في غياب الجماهير... الحكام أقل تحيزاً لصالح أصحاب الأرض

عودة المباريات في ألمانيا من دون مشجعين هددت المزايا التي كانت تحصل عليها الأندية في ملاعبها

مباراة إينتراخت فرانكفورت ضد فرايبورغ الثلاثاء شهدت 6 أهداف (3 – 3) أمام مدرجات خاوية (إ.ب.أ)
مباراة إينتراخت فرانكفورت ضد فرايبورغ الثلاثاء شهدت 6 أهداف (3 – 3) أمام مدرجات خاوية (إ.ب.أ)
TT

في غياب الجماهير... الحكام أقل تحيزاً لصالح أصحاب الأرض

مباراة إينتراخت فرانكفورت ضد فرايبورغ الثلاثاء شهدت 6 أهداف (3 – 3) أمام مدرجات خاوية (إ.ب.أ)
مباراة إينتراخت فرانكفورت ضد فرايبورغ الثلاثاء شهدت 6 أهداف (3 – 3) أمام مدرجات خاوية (إ.ب.أ)

استأنف الدوري الألماني الممتاز «البوندسليغا» مبارياته وأعطانا لمحة عما سيكون عليه شكل كرة القدم في المستقبل القريب، فلا مصافحة بين اللاعبين، ولا بصق على أرض الملعب، ولا مشجعين في المدرجات، لكن كانت هناك بالطبع كرات مغموسة في المطهر قبل أن يسددها اللاعبون داخل أرض الملعب، كما كان البدلاء يجلسون بعيداً عن بعضهم بعضاً في المدرجات وهم يرتدون الأقنعة. وعلاوة على ذلك، خضع القليلون الذين سمح لهم بدخول الملاعب لفحص إلزامي لقياس درجة حرارتهم. لقد أقيمت المباريات في «أجواء معقمة» وكأنها تخضع لتجربة علمية.
لكن عندما شاهدنا «البوندسليغا» يستأنف مبارياته مرة أخرى، انتابنا شعور غامض بعض الشيء ينبهنا إلى أن المباريات لم تعد كما كانت عندما كان الجمهور يملأ جنبات الملاعب ويصرخ ويبث الحماس في نفوس اللاعبين. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، قال البعض، إن المباريات كانت أشبه بالمباريات الودية التي تلعبها الأندية استعداداً للموسم الجديد، حيث ظهر اللاعبون أبطأ وأقل حماساً.
وأشار آخرون - مثل المدير الفني لنادي بوروسيا دورتموند، لوسيان فافر - إلى أن غياب الجماهير قد أفسد متعة المباراة. وقال فافر «لم يكن هناك ضجيج عندما تخلق فرصة للتهديف أو عندما تمرر تمريرة متقنة أو عندما تحرز هدفاً، أو عندما تقوم بأي شيء. إنه أمر غريب للغاية. إننا نفتقد جماهيرنا كثيراً. لقد كانت مباراة مختلفة تماماً عن المباريات التي نعرفها».
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما هو الاختلاف بين المباريات التي تلعب من دون جمهور والمباريات التي كنا نشاهدها من قبل؟ من المؤكد أن المباريات التي لعبت من دون جمهور في الدوري الألماني الممتاز بعد استئناف نشاطه ليست كافية للوصول إلى أي استنتاجات. ومع ذلك، تُظهر بيانات شركة «أوبتا» للإحصاءات الرياضية أنه كانت هناك بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام في المباريات التي أقيمت حتى الآن مقارنة بتلك التي كانت تلعب قبل تفشي فيروس كورونا - بما في ذلك انخفاض كبير في التدخلات الثنائية بين اللاعبين (بمتوسط 60.7 مقارنة بـ71 قبل إيقاف مباريات الدوري). وعلاوة على ذلك، كان هناك انخفاض في عدد اللمسات في منطقة جزاء الفريق المنافس (35.5 لمسة في المتوسط مقارنة بـ44.9 قبل إيقاف مباريات الدوري)، في حين زاد عدد التمريرات في كل مباراة في المتوسط (940 تمريرة مقارنة بـ906)، وهو ما يشير إلى أن اللاعبين ربما كانوا أكثر حذراً قليلاً.
ومن المؤكد أن الصورة ستصبح أكثر وضوحاً خلال الأشهر المقبلة، عندما تلعب المزيد من المباريات وتكون هناك المزيد من البيانات الخاصة باللاعبين، لكن كان هناك عنصر آخر مثير للاهتمام في البيانات الصادرة عن شركة «أوبتا»، وهو ذلك الذي يتعلق بحكام المباريات، حيث تشير الإحصاءات إلى أنه خلال الـ224 مباراة التي لعبت في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم قبل التوقف، احتسب الحكام 151 خطأ إضافياً ضد الفرق التي تلعب خارج ملعبها وأشهرت في وجه لاعبيها 62 بطاقة صفراء أكثر من عدد البطاقات الصفراء التي منحتها للاعبي الأندية التي تلعب على ملاعبها. لكن بعد استئناف البطولة، اختفى هذا التناقض تماماً، لدرجة أن الأخطاء والبطاقات الصفراء التي احتسبت ضد لاعبي الأندية التي تلعب على ملاعبها كانت أكثر من تلك التي احتسبت ضد لاعبي الفرق التي تلعب خارج ملاعبها.
