ممتلكات البشير ورجالاته المصادرة «قمة جبل الجليد» لثرواتهم

البشير (أرشيفية)
البشير (أرشيفية)
TT

ممتلكات البشير ورجالاته المصادرة «قمة جبل الجليد» لثرواتهم

البشير (أرشيفية)
البشير (أرشيفية)

منذ الإطاحة بعمر البشير قبل أكثر من عام، صادرت السلطات السودانية شركات وعقارات وممتلكات للرئيس السابق ومساعديه تقدر قيمتها بالمليارات، فيما يقول مسؤولون ومحللون إنها «ليست سوى قمة جبل الجليد» في ما حصل عليه بشكل غير قانوني خلال سنوات حكمه الطويلة.
وقال المتحدث باسم لجنة «محاربة الفساد وتفكيك نظام عمر البشير» صلاح مناع لوكالة فرنس برس إن «التقديرات الأولية تشير إلى أن حجم العقارات والممتلكات التي استولى عليها رجال النظام السابق تتراوح بين 3.5 مليار وأربعة مليارات دولار».
وأعلنت اللجنة أخيرا «استرداد شركات وممتلكات وفنادق ومراكز تجارية ومزارع ومئات العقارات في العاصمة الخرطوم ومدن السودان الأخرى».
وقال مناع: «ما أعلنت عنه اللجنة حتى الآن يمثل قمة جبل الجليد»، موضحا أن اللجنة لم تضع يدها حتى الآن على أي أموال سائلة، وكل ما تسلمته «عقارات ومنقولات».
وأطاح الجيش السوداني في 11 أبريل (نيسان) 2019 بالبشير الذي حكم البلاد لثلاثة عقود، بعد أربعة أشهر من حركة احتجاجات شعبية ضدّه. وأوقفه ولا يزال قيد الاعتقال.
وتمّ تشكيل «لجنة مكافحة الفساد وتفكيك النظام السابق» في ديسمبر (كانون الأول) 2019 بقرار من المجلس السيادي الذي يضم مدنيين وعسكريين ويتولى إدارة البلاد منذ أغسطس (آب) ولفترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات.
وعقب سقوط البشير، أوقفت السلطات عشرات من رجالات نظامه المتهمين بالفساد وبدأت تحقيقات معهم ولكنّ أيا منهم لم تتم إحالته إلى المحاكمة بعد.
وصادرت لجنة محاربة الفساد عقارات ومزارع تعود ملكيتها للبشير، وبعض أفراد أسرته وكبار مساعديه، ومن بينهم وزيرا الخارجية والدفاع السابقان علي كرتي وعبد الرحيم محمد حسين.
وفي ديسمبر الماضي، أدين البشير بالفساد في واحدة من عدة قضايا، وصدر حكم بالتحفّظ عليه في دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين.
ويعتقد عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة التيار الذي اشتهر بكتاباته عن فساد النظام السابق قبل إطاحته، أن ما أعلنت عنه لجنة مكافحة الفساد «يعتبر لا شيء، ففساد النظام السابق كان على نطاق كبير جدا ومتنوعا وبعضه أخفي ببراعة ومهارة ما يجعل أمر كشفه صعبا ويتطلب زمنا وخبرة كبيرة».
ويؤكد الوسيط العقاري عماد خالد أن العقارات التي صودرت «تقع في المناطق الأعلى سعرا في الخرطوم وقيمتها كبيرة للغاية، كما أن بعضها يطل على النيل وقيمته الاستثمارية رفيعة».
ولا تزال لجنة مكافحة الفساد في مرحلة تقييم ما صادرته.
وقال صلاح مناع: «لن نعرف قيمة هذه الممتلكات إلا بعد تقييمها بدقة وسنطلب من بيت خبرة عالمي القيام بذلك قبل أن نسلمها إلى وزارة المالية».
وأشار مسؤول على صلة بعمل لجنة مكافحة الفساد طلب عدم كشف هويته، أن الأخيرة تسلمت مستندات كثيرة جدا وفحصها سيستغرق وقتا طويلا.
وأكد المسؤول أن «كمية المستندات التي وصلت إلى اللجنة كبيرة جدا، إلى درجة تمّ نقلها بواسطة ثلاث شاحنات، واللجنة ستفحص كل مستند منها».
ويرى الخبير الاقتصادي محمد الناير أن تحويل هذه العقارات والمنقولات إلى أموال تعود بالنفع على اقتصاد البلاد يحتاج إلى إلى وقت.
ويشير إلى أن «استفادة وزارة المالية من هذه الأصول يحتاج إلى وقت، خصوصا أن قرارات هذه اللجنة خاضعة للاستئناف مرتين... الأولى أمام لجنة أعلى منها والثانية أمام القضاء».
ويعاني اقتصاد البلاد من نقص في العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم التي بلغت 92 في المائة، وفق إحصاءات رسمية.
ويقول الناير إن وزارة المالية بعد أن تؤول إليها هذه الأصول بصورة نهائية عقب انتهاء كافة مراحل التقاضي، يمكنها تسييل بعضها وتحويل أخرى لشركات مساهمة عامة.
وقال محمد الناير: «بعد أن تصبح هذه الأصول مملوكة للدولة دون أي نزاع يمكن طرح بعض العقارات في مزادات علنية. أما الشركات فيمكن تحويلها إلى شركات مساهمة عامة والدخول في شراكات استثمارية في الفنادق والمزارع وذلك حتى تصبح موردا متجددا».
وتواجه لجنة مكافحة الفساد صعوبات كذلك في استرداد الأموال السائلة.
ويؤكد الناير أن «الأموال السائلة موجودة في بنوك محكومة بقوانين تمنعها من إعطاء هذه الأموال لغير مودعيها». لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الصعوبات التي تواجهها اللجنة «أمر طبيعي، فاللجان المماثلة في العالم كله واجهت تعقيدات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».