لبنان: مقررات «سيدر» في الثلاجة وتفعيلها بيد «النقد الدولي»

موالون يترحمون على الحكومات السابقة

TT

لبنان: مقررات «سيدر» في الثلاجة وتفعيلها بيد «النقد الدولي»

قال مصدر سياسي إنه لا أمل للبنان، على الأقل في المدى المنظور، في إعادة تحريك المقررات التي صدرت عن مؤتمر «سيدر» لمساعدته في النهوض من أزماته المالية والاقتصادية، وإن تعويمها بات يرتبط كلياً بالتوصل إلى صيغة للتعاون بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لدعم خطة التعافي المالي، وإن المفاوضات الجارية لا تزال في مرحلة التفاوض التقني ولم تنتقل حتى الساعة إلى مرحلة البحث في الإصلاحات المالية والإدارية التي يطالب بها الصندوق.
وعزا المصدر السياسي السبب إلى أن الحكومة تأخرت في إنجاز الورقة الإصلاحية، وأن سابقاتها لم تُحسن الإفادة من مؤتمر «سيدر» بسبب ما عانته من تعطيل، وقال: لو أن لبنان لم يهدر الفرصة لكان استفاد من مقرراته وإن وضعه الاقتصادي مع تفشي وباء فيروس «كورونا» لن يكون سيئاً على ما هو عليه الآن.
ولفت المصدر نفسه إلى «الشرق الأوسط» إلى أن مرحلة ما قبل تفشّي وباء «كورونا» غير المرحلة التي اجتاحت العالم بعد تفشّي هذا الوباء. ورأى أن بعض الدول التي كانت شاركت في مؤتمر «سيدر» بدعوة من الحكومة الفرنسية باتت مضطرة لأن تعيد النظر في التزاماتها.
وأكد أن عدم الوصول إلى تعاون بين الحكومة وصندوق النقد سينعكس سلباً على احتمال معاودة تعويم مقررات «سيدر» التي هي مخصصة في الأساس لإعادة تأهيل البنى التحتية وتمويل إقامة مشاريع إنتاجية. وانتقد الطريقة التي اتُّبعت لتشكيل الوفد اللبناني للتفاوض مع صندوق النقد ليس بسبب «الاستعانة» بعدد من الخبراء والمستشارين فحسب، وإنما لعدم اتفاقه على رؤية واحدة ينطلق منها لتزخيم المفاوضات.
ونقل المصدر السياسي عن جهات أوروبية تواكب انطلاق المفاوضات بين الحكومة وصندوق النقد، عدم ارتياحها إلى التأخر في إنجاز الإصلاحات المالية والإدارية من جهة وإلى تعذّر الاتفاق بين أعضاء الوفد اللبناني على مقاربة موحّدة تتعلق بالأرقام المالية.
ورأى أن الجهات إياها لا ترى من مبرر للعدد الفضفاض للمستشارين في الوفد اللبناني، ولا تفهم أن لكل رئيس مستشاراً أو أكثر خاصاً به، وإلا لماذا يتمثّل رئيس الجمهورية ميشال عون في المفاوضات كأن الحكومة ليست مخوّلة للنطق باسمه مع أنها حكومته؟
واستغربت الجهات الدولية - بحسب المصدر - تأخُّر حكومة الرئيس حسان دياب في إعداد الورقة الإنقاذية، وقالت إن ما تقدّمت به حتى الآن ليس كافياً لأنه جاء كناية عن تبنّي مجموعة من البنود من الورقة الإصلاحية التي أعدّتها الحكومة السابقة، لكنها لم تكن متناسقة وبدت كأنها من كل وادٍ عصا.
وسألت الجهات نفسها: ما الجدوى من إلحاق بناء معمل لتوليد الكهرباء في سلعاتا بخطة إعادة تأهيل قطاع الكهرباء؟ وكشفت أن مفوّض الحكومة الفرنسية بيار دوكان، المكلّف بمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» لدى الحكومة اللبنانية، كان أعلم من يعنيهم الأمر أن لا حاجة لهذا المعمل لافتقاده إلى الجدوى الاقتصادية منه، وشدّد منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي على ضرورة الإسراع في تشكيل الهيئة الناظمة للقطاع وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان.
واعتبر المصدر السياسي نقلاً عن الجهات الأوروبية، أن إعادة الاعتبار لمعمل سلعاتا لن تكون له من مفاعيل تنفيذية، لأن لبنان ليس في حاجة إلى بناء معمل ثالث إلى جانب معملي دير عمار والزهراني، وبالتالي يصعب على الحكومة تمويل بنائه من خلال شركات دولية تعنى ببناء المعامل.
كما اعتبر أن ما حصل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء لجهة إعادة تعويم سلعاتا بخلاف قرار مجلس الوزراء في جلسة سابقة، أساء إلى الحكم والحكومة لأنه قدّم الأخيرة للرأي العام بأنها ليست مخوّلة لاتخاذ القرار، في إشارة إلى استجابتها للضغوط التي مورست عليها من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وإنما بشخص رئيس الجمهورية، وأكد أن تجاوب دياب والوزراء ممن كانوا قرروا ترحيل بناء سلعاتا إلى المرحلة الثانية في حال أن هناك حاجة له مع ضغوط باسيل وبضوء أخضر من عون، أفقد الحكومة ما تبقى لها من مصداقية لدى الرأي العام، وأظهر الوزراء بأن قرارهم ليس بيدهم وإنما في مكان آخر.
ناهيك بأن الجلسة سجّلت لباسيل أنه وحده من يقرّر بالنيابة عن مجلس الوزراء، وبالتالي ليس صحيحاً أن الحكومة هي حكومة تكنوقراط تتشكّل من مستقلين.
فحكومة دياب هي بأمس الحاجة إلى تعويم، وتحديداً من قبل عون الذي أسقطها - بحسب المصدر - بالضربة القاضية لمصلحة تعويم باسيل رئاسياً، مع أنه يدرك أن أوراقه قد احترقت وكان من الأفضل البحث عن مرشح آخر لرئاسة الجمهورية.
لذلك، فإن حكومة دياب باتت محكومة بقراراتها لمصلحة باسيل لأن عون تخلى عنها - كما يقول المصدر - فتحوّلت إلى حكومة تصريف أعمال لم تتمكّن حتى الساعة من اتخاذ قرارات ذات وزن سياسي، وهذا ما يدفع فريقاً في الموالاة قبل المعارضة إلى الترحُّم على الحكومات السابقة، خصوصاً أنه كان في وسع دياب أن يحشر عون بدلاً من أن يحشره الأخير ويحرجه من دون أن يتجرّأ على مواجهته.
وعليه، فإن مقررات «سيدر» وُضعت في «الثلاجة» وأُدرجت على لائحة الانتظار لعل نجاح المفاوضات مع صندوق النقد يدفع باتجاه تفعيلها.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.