ويجب علينا أن نتوقع هذا، حيث يشير إغناسيو بالاسيوس هويرتا، الذي ترأس مجلس إدارة نادي أتليتك بلباو خلال الفترة بين عامي 2011 و2018، والذي يعمل أيضاً أستاذاً للإدارة والاقتصاد والاستراتيجية في كلية لندن للاقتصاد، إلى أن الحكام يتأثرون من دون أن يشعروا بالضغط الجماهيري. وكان هويرتا هو وزملاؤه الأكاديميون أول من درسوا كيفية تأثر حكام المباريات بالضغط الاجتماعي من خلال النظر في الوقت الضائع في مباريات الدوري الإسباني الممتاز.
ووجد هؤلاء الأكاديميون، أنه عندما يكون الفريق صاحب الملعب متقدماً بفارق هدف وحيد، فإن الوقت المحتسب بدلا من الضائع الذي يحتسبه الحكم يكون أقل بنسبة 30 في المائة تقريبا من المتوسط. لكن إذا كان الفريق صاحب الأرض متأخراً بفارق هدف وحيد، فإن الوقت المحتسب بدلاً من الضائع الذي يحتسبه الحكم يكون أكثر من المتوسط بـ35 في المائة. وعلاوة على ذلك، كلما يكون الحضور الجماهيري أكبر، يكون الحكم أكثر تحيزاً.
وكان هناك شيء آخر أيضاً، وهو أنه عندما يسجل الفريق الزائر هدفاً بعد نهاية الوقت الأصلي للمباراة، فإن الوقت المحتسب بدلاً من الضائع يزيد بنسبة 15 في المائة، مقارنة بما يكون عليه الأمر عندما يسجل الفريق صاحب الملعب هدفاً بعد نهاية الوقت الأصلي. وبعبارة أخرى، يكون الحكام أكثر ميلاً لإنهاء المباراة عندما يسجل الفريق صاحب الملعب هدفاً، وهو الأمر الذي لا يتيح للفريق الزائر وقتاً طويلاً للتعويض، على عكس ما يحدث عندما يسجل الفريق صاحب الملعب هدفاً.
وفي إسبانيا، يستفيد فريقان بشكل خاص من تحيز الحكام، وهما برشلونة وريال مدريد. وقد نظرت دراسة أجريت في وقت لاحق فيما حدث في الدوري الإيطالي الممتاز في عام 2007 بعد أن أجبرت أندية إيطالية عدة على اللعب من دون جمهور بعد وفاة شرطي في ديربي صقلية بين كاتانيا وباليرمو. ووجدت هذه الدراسة، أن الميزة التي تحصل عليها الأندية عندما تلعب على ملعبها – من حيث الأخطاء والبطاقات الصفراء والحمراء التي تحتسب ضد لاعبي الفريق الزائر – قد انخفضت بشكل كبير، كما وجدت أن الحكم نفسه قد تصرف بشكل مختلف تماماُ عندما أدار مباراة بين الفريقين نفسيهما في حالة وجود الجماهير.
ومع ذلك، وجد الباحثون أنه «ليس هناك ما يشير إلى أن اللاعبين يتأثرون في حال غياب الجمهور». ونظر بحث آخر في الكيفية التي يصدر فيها 40 حكماً مؤهلا أحكاما في 47 حالة تحكيمية من مباراة بين ليفربول وليستر سيتي. وقد شاهد نصف هؤلاء الحكام تلك الحالات وسط أصوات الجماهير وردود فعلهم، في حين شاهد النصف الآخر تلك الحالات من دون أصوات الجماهير. ووجدت الدراسة أن الحكام الذين شاهدوا الحالات وسط أصوات الجماهير قد احتسبوا أخطاء أقل بكثير (15.5 في المائة) ضد الفريق صاحب الملعب، مقارنة بالحكام الذين شاهدوا الحالات التحكيمية من دون أصوات الجماهير.
ويمكنك أن تفهم ذلك من خلال المثال التالي: إذا كان هناك 70 ألف مشجع سوف يصرخون في وجهك عندما تصدر قراراً ضد فريقهم، فإن هذا الأمر قد يجعل الحكام يقررون دون وعي عدم الالتفات إلى مطالب الجماهير. لذا؛ لم يكن من المستغرب أن تساعد تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار) في تقليل الميزة التي كانت تحصل عليها الأندية عندما تلعب على ملعبها وبين جماهيرها.
وقبل أن يستعين الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية بالإعادات الفورية داخل الملعب، على سبيل المثال، كانت الأندية التي تلعب على ملاعبها تحقق الفوز في 59.6 في المائة من المباريات. لكن هذه النسبة انخفضت بعد ذلك إلى 55.6 في المائة، قبل أن تنخفض خلال الموسم الماضي إلى 51.7 في المائة - وهو أدنى معدل منذ عام 1972. وفي الوقت نفسه، فإن الميزة التي كانت تحصل عليها الأندية التي تلعب على ملاعبها في الدوريات الخمسة الكبرى لكرة القدم في أوروبا قد تراجعت من 49 في المائة إلى نحو 45 في المائة - ربما بسبب الاستعانة بمجموعة أفضل من الحكام والاستعانة بتقنية حكم الفيديو المساعد، وقلة الصخب الجماهيري.
ومن يعرف إلى أي مدى ستنخفض هذه النسبة إذا اضطرت كرة القدم إلى الاستمرار في خوض المباريات من دون جمهور حتى العثور على لقاح لفيروس كورونا؟ وفي كلتا الحالتين، سنكون جميعاً جزءاً من تجربة سريرية غير مرغوب فيها لمعرفة مدى غرابة كرة القدم من دون جمهور – سواء داخل أو خارج الملعب – خلال الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

