تركيا: حملة اعتقالات جديدة لعسكريين بدعوى الانتماء إلى حركة «غولن»

مقتل شاب بسبب استماعه لأغنية كردية يفجّر غضباً واسعاً

الشرطة تعتقل محتجة خلال تجمع في إسطنبول في ذكرى احتجاجات «جيزي بارك» أول من أمس (أ.ف.ب)
الشرطة تعتقل محتجة خلال تجمع في إسطنبول في ذكرى احتجاجات «جيزي بارك» أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا: حملة اعتقالات جديدة لعسكريين بدعوى الانتماء إلى حركة «غولن»

الشرطة تعتقل محتجة خلال تجمع في إسطنبول في ذكرى احتجاجات «جيزي بارك» أول من أمس (أ.ف.ب)
الشرطة تعتقل محتجة خلال تجمع في إسطنبول في ذكرى احتجاجات «جيزي بارك» أول من أمس (أ.ف.ب)

أطلقت السلطات التركية حملة اعتقالات جديدة في صفوف الجيش تستهدف عسكريين يزعم ارتباطهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن التي تتهمها حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان بتدبير محاولة انقلاب ضده في 15 يوليو (تموز) 2016 وفي الوقت ذاته اعتقلت قوات الأمن عددا من المشاركين في مظاهرة خرجت في إسطنبول لإحياء ذكرى ضحية من ضحايا احتجاجات جيزي بارك التي وقعت عام 2013، كما أثار مقتل أحد الشباب الأكراد في أنقرة جدلا واسعا خاصة بعد أن تردد أن قتله كان بسبب استماعه لأغنية تراثية كردية.
وأصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول أمس أوامر توقيف واعتقال بحق 118 شخصا معظمهم ضباط من رتب مختلفة بالجيش ومن قوات الأمن للاشتباه في صلتهم بحركة غولن التي صنفتها السلطات «تنظيما إرهابيا». وقال مكتب المدعي العام، في بيان، إنه أصدر مذكرات توقيف بحق 42 من أفراد الجيش وقوات الدرك التابعة لوزارة الداخلية بسبب تصريحات أشخاص محتجزين سابقا وتحليلات للمكالمات الهاتفية المدفوعة. وكان من بينهم 24 ضابطا في الخدمة بصفوف الجيش. وأضاف البيان أن المدعي العام طلب أيضا اعتقال 76 من أفراد الجيش وقوات الدرك والمدنيين في عملية أخرى منفصلة، بسبب استخدامهم هواتف مدفوعة للاتصال بأعضاء الحركة، وكان 74 من هؤلاء في الخدمة.
وشملت أوامر الاعتقال أفرادا من القوات البرية والجوية والبحرية، بالإضافة إلى عقيد وثلاثة عناصر برتبة ملازم.
ومنذ محاولة الانقلاب اعتقلت السلطات أكثر من 180 ألفا كما فصلت عددا مماثلا من وظائفهم في مختلف مؤسسات الدولة وأجرت تحقيقات مع أكثر من 500 ألف شخص للاشتباه في وجود صلات مع حركة الخدمة، لكن الاعتقالات توسعت لتشمل سياسيين وصحافيين معارضين لإردوغان ما أثار انتقادات واسعة من جانب حلفاء تركيا الغربيين والمنظمات الحقوقية الدولية.
في سياق مواز، اعتقلت قوات الأمن التركية 21 شخصا على الأقل من بين المشاركين في مظاهرة خرجت في إسطنبول مساء أول من أمس لإحياء ذكرى شاب قتل خلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي خرجت في أنحاء البلاد قبل 7 سنوات المعروفة باحتجاجات حديقة «جيزي بارك». وتجمع المتظاهرون أمام حديقة جيزي قرب ميدان تقسيم في إسطنبول، حيث كان أصيب الشاب أدهم صاري صولوك، 26 عاما، برصاصة في الرأس في الأول من يونيو (حزيران) عام 2013، ثم توفي في المستشفى بعد 14 يوما، وأدين شرطي بقتله. وفرقت الشرطة التركية بالقوة المشاركين في المظاهرة بدعوى أنها «غير قانونية»، وقالت إنها فرقت المظاهرة بعد أن رفضت المجموعة الاستجابة لنداءات الانصراف.
