البرلمان الإيراني الجديد يتعهّد مواصلة دعم الميليشيات

قاليباف ينتقد «عدم الكفاءة والارتباك الإداري في الحكومة»

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يفتتح جلسة البرلمان أمس (خانه ملت)
رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يفتتح جلسة البرلمان أمس (خانه ملت)
TT

البرلمان الإيراني الجديد يتعهّد مواصلة دعم الميليشيات

رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يفتتح جلسة البرلمان أمس (خانه ملت)
رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف يفتتح جلسة البرلمان أمس (خانه ملت)

تمسك رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، في افتتاح جلسة أمس، بمواصلة دعم الميليشيات المتحالفة مع إيران، في وقت وصف فيه التفاوض مع الولايات المتحدة بأنه «بلا جدوي»، منتقداً الإدارة الحكومة التي اتهمها بـ«عدم الكفاءة والارتباك الإداري» و«التركيز على النظر إلى الخارج» على حساب «الإدارة الجهادية».
وبدا واضحاً، أمس، أن قاليباف حرص على استخدم نبرة صارمة نسبياً إزاء الحكومة في أول خطواته، على خلاف نبرة الرئيس السابق، حليف روحاني، علي لاريجاني الذي ترك منصبه بعد 12 عاماً. كما أصدر نواب البرلمان بياناً يرسم الخطوط العريضة للبرلمان، ويتعهد مرة أخرى بالعمل وفق سياسات المرشد الإيراني.
وانتخب قاليباف، الخميس، رئيساً للبرلمان الذي صار يهيمن عليه المحافظون بعد الانتخابات التشريعية في فبراير (شباط) الماضي، وهو قائد سابق لسلاح جو «الحرس الثوري».
وقال قاليباف، في بداية جلسة أمس، إن التفاوض مع الولايات المتحدة التي وصفها بـ«محور الاستكبار» أمر «لا فائدة منه، بل كله أضرار».
وتوعد قاليباف أيضاً بالانتقام لمقتل حليفه السابق قاسم سليماني، قائد العمليات الخارجية في «الحرس الثوري». وقال في هذا السياق: «تعاملنا مع أميركا الإرهابية يتضمن إكمال سلسلة الانتقام لدماء سليماني (...) وسيستكمل بطرد الجيش الأميركي (...) من المنطقة تماماً»، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
ولفت قاليباف إلى أن «تنامي قدرات محور المقاومة»، والميليشيات المدعومة من إيران في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، سيكون ضمن أجندة البرلمان الحالي، وفقاً لوكالات أنباء إيرانية.
ودعا قاليباف إلى توطيد العلاقات مع الدول المجاورة، و«الدول الكبرى التي وقفت بصداقة إلى جانبنا في الشدائد، ولها معنا مصالح استراتيجية»، دون أن يسمي هذه الدول.
ولا يأتي تأكيد قاليباف على توطيد العلاقات من فراغ، إذ وجه عدة نواب من البرلمان السابق تحذيرات من التشدد في السياسة الخارجية، ومن بين هؤلاء نائب رئيس البرلمان السابق، علي مطهري، الذي كتب مقال رأي بصحيفة «إيران» الحكومية، الأربعاء، عن انعكاس السلوك الإيراني خلال الشهور المقبلة على موقف الاتحاد الأوروبي من تحرك الولايات المتحدة لتمديد حظر الأسلحة على إيران في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وانتقد قاليباف الولايات المتحدة على خلفية وفاة جورج فلويد خلال إيقافه من قبل الشرطة في مدينة منيابوليس، وهو ما قاد إلى احتجاجات واسعة في أنحاء البلاد.
وجاء خطاب قاليباف غداة تغريدة ساخنة، عبر شبكة «تويتر» المحظورة في إيران منذ 2009، عن تداعيات مقتل المواطن الأميركي، وصف فيها الولايات المتحدة بـ«مصدر الشر».
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أنه انتقد «البنية السياسية والقضائية والاقتصادية الجائرة» في الولايات المتحدة، عاداً تلك البنية عملت على «تغذية الحرب والانقلابات والفقر والتمييز والتعذيب والتناحر والفساد الأخلاقي في العالم، والعنصرية والجوع والإهانة... في أراضيها نفسها، لمئات السنوات». وأضاف: «ما الذي يمكننا تسميتها به بدل (الشيطان الأكبر)؟»، مستعملاً العبارة الرائجة في إيران لوصف الولايات المتحدة.
وكان قاليباف مرشحاً للانتخابات الرئاسية في 2017، قبل أن ينسحب لصالح المرشح المحافظ حينذاك رئيس القضاء حالياً، إبراهيم رئيسي. وشهدت المناظرات التلفزيونية في حملة الرئاسة تراشقاً حاداً بين قاليباف وروحاني، ونائبه الأول إسحاق جهانغيري، حول قضايا فساد اقتصادي لاحقت كل منهما.
وعلى الصعيد الداخلي، كانت بداية قاليباف بتوجيه انتقادات إلى حكومة روحاني، متهماً إياها بـ«عدم الكفاءة والارتباك الإداري» في الجهاز التنفيذي. ولجأ إلى انتقادات سابقة واجهت حكومة روحاني، تتهمها بـ«التركيز على النظر إلى الخارج» و«عدم اليقين بالإدارة الجهادية»، مشدداً على أن علاقة البرلمان بالحكومة «ستكون منطقية وثورية».
وقال قاليباف تحديداً: «البرلمان في بداية الطريق، لكن ما يجعل الأوضاع أكثر خطورة نموذج الإدارة في الجهاز التنفيذي»، وتابع: «فضلاً عن عدم الكفاء والارتباك الإداري، تنظر الحكومة إلى الخارج، ولا تؤمن بكثير من مكونات نموذج الإدارة الجهادية».
ويشير قاليباف بتسمية «الإدارة الجهادية» إلى أوصاف يستخدمها «المرشد» الإيراني عادة في وصف دور الأجهزة الخاضعة لصلاحياته، مثل جهاز «الحرس الثوري».
وتعهد قاليباف بأن «يستخدم البرلمان طاقاته التشريعية و(صلاحيات) الرقابة لقيادة الحكومة إلى الاتجاه الصحيح».
وتجاهل روحاني التعليق على خطاب قاليباف، في المؤتمر الصحافي أمس، غير أنه استمر في توجيه الثناء والمديح لصاحب الكلمة الفصل في البلاد، «المرشد» خامنئي. وقال روحاني: «تحت قيادة المرشد، نرى أن الأمة والبلاد مصونة محفوظة، مقابل مؤامرات الأعداء». وعاد الرئيس الإيراني ثلاثين عاماً إلى الوراء للتذكير بانتخاب خامنئي، خلفاً لـ«المرشد» الأول (الخميني)، غداة إعلان وفاته. وكان روحاني يشير ضمناً إلى أهمية الوحدة بين أركان النظام الإيراني في الأوضاع الحساسة.
وباشر البرلمان الإشراف على أعمال الحكومة، أمس، باستدعاء وزير الاقتصاد مسعود كرباسيان، ومحافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، لتقديم توضيح حول سياسة الحكومة في تنفيذ توصيات صدرت من خامنئي في مارس (آذار) الماضي بضرورة تعزيز الإنتاج.
إلى ذلك، أفاد الموقع الناطق باسم البرلمان (خانه ملت)، أمس، بأن النائب عن مدينة رشت، محمد رضا أحمدي سنغري، احتج على طريقة إدارة البرلمان، وقال: «منذ الصباح، ننتظر النظام والإدارة في الجلسة؛ بعض المرات، لم نستوعب ما يقوله رئيس البرلمان».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.