ألونسو مدرب ليفركوزن: بونيفيس سيغيب بسبب إصابة في الفخذ

رياضة عالمية تشابي ألونسو مدرب باير ليفركوزن خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

ألونسو مدرب ليفركوزن: بونيفيس سيغيب بسبب إصابة في الفخذ

أعلن تشابي ألونسو مدرب باير ليفركوزن أن النيجيري فيكتور بونيفيس مهاجم الفريق سيغيب عن الملاعب بسبب إصابة في الفخذ.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية سيباستيان كيل المدير الرياضي لنادي بوروسيا دورتموند (رويترز)

سيباستيان كيل: لن أعلق على تجديد عقدي مع دورتموند

رد سيباستيان كيل المدير الرياضي لنادي بوروسيا دورتموند بتحفظ على رغبة إدارة النادي في تجديد تعاقده

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية سيرهو غيراسي (رويترز)

غيراسي يعود لتدريبات دورتموند

أعلن نادي بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم في بيان، اليوم الثلاثاء، أن مهاجمه سيرهو غيراسي عاد للتدريبات الجماعية بعد غيابه في الفترة الماضية بسبب المرض.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية مارتن تيرير (إ.ب.أ)

تيرير يتعرض لكسر في الساعد وينضم لقائمة مصابي ليفركوزن

انضم المهاجم مارتن تيرير إلى القائمة المطوَّلة للاعبين المصابين في صفوف فريق باير ليفركوزن حامل لقب الدوري الألماني، قبل ملاقاة ريد بول سالزبورغ النمساوي.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)
رياضة عالمية ليفركوزن اكتسح ضيفه هايدنهايم بخماسية (أ.ف.ب)

«البوندسليغا»: ليفركوزن ودورتموند يستعيدان ذاكرة الانتصارات

استعاد فريقا باير ليفركوزن، حامل اللقب، وبوروسيا دورتموند نغمة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (البوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.