هزت صدامات بين متظاهرين ورجال شرطة، مساء أمس (السبت)، عدداً من مدن الولايات المتحدة فرض فيها حظر للتجول لمحاولة تهدئة الغضب الذي انفجر في البلاد بعد وفاة جورج فلويد.
ووعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب «بوقف العنف الجماعي»، بعد ليلة من أعمال العنف في مدينة مينيابوليس، حيث توفي الرجل.
وفي هذه المدينة الواقعة في ولاية مينيسوتا بشمال البلاد، قام عناصر يرتدون ملابس شرطة مكافحة الشغب بضرب المتظاهرين الذين تحدوا منع التجول، وبصدهم بقنابل دخانية وصوتية.
وقبيل ذلك، أبدى محتجون تصميمهم على البقاء في المكان. وقالت ديكا جاما (24 عاماً): «لا يمنحوننا خياراً آخر، هناك شعور كبير بالغضب»، مؤكدة أنها جاءت «تطالب بالعدالة» لجورج فلويد.
ووقعت مواجهات في مدن نيويورك وفيلادلفيا ولوس أنجليس وأتلانتا أيضاً، ما دفع المسؤولين في المدينتين الأخيرتين ومعهما ميامي وشيكاغو إلى منع التجول.
وقال ترمب الذي دان مرات عدة الموت «المفجع» لجورج فلويد، إن المتظاهرين يلحقون العار بذكرى الرجل. وأكد أنه «يجب علينا ألا نسمح لمجموعة صغيرة من المجرمين والمخربين بتدمير مدننا». ونسب حالة الفلتان إلى «مجموعات من اليسار الراديكالي المتطرف» خصوصاً المعادين للفاشية.
ودان المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية جو بايدن الأحد، العنف في الاحتجاجات، مشدداً في الوقت نفسه على حق الأميركيين في التظاهر. وقال في بيان إن «الاحتجاج على هذه الوحشية حق وضرورة. إنه رد فعل أميركي خالص». لكنه أضاف أن الأمر لا ينطبق على «إحراق مدن وتدمير مجاني»، مؤكداً أن «العنف الذي يعرض حياة الناس للخطر ليس كذلك. العنف الذي يطال الأعمال التي تخدم المجتمع ويغلقها ليس كذلك».
وحمل حاكم مينيسوتا تيم والتز أيضاً عناصر قادمين من خارج ولايته وقد يكونون فوضويين برأيه، ولكن من المدافعين عن تفوق العرق الأبيض أو مهربي مخدرات أيضاً، مسؤولية الفلتان.
وليتمكن من استعادة سيطرته على الوضع، أعلن عن حشد جنود الحرس الوطني في الولاية البالغ عددهم 13 ألفاً في سابقة، وطلب مساعدة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
وقال البنتاغون إن وحدات للشرطة العسكرية وضعت في حالة تأهب لتتمكن من التدخل إذا احتاج الأمر، خلال مهلة أربع ساعات.
قانونياً، لا يمكن للشرطة العسكرية التدخل إلا في حال عصيان.
ولم يمنع نشر 2500 شرطي وجندي من الحرس الوطني مساء الجمعة وفرض منع للتجول في مينيابوليس، تفاقم الوضع في المدينة التي شهدت عمليات نهب وإضرام حرائق عمداً.
وفي النهار، حاول السكان بمكانسهم إعطاء صورة أخرى للمدينة. وقالت كايلي جونسون (28 عاماً)، إن مينيابوليس «مريضة وتحترق». وأضاف أن «كل ما أستطيع فعله هو التنظيف».
واستعد آخرون لحالات فلتان جديدة بسد واجهات محلاتهم التجارية بألواح خشبية كبيرة. وقالت نيكول كراست التي تملك صالون تجميل تعرض للتخريب الليلة الماضية: «نضعها ونتضرع إلى الله أن تجري الأمور بخير».
وتصاعد التوتر بسرعة في مينيابوليس والمدن الأخرى. وتجمعت حشود من المحتجين في دالاس ولاس فيغاس وسياتل وممفيس. وحتى في واشنطن، أطلقت غازات مسيلة للدموع بالقرب من مقر الرئيس ترمب، وانبعث دخان الحرائق.
واعتقل أكثر من مائتي شخص في نيويورك، بعد صدامات أسفرت عن سقوط جرحى في قوات الأمن. وألقيت زجاجة حارقة داخل سيارة للشرطة كانت خالية. وقال قائد الشرطة ديرموت شيا إن «عدم مقتل أي شرطي معجزة».
وأحرقت آليات لدوريات للشرطة في أتلانتا وميامي.
وفي لوس أنجليس، جرح خمسة شرطيين واعتقل مئات الأشخاص في مظاهرة سلمية شهدت أعمال عنف من إحراق متاجر وعمليات نهب طالت خصوصاً المحلات الفاخرة في حي بيفرلي هيلز.
وفي كل مكان، دان المتظاهرون أخطاء رجال الشرطة الذين يستخدمون القوة مع السود بشكل غير متكافئ.
وفي مدينة هيوستن مسقط رأس فلويد وحيث سيدفن، قالت ربة العائلة شافون إيلين إنها «منهكة وحزينة» من رؤية «إخوتها وأخواتها يقتلون بالخطأ بيد شرطة هيوستن ولم يتم تحقيق العدالة يوماً».
ويطالب المحتجون هذه المرة بأن يحاسب المسؤولون عن موت فلويد الذي انتشرت صوره في جميع أنحاء العالم.
وأوقف الشرطي الأبيض ديريك شوفين الذي يظهر في تسجيل الفيديو وهو يثبت فلويد على الأرض بساقه، الجمعة، واتهم «بالقتل غير العمد».
لكن العديد من الأميركيين يرون أن هذا ليس كافياً ويطالبون باتهامه بالقتل العمد وتوقيف ثلاثة شرطيين آخرين متورطين في الحادثة.