مهرجان دبي السينمائي الـ11 يقترب

المخرجة الإماراتية نجوم الغانم تدخل مع «المهر العربي» بـ«سماء قريبة»

من فيلم «سماء قريبة» لنجوم الغانم (الإمارات)   -  من فيلم أمير رمسيس «بتوقيت القاهرة» (مصر)
من فيلم «سماء قريبة» لنجوم الغانم (الإمارات) - من فيلم أمير رمسيس «بتوقيت القاهرة» (مصر)
TT

مهرجان دبي السينمائي الـ11 يقترب

من فيلم «سماء قريبة» لنجوم الغانم (الإمارات)   -  من فيلم أمير رمسيس «بتوقيت القاهرة» (مصر)
من فيلم «سماء قريبة» لنجوم الغانم (الإمارات) - من فيلم أمير رمسيس «بتوقيت القاهرة» (مصر)

11 سنة هي لا شيء في عمر المهرجانات، لكنها كل شيء لمهرجان وُلد لأنه ضرورة واستمر ونما لأن هذه الضرورة ليست عابرة. على العكس، المهرجان مهم اليوم أكثر من أي يوم مضى وذلك لأسباب متعددة من أهمها أن مدينة دبي تتنفس سينمائيا عبر هذا المهرجان أكثر من أي نشاط ثقافي مماثل، وأن الغرب ينظر إلى هذا المهرجان رابطا بينه وبين المدينة التي سمع عن سحرها. في الكثير من الأحوال، ما مجيء السينمائيين إليه إلا لارتباطه بالمكان. لكن السبب المهم الآخر يكمن في المهرجان ذاته.
عاما بعد عام ودورة بعد دورة، يستمر زخم مهرجان دبي كما لو أنه ولادة جديدة في كل مرَّة، محاطة بالعناية والاهتمام من قبل المسؤولين عنه، كما من قبل العاملين فيه وصولا إلى كل الذين اعتادوا حضوره.
هل يمكن للسينما العربية أن تعيش بلا مهرجان دبي؟ لقد بات من الطبيعي أن يرتاب المرء في قدرتها على الاستمرار من دون هذا المهرجان. لا العربية على نحو شامل فقط، بل الإماراتية ذاتها. ما تعرضه اليوم هو مداد لما عرضته بالأمس. بكلمات أخرى، لولا نجاحات الماضي لما بات ممكنا الحديث، بنفس الثقة، عن نجاحات اليوم. إنها سلسلة متواصلة عرف المهرجان عبر حلقاتها كيف يعود قويا في كل مرَّة رغم أن الصعوبات والظروف المناوئة كانت بدورها تعود مرَّة تلو المرَّة. هنا شح من الأفلام. هناك منافسة مفاجئة من أحد المهرجانات. مرَّة هناك ظرف اقتصادي يفرض التقشُّـف ومرَّة هناك البحث مجددا عن الهويات المتعددة للمهرجان ما بين المحلية والإقليمية والعربية والعالمية.
عاديون وغير عاديين
إذن ها هي الدورة تعود وها هي الأفلام تتراكم بكل ما تحمله من توقُّـعات. في هذه المرحلة، ليس مهما من سيفوز منها بجائزة أو بتقدير. لا يهم ما سيكتبه النقاد وكيف سيكون رد فعل الجمهور. المهم هو أن هناك نتاجا عربيا بات، منذ سنين، خاصًّـا بالمهرجانات. أفلام لا سبيل لها سوى أن تشترك في مهرجانات من مستوى مهرجان دبي وأبوظبي أو في تلك التي تقع في الصف الثاني. الغاية ثلاثية الأبعاد: تحقيق المخرج لما يريد هو تحقيقه بعيدا عن ضغوط الإنتاج التقليدية، والتأكيد على الحضور الفردي للمبدع مرَّة بعد مرَّة، ومن ثم، التنافس على الجوائز الرئيسة لسببين هما الربح المادي وذاك المعنوي.
مسابقة «المهر العربي» تلك التي تحشد عادة أفضل ما حققته السينما العربية من أفلام، تحتوي هذا العام على فيلم آخر من أعمال المخرجة الإماراتية نجوم الغانم. هذا العام كانت مشغولة أكثر من أي عام مضى، كما قالت لنا، فهي صرفت الوقت على إنجاز فيلمها التسجيلي «أصوات البحر» (عرضه مهرجان «أبوظبي» في دورته الأخيرة)، في الوقت الذي كانت تصوِّر فيه فيلمها الجديد «سماء قريبة». هذا من دون أن تتوقف عن متابعة السعي لإيجاد تمويل لأول فيلم روائي طويل لها.
«سماء قريبة» هو الفيلم الذي تدخل فيه مسابقة «المهر العربي» في دبي. المخرجة المذكورة اعتادت تناول حياة الناس، عاديين وغير عاديين، من أصحاب حرف معروفين أو مجرد مواطنين يجسدون التراث والحياة البيئية الخاصَّـة بوطنها. في فيلمها الجديد هذا تتناول حياة امرأة اسمها فاطمة الهاملي عُـرف عنها أنها أول مالكة إبل إماراتية وما واجهته من صعوبات في سبيل الاشتراك في المسابقات الوطنية. أمر اعتبرته حقا لها في حين كان للآخرين وجهات نظر أخرى لو استمعت إليها لاستغنت عن الفكرة أساسا.
خطوة للروائي