وفي مايو (أيار) 2013 تسبب مشروع لتطوير ميدان تقسيم تضمن إزالة جزء من حديقة «جيزي» التاريخية في مظاهرات ترفض المساس بالحديقة سرعان ما تحولت إلى احتجاجات شارك فيها الملايين في أنحاء تركيا لإدانة السلطات التي تزداد استبدادا، وعلى رأسها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي كان رئيسا للوزراء في ذلك الوقت.
وكان صاري صولوك بين عشرات المحتجين الذين قتلوا وأصيب آلاف آخرون. ووصف إردوغان الاحتجاجات حينها بأنها «محاولة انقلاب» على حكمه ووصف المشاركين فيها بأنهم «حثالة» ومجموعة من المخربين الفوضويين.
في الوقت ذاته، أثار مقتل شاب كردي، طعنا بالسكين، قيل إنه بسبب استماعه إلى أغنية تراثية كردية، حالة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا، وجرى وصف الحادث بأنه «جريمة كراهية ضد رجل كردي». ونفى مكتب والي أنقرة، في بيان، ما تردد عن مقتل الشاب باريش تشاكان (20 عاما)، أول من أمس، بسبب استماعه للموسيقى الكردية، وقال إنه تعرض للطعن بعدما دخل في شجار مع ثلاثة رجال كانوا يشغلون أغاني بصوت مرتفع في سيارتهم وقت الأذان، وإنه تم احتجاز المشتبه بهم.
غير أن حزب الشعوب الديمقراطي المعارض (المؤيد للأكراد) أصر على أن تشاكان «تعرض للطعن في القلب بسبب الاستماع للموسيقى الكردية في أنقرة». وانتقد الحزب في بيان، ما سماه «العقلية العنصرية التي تغذيها سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم التي تستهدف اللغة الكردية في كل مكان». وقالت وكالة «الأناضول» الرسمية إن والد الضحية، نهاد تشاكان، قال إن ابنه تعرض لهجوم من جانب ثلاثة أشخاص عندما طلب منهم هو وصديقه خفض صوت الأغاني وقت رفع الأذان.
وضج موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بحادثة مقتل الشاب الكردي، الذي عثر عليه مقتولاً في إحدى ضواحي العاصمة التركية أنقرة، يوم الأحد الماضي، ونشر مغردون أتراك متضامنون مع الشاب الكردي وسما باسمه، معربين عن استيائهم الشديد من تلك الحادثة التي أودت بحياته، بعد محاولة مغردين مقربين من الحكومة، نفي واستبعاد أن يكون السبب وراء تلك الجريمة البشعة هو استماع الشاب للأغاني الكردية.
ونشرت صحيفة «يني يشام» على «تويتر»، تغريدة قالت فيها إن «باريش تشاكان تم طعنه حتى الموت بسبب الاستماع للموسيقى الكردية. وأعاد مغردون استذكار حادثة مماثلة جرت بحق رجل وابنه لسبب مشابه في أواخر العام 2018، بولاية سكاريا غرب تركيا، حين قام أتراك بقتل الأب الكردي قدر ساكتشي وابنه برهان ساكتشي، فقط لأنهما تحدثا باللغة الكردية بعدما سألهما مهاجمون أتراك إن كانوا كردا أو سوريين، بعد سماعهم لغتهما غير التركية».
ونشر موقع وكالة «ميزبوتاميا» مقطع فيديو يظهر فبركة لقاء أجرته إحدى القنوات المؤيدة للحكومة مع والد الشاب القتيل يظهر فيه مراسل القناة وهو يطلب من الأب أن يقول إن السبب وراء قتل ابنه هو «الأذان» وليس بسبب الاستماع للأغاني الكردية.
في السياق ذاته، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا مقطع فيديو لواقعة تعذيب شاب كردي خلال الإدلاء بأقواله داخل شعبة مكافحة الإرهاب في مديرية أمن ديار بكر جنوب شرقي البلاد.
ونشر نائب الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي، ألب ألتينروس، مقطع الفيديو على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وكتب ألتينروس معلقا: «كانت تقابلك هذه الصرخات عندما كنت تدخل إلى شعبة مكافحة الإرهاب في التسعينات... إنها صرخات إنسان يتم تعذيبه، في أي مكان أسمعها أعرفها... كل شخص يتسبب في هذه الوحشية مذنب».



توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
TT

توافق أممي نادر في مجلس الأمن حول سوريا

فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)
فاسيلي نيبينزيا مبعوث روسيا لدى الأمم المتحدة (رويترز)

قال دبلوماسيون أميركيون وروس، يوم الاثنين، إن أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعملون على إعداد بيان بشأن سوريا في الأيام المقبلة، وذلك بعد اجتماع مغلق بشأن سيطرة قوات المعارضة على العاصمة دمشق والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحفيين بعد اجتماع المجلس المؤلف من 15 عضوا "أعتقد أن المجلس كان متحدا إلى حد ما بشأن الحاجة إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها، وضمان حماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين". وأكد نائب السفير الأميركي روبرت وود أن أغلب الأعضاء تحدثوا عن هذه القضايا، وقال للصحفيين إن المجلس سيعمل على إصدار بيان. وتتولى الولايات المتحدة رئاسة المجلس في ديسمبر (كانون الأول). وقال وود "إنها لحظة لا تصدق بالنسبة للشعب السوري. والآن نركز حقا على محاولة معرفة إلى أين يتجه الوضع. هل يمكن أن تكون هناك سلطة حاكمة في سوريا تحترم حقوق وكرامة الشعب السوري؟"

وقال السفير السوري لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك للصحفيين خارج المجلس إن بعثته وكل السفارات السورية في الخارج تلقت تعليمات بمواصلة القيام بعملها والحفاظ على مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية. وقال "نحن الآن ننتظر الحكومة الجديدة ولكن في الوقت نفسه نواصل العمل مع الحكومة الحالية والقيادة الحالية"، مضيفا أن وزير الخارجية السوري بسام صباغ - المعين من قبل الأسد - لا يزال في دمشق. وقال للصحفيين خارج المجلس "نحن مع الشعب السوري. وسنواصل الدفاع عن الشعب السوري والعمل من أجله. لذلك سنواصل عملنا حتى إشعار آخر". وأضاف "السوريون يتطلعون إلى إقامة دولة الحرية والمساواة وسيادة القانون والديمقراطية، وسوف نتكاتف في سبيل إعادة بناء بلدنا، وإعادة بناء ما دمر، وبناء المستقبل، مستقبل سوريا الأفضل".

وتحدث نيبينزيا وود عن مدى عدم توقع الأحداث التي وقعت هذا الأسبوع في سوريا. وقال نيبينزيا "لقد فوجئ الجميع، بما في ذلك أعضاء المجلس. لذلك يتعين علينا أن ننتظر ونرى ونراقب ... ونقيم كيف سيتطور الوضع". ووفرت روسيا الحماية الدبلوماسية لحليفها الأسد خلال الحرب، واستخدمت حق النقض أكثر من 12 مرة في مجلس الأمن، وفي العديد من المناسبات بدعم من الصين. واجتمع المجلس عدة مرات شهريا طوال الحرب لمناقشة الوضع السياسي والإنساني في سوريا والأسلحة الكيميائية.

وقال السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونغ بعد اجتماع المجلس "الوضع يحتاج إلى الاستقرار ويجب أن تكون هناك عملية سياسية شاملة، كما يجب ألا يكون هناك عودة للقوى الإرهابية". وبدأت هيئة تحرير الشام الهجوم الذي أطاح بالأسد. وكانت تُعرف سابقا باسم جبهة النصرة التي كانت الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا حتى قطعت صلتها به في عام 2016. وتخضع الجماعة لعقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وقال دبلوماسيون إنه لم تحدث أي نقاشات بشأن رفع هيئة تحرير الشام من قائمة العقوبات.