«حرب تغريدات» حول ملف المغيّبين والمختطفين في العراق

تصريحات لوزير الدفاع عمّقت الخلافات

TT

«حرب تغريدات» حول ملف المغيّبين والمختطفين في العراق

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، خصوصاً منصة «تويتر»، «حرب تغريدات» ضارية بين اتجاهات محسوبة على المكوّن السني، وأخرى على المكون الشيعي، معظمها قريبة أو متعاطفة من الاتجاه «الولائي» الموالي لإيران، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان «مناوشات» متبادلة سابقة حدثت بين الطرفين على خلفية اتهام سكّان مناطق غرب العراق بالمساعدة في صعود «داعش»، وتوفير الملاذات الآمنة لعناصره، في مقابل اتهامات تطال كبار المسؤولين الشيعة في بغداد بالتسبب في صعود «داعش» نتيجة سياق الإقصاء والتهميش والظلم الذي انتهجوه في المحافظات ذات الغالبية السنية.
كذلك أعادت «المناوشات» الجديدة إلى الأذهان حالات مماثلة من «الاستثمار» السياسي في الملفات الحساسة التي تعمد إليها بعض الجهات والجماعات بين الحين والآخر لتحقيق مكاسب محددة، وأحياناً شخصية تتخفى خلف مطالب تبدو محقة.
وبدأت «المناوشات» المتبادلة بعد إطلاق جماعات ناشطة تمثل المناطق الغربية هاشتاغ «وينهم»، ويعني (أين هم؟)، في إشارة إلى آلاف الأشخاص الذين غيّبوا واختطفوا في تلك المناطق بين أعوام 2014 و2018. وتتهم قوى سنية فصائل وميليشيات شيعية بالضلوع في عمليات اختطافهم وتغييبهم، وهو أمر تنفيه فصائل شيعية مسلحة.
وكتب الناشط الأكاديمي يحيى الكبيسي، في «تويتر»، أن «أهم ما كشفت عنه حملة (وينهم) هو حجم التواطؤ الجماعي غير الأخلاقي مع الانتهاكات المنهجية التي جرت وتجري وستجري في العراق، كما كشفت عن الطائفية الكامنة في عقول وقلوب كثير ممن سعى للتغطية على جريمة الاختفاء القسري، وهي جريمة ضد الإنسانية، ليكون بذلك شريكاً أصيلاً فيها».
وأضاف الكبيسي، في تغريدة أخرى، أن «الاختفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، وقد تم ارتكابها بمنهجية طوال الأعوام الماضية. العراق ملزم بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي هو عضو فيها، باتخاذ التدابير اللازمة لتحميل المسؤولية الجنائية لكل من ارتكب هذه الجريمة وكان متواطئاً فيها».
أما النائب السابق مشعان الجبوري فقد كتب هو الآخر، عبر «تويتر»، قائلاً: «كلما كتبت عن المخفيين قسراً، أو عن التجاوزات بالسجون والإعدام خارج القانون، وحتى حين كشفت مرتكبي جريمة (سبايكر)، لاحظت أن أغلبية العراقيين يتخذون موقفهم حسب هوية الجاني والضحية، وقد أظهرت التعليقات على منشوراتنا عن تلك القضايا تواطؤاً جمعياً مسانداً للجناة ضد الضحايا بدوافع طائفية».
وكانت جبهة «الإنقاذ والتنمية» التي تضم طيفاً واسعاً من القوى السنية، ويتزعمها رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، قد تحدثت الشهر الماضي عن أكثر من 12 ألف مغيب ومختطف من مواطني المحافظات الغربية على يد من سمتهم «ميليشيات وفصائل مسلحة».
وجاء هذا الجدل في وقت أدلى فيه وزير الدفاع جمعة عناد الجبوري بتصريحات فُهم منها أنه يشير إلى «الأصل» السني لتنظيم داعش في المحافظات الغربية للعراق، ما زاد من تصاعد موجة المناكفات بين الناشطين السنة والشيعة. وأصدر الوزير بياناً أول من أمس، أوضح فيه التصريحات المنسوبة له، فقال: «تداولت بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تصريحاً منسوباً لنا، مفاده أن «داعش» تنظيم سني متطرف، ومقاتليه 80 في المائة من أهالي الغربية. أود أن أبين (...) أن هذا التصريح قد اقتطع من سياقه العام، وكان القصد من قوله نقل الصورة النمطية المبنية على أحكام فكرية مسبقة لغرض مناقشتها ومعالجتها... فُهم من كلامنا أن المقصود بأبناء الغربية هم أبناء محافظة الأنبار الكرام، وهذا غير صحيح مطلقاً».
وقبل إصدار التوضيح، استغل «الولائيون» المقربون من إيران، وبعض المدونين الشيعة، تصريحات الوزير السنّي (المنحدر من محافظة صلاح الدين) لشن هجوم معاكس، عبر «تويتر»، ضد جماعات هاشتاغ «وينهم» من الناشطين السنة. وعد بعض هؤلاء المغردين الشيعة أن «الوزير لم يأتِ بجديد، إنما تكلم عن حقيقة معروفة».
في المقابل، انتقد بعض المغردين السنة تصريحات الوزير (قبل توضيحها)، وعابوا عليه أنه «ذهب إلى النتيجة التي أفضت إلى ظهور «داعش»، وتجاهل الحديث عن أصل المشكلة التي تسببت بها سياسات الإقصاء والتهميش الشيعية ضد المكون السني».
وسم «وينهم»، والوسم المضاد له، وما نجم عنهما من اتهامات وتغريدات عدائية بين مدونين سنة وشيعة، دفعت عراقيين آخرين إلى المطالبة الفورية بإصدار قانون لتجريم الطائفية. وقد تصدر هذه الحملة، أول من أمس، الإعلامي الشهير محلياً أحمد البشير الذي يتعرض لحملات تشهير واسعة من قبل الجماعات «الولائية» في العراق، بعد أن كان قد تعرض بالسخرية والانتقاد لبعض زعامات الفصائل والميليشيات الموالية لإيران في برنامجه «البشير شو» الذي بث موسمه الأخير عبر قناة «DW» الألمانية، السنة الماضية. وأطلق البشير، أول من أمس، هاشتاغ «قانون لتجريم الطائفية» الذي لقي تفاعلاً واسعاً من المغردين على «تويتر».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.