردوغان مساء أول من أمس، بمواصلة دعم حكومة الوفاق. وأكد «المجلس» في بيان عقب الاجتماع، استمرار أنقرة في تقديم الاستشارات العسكرية لحكومة «الوفاق الوطني» التي وصفها بـ«الشرعية»، من أجل «إحلال الاستقرار والسلام في ليبيا». كما دعا المجلس المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف مبدئي، ضد من قال إنهم «يغتصبون إرادة الشعب الليبي، ويستهدفون الحكومة الشرعية الليبية»، مضيفاً في بيان أن المشاركين في اجتماع المجلس بحثوا مواقف من وصفها بـ«الدول المعادية لأنشطتنا المشروعة في البحر المتوسط»، وأكدوا الاستمرار في «حماية مصالح تركيا في البر والبحر والجو، دون تقديم أي تنازلات».
ويتزامن لقاء السراج وإردوغان مع اجتماع الحكومة التركية، برئاسة إردوغان، لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا، والشروع في تطبيق بنود مذكرة التفاهم حول الحدود البحرية، الموقعة مع حكومة «الوفاق» في 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهو الاجتماع الأول للحكومة في مقر الرئاسة التركية بأنقرة، بعد اجتماعات افتراضية على مدى 70 يوماً بسبب تفشي وباء «كورونا».
وقال وزير الخارجية التركي، إن حفتر لن يستطيع كسب المعركة في ليبيا، معتبراً أنه ما زال بعيداً عن الحل السياسي. وأضاف جاويش أوغلو في مقابلة مع قناة تركية أمس، أن دولاً مثل فرنسا تواصل تقديم الدعم لحفتر، مشيراً إلى أن ما سماها «اعتداءات» حفتر زادت خلال الفترة الأخيرة، وهو ما دفع حكومة السراج إلى صدها عبر شن هجوم معاكس، والسيطرة على مناطق مهمة. وتابع جاويش أوغلو موضحاً أن «السيطرة على الخط الساحلي من طرابلس حتى تونس، وعلى المطارات الدولية، والتقدم جواً وبراً، تؤشر في الواقع إلى عدم قدرة حفتر على كسب هذه المعركة». وقال إن تركيا «لديها مصالح في ليبيا، وقد تتخذ الخطوات اللازمة للدفاع عنها عند اللزوم».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.