دياب يتراجع عن قرار سابق للحكومة اللبنانية ويتجنب خلافاً مع عون

وافق على إنشاء معمل ثالث لإنتاج الكهرباء

لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب قبل جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب قبل جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
TT

دياب يتراجع عن قرار سابق للحكومة اللبنانية ويتجنب خلافاً مع عون

لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب قبل جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)
لقاء الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب قبل جلسة مجلس الوزراء أمس (دالاتي ونهرا)

تراجع رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أمس عن موقف حكومته السابق لجهة إنشاء معمل ثالث للكهرباء في سلعاتا في الشمال، وأكد تقيده بالبيان الوزاري لناحية خطة الكهرباء وتنفيذه لقراري الحكومة السابقة اللذين تضمنا مواقع إنشاء معامل إنتاج الطاقة الكهربائية، وذلك بعدما طالب الرئيس اللبناني ميشال عون مجلس الوزراء بإعادة النظر بالقرار المتخذ في جلسة عقدت في السراي قبل أسبوعين، وسقط فيها اقتراح إنشاء معمل ثالث للكهرباء بالتصويت.
وتعدّ الصيغة التي لجأ إليها دياب في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في القصر الجمهوري أمس، مخرجاً لإشكال مع عون الذي يدفع، إلى جانب «التيار الوطني الحر»، باتجاه إنشاء معمل ثالث في سلعاتا، ويعارضه وزراء داخل الحكومة مقربون من «حركة أمل» و«المردة» بشكل أساسي، كما تعارض عون مكونات سياسية خارج الحكومة مثل «المستقبل» و«القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي»، على قاعدة أن إنشاء معمل ثالث يحتاج إلى استملاكات بعشرات ملايين الدولارات في وقت يعاني لبنان من أزمة.
وعبّر عن هذا المخرج وزير الطاقة ريمون غجر في ختام الجلسة، بالقول بأن «خطة الكهرباء تتحدث عن 3 معامل ولا أحد يستطيع الآن الجزم من أين نبدأ»، ما يعني أن احتمالات موقع الانطلاق بالعمل (في معمل الزهراني أو دير عمار أو سلعاتا) لا تزال مفتوحة إلى مرحلة العروض التي ستتقدم بها الشركات لبناء المعامل والتي ستختار موقع تشييدها.
وتجنب دياب بهذه الصيغة توتراً يمكن أن يؤثر على التضامن الحكومي في ظل الخلافات السياسية على هذا الملف، علما بأن دياب استند إلى قرار سابق للحكومة لا يُعدّ قانوناً، وبالتالي ليس ملزماً ويستطيع تجاوزه، بحسب ما قالت مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن «الحكومة الحالية هاجمت في وقت سابق كل قرارات الحكومات السابقة، بينما الآن تلوذ بأحد قراراتها لتغطية تمرير ملف سلعاتا». ولم يكن هذا الملف مُدرجاً على جدول أعمال الجلسة التي تضمنت 11 بنداً، أبرزها التعيينات الإدارية. وجدد رئيس الجمهورية في مستهل جلسة مجلس الوزراء، التهنئة بعيد الفطر المبارك ودعا إلى «معالجة المواضيع التي تراكمت نتيجة العطلة لا سيما في القطاعات الاقتصادية». وطلب عون من «مجلس الوزراء إعادة النظر بالقرار المتخذ في جلسة سابقة والمتعلق بخطة الكهرباء التي سبق ولحظت ضرورة إنشاء 3 معامل للإنتاج للتمكن من تأمين الكهرباء ساعة 24 على 24 وأكد أن «السير بهذه الخطة يشكل ضرورة للبنان وأيضا للمفاوضات مع المؤسسات الدولية».
وتطرّق دياب من جهته إلى خطة الكهرباء، قائلاً بأن «مجلس الوزراء يؤكد تقيده بالبيان الوزاري لناحية خطة الكهرباء وتنفيذه لقراري الحكومة السابقة اللذين تضمنا مواقع إنشاء معامل إنتاج الطاقة الكهربائية». وأضاف أن القرار الأخير في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء يأتي في سياق تنفيذ خطة الكهرباء من دون التعارض معها. كما أطلع مجلس الوزراء على جولته التي قام بها صباحاً إلى جانب وزيرة الدفاع زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى منطقة البقاع الشمالي في شمال شرقي لبنان، حيث اطلع على الإجراءات المتخذة لإقفال المعابر غير الشرعية التي تستخدم للتهريب بين لبنان وسوريا. وقال دياب «إن الإجراءات يفترض أن تؤدي إلى ضبط عمليات التهريب بشكل كبير ونحتاج إلى مواصلة الجهود، من أجل إقفال هذا الملف».
وقال وزير الطاقة والمياه بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بأن «خطة الكهرباء التي وردت في البيان الوزاري تتحدث عن 3 معامل ولا أحد يستطيع الآن الجزم من أين نبدأ»، لافتاً إلى أن ذلك ما تم التأكيد عليه في الجلسة أمس.
وأرجأ مجلس الوزراء بند التعيينات إلى جلسة الخميس المقبل «لمزيد من التشاور»، بحسب ما أفادت وسائل إعلام، علما بأن جلسة مجلس الوزراء سبقتها مجموعة دعوات للحكومة للالتزام بآلية التعيينات في الفئة الأولى في الإدارات العامة وفي المراكز العليا في المؤسسات العامة التي أقرها مجلس النواب أول من أمس الخميس، والقاضية بشطب دور للوزير في إضافة أو تغيير أسماء لهذه الوظائف.
وقال نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان: «أما وقد أقر قانون آلية التعيين في الفئة الأولى في المجلس النيابي فعلى الحكومة إرجاء التعيينات واعتماد الآلية وإلا ستسجل على نفسها ممارسة لا إصلاحية ونهجا محاصصاتيا كان يأمل اللبنانيون أن نضع حدا نهائياً له باعتماد الكفاءة».
وحول إجراءات ملف «كورونا»، قال وزير الصحة حمد حسن بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء بأن مسألة فتح المطار والحضانات وكل شيء مرتبط باستقرار أرقام الإصابات على مدى أسبوعين. وطمأن إلى «أننا على السكة الصحيحة في مكافحة كورونا والناس بدأت تلتزم جدياً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».