لكن إذا ما لم تستطع المخرجة الإماراتية نجوم الغانم معرفة السبيل لإنتاج فيلمها الروائي الطويل، فإن زميلة دربها خديجة السلامي شقَّـت طريقها فعليا من التسجيلي إلى الروائي. في نطاق المسابقة هذا العام سنجدها تقدم «أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة» وكما يشير عنوانه، يتحدَّث عن واقعة تزويج الفتيات دون سن البلوغ وما يتبع ذلك من مشاكل.
اليمن ليس بلدا تراه قادرا على إنتاج أفلام روائية أو تسجيلية طويلة على نحو دائم، لكن الحال أصعب بالنسبة للسودان. ثاني اشتراك لفيلم سوداني روائي طويل في أي من دورات مهرجان دبي السينمائي (أو في أي مهرجان آخر) يأتينا من حجوج كوكا، الذي يقدِّم في قسم «ليالي عربية» «على إيقاع الإنتونوف».
بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإن الأنظار ستتجه إلى ما بعد فيلم نجوم الغانم «سماء قريبة». ذلك أن مسابقة «المهر الإماراتي» تضم هذا العام 8 أفلام مستحقة: «حب إكس لارج» لخالد علي (حول شاب بدين واقع في الحب) و«في الخفايا» للمخرجة شهد الشحي و«الاعتراف» لمحمد سويدان الذي تقع أحداثه في باريس. هناك أيضا «عبود كونديشن» لفاضل المهيري و«للفرص نهايات» لعلي بن مطر و«عبء» لسقرار بن بشر و«الدرب» للمخرجة مريم النعيمي و«للفرص نهايات» لعلي بن مطر.
المثير هو أن المخرج وليد الشحي، الذي عادة ما شارك بأفلام قصيرة يطرح في المسابقة العربية فيلمه الروائي الطويل الأول تحت عنوان «دلافين» منضما إلى حفنة من المخرجين الإماراتيين الذين سبقوه في هذا الدرب ولو أنه كثيرا ما أبدى أسلوب عمل يختلف عن أصحابه.
وفي نطاق التحوُّل من القصير إلى الطويل نجد البحريني محمد راشد بوعلي ينجز النقلة الموعودة عبر «الشجرة النائمة» وهو فيلم يُـقال: إنه يميل إلى التجريب.
من كل مكان
عربيا أيضا، نجد فلسطين ممثَّـلة بأكثر من عمل أيضا. هناك فيلم خليل المزين «سارة 2014» حول مخرج يسعى لتنفيذ فيلم حول العنف الأسري ليجد أن الحياة في غزة تعاني من قضايا أخرى مصيرية.
في «روشميا» لسليم أبو جبل تعرض لحياة رجل في الـ80 من العمر يعيش مع زوجته في بلدة اسمها «وادي الصليب» قرب حيفا. كل منهما لجأ إلى المكان من قرية أخرى والحياة بينهما تمشي بطيئة إلى أن يكتشفا أن بيتهما الصغير مهدد بالزوال.
من فلسطين أيضا نتعرَّف على المخرجة الجديدة هند شوفاني التي تقدم «رحلة في الرحيل»: سبر غور التاريخ الفلسطيني منذ سنة 1948 وإلى اليوم. بعيدا عن هذا التاريخ إنما في مآزق الحرب والهموم السياسية نجد الفيلم السوري «من غرفتي السورية» لحازم الحموي الذي يؤرخ بدوره للنزاع القائم من العام 2011 إلى اليوم.
وتبرز السينما اللبنانية على أكثر من منوال: باسم فياض يقدِّم في المسابقة «يوميات كلب طائر» الذي يختار له المخرج موضوعا مثيرا للاهتمام: رجل وكلبه الصغير تجمعهما وساوس الحياة ومن خلالهما، وحسب وصف المخرج، يتم تفكيك البيئة المحيطة ووسائل التربية والمخاوف التي تسيطر عليها.
في المسابقة أيضا فيلم أول لمخرجة جديدة اسمها رين متري عنوانه «لي قبور في هذه الأرض» وخارج المسابقة يعرض غسان سلهب «الوادي» الذي سبق أن شارك في مسابقة أبوظبي الأخيرة.
وهناك أكثر من فيلم عراقي مشارك بينها واحد في المسابقة بعنوان «رسالة إلى الملك» لهشام زمان واثنان في «ليالي عربية» هما «نحن كثر» لأمير أمراني و«سلام على دجلة». هذا الثاني تسجيلي لياباني عاش في بغداد سنوات طويلة اسمه تاكاهيرو واتاي.
من الأرض، وإلى جانب أفلام قصيرة في المسابقة الخاصَّة بها، هناك الفيلم الثاني للمخرج يحيى العبد الله وعنوانه «المجالس»، والفيلم الثالث للمغربي هشام لعسري من بعد «النهاية» و«هم الكلاب» وعنوانه «البحر من ورائكم». وهناك اشتراك جزائري من المخرج الجديد ياسين محمد بن الحاج وعنوانه «راني ميت».
كالعادة، فإن السينما المصرية الجديدة ممثلة بحفنة كبيرة من الأعمال من بينها فيلمان في المسابقة هما الفيلم المنتظر لداود عبد السيد «قدرات غير عادية» والثاني لمخرج جديد اسمه أمير رمسيس عنوانه «بتوقيت القاهرة».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».