الجيش السوداني يعلن هدوء الأوضاع على الحدود مع إثيوبيا

الخرطوم وبرنامج الأغذية العالمي يوقعان اتفاقاً لدعم 80 % من فقراء السودان

 العميد عامر محمد الحسن
العميد عامر محمد الحسن
TT

الجيش السوداني يعلن هدوء الأوضاع على الحدود مع إثيوبيا

 العميد عامر محمد الحسن
العميد عامر محمد الحسن

أعلن الجيش السوداني هدوء الأوضاع في المنطقة الحدودية المشتركة مع إثيوبيا، وأكد انفتاحه على كافة المناطق الحدودية التابعة له، وذلك إثر المعارك التي دارت بين مجموعة مسلحة منفلتة إثيوبية، مدعومة من الجيش الإثيوبي، راح ضحيتها ضابط وأصيب ستة آخرون.
وقال المتحدث باسم الجيش، العميد عامر محمد الحسن، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الأوضاع هادئة على حدود البلدين لليوم الثاني، موضحاً أن هناك اتصالات قديمة بين قادة القوات الميدانية التابعة للبلدين، أفلحت في تهدئة الأوضاع على جانبي الحدود، وأن «هذه الاتصالات قديمة، الغرض منها حفظ الحدود وأمنها».
ورغم فلتات عديدة كانت تقوم بها الميليشيات الإثيوبية في المنطقة، فإنه لم يسبق للسودان أن اتهم الجيش الإثيوبي صراحة بالاعتداء على أراضيه، وكان على الدوام يصف القوات التي تتوغل داخل حدود البلاد بأنها «ميليشيات خارج سيطرة الحكومة الإثيوبية».
وأوضح العميد عامر، أن القوات السودانية الموجودة على الحدود متمركزة في مواقعها، بانتظار أي تعليمات قد تصدر من القيادة العليا، وقال إن ما حدث «هو رد فعل الجيش الموجود في الموقع بدون أي تعليمات، عالج الموضوع، أما إدارة الأمر سلباً أو إيجاباً فمتروكة للجهات صاحبة القرار».
وذكر بيان صادر من مكتب المتحدث باسم الجيش، نقلته الوكالة الرسمية «سونا»، في وقت سابق، أن مجموعة من الميليشيات الإثيوبية وصلت المنطقة شرق نهر عطبرة، واشتبكت مع الجيش السوداني الذي منعها من أخذ المياه، وأصيب جراءها أحد عناصر الميليشيا، فانسحبت إلى معسكر تابع للجيش الإثيوبي إلى الشرق، ثم عادت مدعومة بفصيلة مشاة إثيوبية أعادت الاشتباك مع أفراد الجيش السوداني.
وفي وقت لاحق من الخميس، وصلت الضفة الشرقية لنهر عطبرة قوة تابعة للجيش الإثيوبي، تقدر بـ«سرية مشاة»، واشتبكت مرة أخرى مع عناصر الجيش السوداني غرب النهر، ما أدى لاستشهاد ضابط برتبة نقيب، وإصابة 6 بينهم ضابط برتبة ملازم أول.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وشهود أن القوات الإثيوبية المهاجمة خلفت أكثر من 7 قتلى داخل الأراضي السودانية أثناء تبادل إطلاق النار، الخميس، قبل أن يطلب الجيش الإثيوبي الدخول لسحب القتلى والجرحى، الذين خلفهم، مبرزاً أن القوة السودانية هناك سمحت له باستعادتهم. وحسب العميد الحسن، فإن اشتباكات متقطعة بين جيشي البلدين استمرت طوال الخميس، استخدمت فيها القوات الإثيوبية الرشاشات، وبنادق القنص، ومدافع «آر بي جي»، ما أدى لإصابة ثلاثة مدنيين واستشهاد طفل، ثم انسحبت القوات المهاجمة الإثيوبية لمواقعها، وتركت خلفها عناصر من القناصة، لتأمين الضفة الشرقية لنهر عطبرة.
من جهة ثانية، وقعت حكومة السودان وبرنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، مذكرة تفاهم لدعم برنامج الحكومة السودانية لدعم الأسر، وتقديم مساعدات عبر تحويلات نقدية مباشرة لنحو 80 في المائة من الأسر السودانية.
ووقع وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، وممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القطري في السودان حميد نورو، الاتفاقية بحضور رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، والمدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بيزلي.
ويسعى السودان لإنفاذ برنامج لدعم الأسر، عن طريق تقديم تحويلات نقدية مباشرة من قبل الحكومة لدعم الأسر الضعيفة، ومساعدتها على تخفيف آثار المصاعب الاقتصادية التي تواجه البلاد.
وينتظر أن يبدأ نفاذ البرنامج، الذي أطلق عليه اسم «البرنامج متعدد الوزارات»، وتديره وزارة المالية، في النصف الثاني من العام الحالي، بتمويل مشترك من الحكومة السودانية وعدد من الشركاء.
وقال وزير المالية إبراهيم البدوي، عقب توقيع المذكرة، إن برنامج دعم الأسر، أحد أعظم مشاريع الحكومة الانتقالية السودانية، ويعد أحد ثمار ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 الرئيسية.
من جهته، قال نورو، إن البرنامج سيكون عاملاً أساسياً لحماية الأشخاص المعرضين لخطر الانزلاق إلى الجوع، مبرزاً أن شراكة البرنامج الثابتة مع المانحين مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID))، يمكن أن تقدم مساعدات حاسمة.
ويدعم برنامج الأغذية العالمي، الحكومة السودانية، لتطوير نظام توصيل ودفع التحويلات النقدية، وآلية استقبال الشكاوى والرد عليها، بما في ذلك مركز اتصال لدعم المستفيدين من البرنامج.
وأضاف نورو موضحاً أن المنصة التي تم تطويرها لبرنامج السودان لدعم الأسر، «ستتيح التوصيل الرقمي الكفء والخاضع للمساءلة، لمجموعة واسعة من الحماية الاجتماعية والخدمات الحكومية الأخرى لشعب السودان».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.