«روفيجي» التنزاني... مشروع مصري يدحض اتهامات إثيوبية للقاهرة

وزير الإسكان تابع سير العمل فيه

TT

«روفيجي» التنزاني... مشروع مصري يدحض اتهامات إثيوبية للقاهرة

يواصل تحالف شركات مقاولات مصرية، بتوجيه حكومي، العمل على مشروع سد ومحطة «جوليوس نيريري» الكهرومائية بنهر روفيجي في تنزانيا. وقال عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، أمس، إنه «اطمئن على سير العمل بالمشروع، والالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية؛ لحماية وضمان صحة وسلامة العاملين به».
ويستهدف المشروع، الذي يُنفذه تحالف شركتي «المقاولون العرب» و«السويدي إلكتريك»، السيطرة على فيضان نهر روفيجي، وتوليد الطاقة، والحفاظ على البيئة، من خلال إنشاء سد على النهر بطول 1025 متراً عند القمة، بارتفاع 134 متراً، وبسعة تخزينية نحو 34 مليار متر مكعب، ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية بقدرة 2115 ميغاواط، على جانب نهر روفيجي في محمية سيلوس جام بمنطقة مورغورو جنوب غربي مدينة دار السلام.
ويعزز المشروع الحضور المصري في دول حوض النيل، كما يدحض «اتهامات إثيوبية» لمصر، بشأن إعاقاتها المشروعات التنموية بدول الحوض، للاستئثار بالنصيب الأكبر من المياه، كما يشير الدكتور محمود أبوزيد وزير الري المصري الأسبق، رئيس المجلس العربي للمياه، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر توطد علاقاتها مع دول حوض النيل، لتحقيق التكامل مع تلك الدول، عبر تنفيذ مشروعات تنموية مشتركة لصالح شعوبها دون الإضرار بأحد، والاستفادة من مياه الأمطار التي تهطل سنوياً، وتذهب هباء في معظم تلك الدول».
وللمكاتب الاستشارية الهندسية المصرية دور بارز في المشروعات القومية العملاقة في تنزانيا، مثل تنفيذ كوبري «كيجامبوني»، فضلاً عن تصميم توسعة مطار «جوليوس نيريري».
وفي اجتماع عقده وزير الإسكان المصري، أمس، لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع سد ومحطة «جوليوس نيريري» الكهرومائية، بحضور قيادات الوزارة، وممثلي التحالف المُنفذ للمشروع، قال اللواء محمود نصار، رئيس الجهاز المركزي للتعمير رئيس لجنة متابعة المشروع، إنه «تم خلال الاجتماع استعراض الموقف التنفيذي للمشروع من قِبَل التحالف المصري المُنفذ له». وأشار نصار إلى أن المشروع يهدف إلى السيطرة على فيضان نهر روفيجي، وأن المحطة ستكون الأكبر في تنزانيا بطاقة كهربائية 6307 آلاف ميغاواط/ ساعة سنوياً، وسيتم نقل الطاقة المتولدة عبر خطوط نقل الكهرباء جهد 400 كيلو فولت إلى محطة ربط كهرباء فرعية، حيث سيتم دمج الطاقة الكهربائية المتولدة مع شبكة الكهرباء العمومية. وأوضح رئيس لجنة متابعة المشروع، في بيان، أن المشروع يشمل إنشاء 4 سدود فرعية لتكوين الخزان المائي، وسدين مؤقتين أمام وخلف السد الرئيسي؛ لعمل التجفيف والتحويل أثناء تنفيذ السد الرئيسي، بالإضافة إلى مفيض للمياه بمنتصف السد الرئيسي، ومفيض طوارئ ونفق بطول 703 أمتار، لتحويل مياه النهر، و3 أنفاق لمرور المياه اللازمة لمحطة الكهرباء، وكوبري خرساني دائم، و2 كوبري مؤقت على نهر روفيجي، ويتم خدمة منطقة المشروع بإنشاء طرق مؤقتة وطرق دائمة لتسهيل الحركة، وربط مكونات المشروع.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف المصري (شركة المقاولون العرب وشركة السويدي إلكتريك) المُنفذ للمشروع، وقع في ديسمبر (كانون الأول) 2018، بحضور رئيس جمهورية تنزانيا الاتحادية، ومصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، عقداً بقيمة 2.9 مليار دولار، في دار السلام بتنزانيا، لتنفيذ مشروع بناء سد ومحطة توليد كهرومائية بقدرة 2115 ميغاواط، على نهر روفيجي بتنزانيا، بهدف توليد 6307 آلاف ميغاواط/ ساعة سنوياً، تكفي استهلاك نحو 17 مليون أسرة تنزانية، كما يتحكم السد في الفيضان لحماية البيئة المحيطة من مخاطر السيول والمستنقعات، ولتخزين نحو 34 مليار م3 من المياه في بحيرة مُستحدثة؛ بما يضمن توافر المياه بشكل دائم على مدى العام لأغراض الزراعة، والحفاظ على الحياة البرية المحيطة. ويأتي التعاون مع تنزانيا، أحد دول حوض النيل، في وقت تشهد فيه العلاقات المصرية الإثيوبية توتراً، بسبب «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لمياه النيل في مصر، وتخشى القاهرة من أن تؤدي طريقة ملء وتخزين المياه خلف السد الإثيوبي إلى الإضرار بحصتها من مياه النيل، التي تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها القاهرة بنسبة أكثر من 90 في المائة في الشرب والزراعة والصناعة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.