عون يستدرج الحكومة إلى مشكلة ودياب يواجه «نيراناً صديقة»

عون يستدرج الحكومة إلى مشكلة ودياب يواجه «نيراناً صديقة»
TT

عون يستدرج الحكومة إلى مشكلة ودياب يواجه «نيراناً صديقة»

عون يستدرج الحكومة إلى مشكلة ودياب يواجه «نيراناً صديقة»

لم يكن رئيس الجمهورية ميشال عون مضطراً لتوجيه رسالة إلى رئيس الحكومة حسان دياب يطلب فيها إعادة النظر في القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء خلال جلسته في السراي الحكومي بإنشاء معملين لتوليد الكهرباء في دير عمار والزهراني وترحيل الثالث في سلعاتا إلى المرحلة الثانية، لأن هذا الطلب يشكل إحراجاً لدياب في حال قرر عدد من الوزراء ممن صوّتوا مع القرار الانقلاب على ما التزموا به والوقوف إلى جانب عون الذي يحق له دستورياً استناداً إلى المادة «96» طلب إعادة النظر في القرارات التي تتخذها الحكومة في اجتماعاتها برئاسة دياب وإنما ضمن مهلة 15 يوماً من صدورها.
فرئيس الجمهورية وإن كان مارس حقه الدستوري، فإنه يستدرج الحكومة بطلبه أن تعيد النظر في قرارها إلى مشكلة هي في غنى عنها الآن، خصوصاً أنه لا جدوى اقتصادية من الناحية الدولية بإعطاء الأولوية لمعمل سلعاتا الذي يتعامل معه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل على أنه من أولى أولوياته، وعدّ أنها قضية مسيحية بامتياز لأنها تسهم من وجهة نظره في إعادة تعويمه بعد أن أخذت أسهمه تتراجع في الشارع المسيحي.
وفي المقابل، فإن الأنظار تتجه إلى دياب لمعرفة رد فعله لأنه لا يستطيع إلا أن يعرض طلب عون على مجلس الوزراء؛ لأن للأخير صلاحية في طرح ما يريد من خارج جدول الأعمال، وهو يتساوى في حقه مع رئيس الحكومة، وبالتالي فإن «النيران الصديقة» التي أصابت حكومته تضعه أمام خيارات عدة؛ أبرزها:
- يحق لدياب أن يدافع عن القرار الذي اتخذته الحكومة بذريعة أن مجلس الوزراء صوّت عليه بأكثرية 15 صوتاً في مقابل 5 أصوات ينتمون عملياً إلى «التيار الوطني» أيدوا إلحاق سلعاتا بالمرحلة الأولى.
- يمكن لرئيس الحكومة تعليق النظر في طلب عون، وهذا يؤدي إلى تعطيل العمل لإعادة تأهيل قطاع الكهرباء استجابة لطلب مؤتمر «سيدر» وصندوق النقد الدولي الذي يتفاوض حالياً مع الحكومة لتمويل خطة التعافي المالي، وإن كانت المفاوضات ما زالت في مرحلتها التقنية ولم تبلغ المرحلة السياسية - الاقتصادية.
- لا شيء يمنع دياب من طرح طلب عون في أول جلسة لمجلس الوزراء، وهذا يفتح الباب أمام اختبار مدى التزام الوزراء الذين صوّتوا على ترحيل إنشاء معمل سلعاتا؛ أم إن بعضهم سيضطر إلى لحس تواقيعهم والتصويت بخلاف قناعاتهم في ضوء الضغوط التي بدأوا يتعرّضون لها والتي تجاوزت العتاب واللوم إلى وضعهم أمام خيارات صعبة تمسّ بمصداقيتهم.
لذلك، وبصرف النظر عن تعدّد الخيارات التي ستحضر في مجلس الوزراء في حال عدم التوصل إلى مخرج يكون بمثابة تمرير هدنة تدفع باتجاه تجميد البحث في هذا الموضوع، فإن هناك من يسأل عن موقف «حزب الله» وهل يقرر الوقوف على الحياد من دون أن يتدخّل لقطع الطريق على اهتزاز الحكومة من الداخل تحت وطأة خروج الخلاف بين عون ودياب عن السيطرة، وبالتالي تسقط الحكومة من الداخل من دون أن تستقيل وتتحول إلى حكومة تصريف أعمال؟
فهل يتخذ «حزب الله» قراره بالتدخل، رغم أن التوتّر الذي يسيطر على علاقته بـ«التيار الوطني الحر» يعود في الأساس إلى تصويت الحزب في مجلس الوزراء ضد معمل سلعاتا؟ وماذا سيقول للرأي العام في حال قرر الوقوف على الحياد؟ وهل لديه مصلحة في استقالة الحكومة؟
كما أن دياب لا يتحمل وزر تقديمه إلى الشارع السنّي على أنه تراجع عن قرار اتخذه مجلس الوزراء واستجاب لطلب عون ومن خلاله لباسيل، إضافة إلى أنه بتراجعه يطلق رصاصة الرحمة على خطة الكهرباء، وعليه، فإن الخيارات أمام عون ودياب تضع الحكومة على حافة الهاوية إلا إذا اقتنع الأول بجدوى تدخل «حزب الله»، مع أن الثنائي الشيعي يشكل رأس حربة في رفض إنشاء معمل سلعاتا، علماً بأن مصادر في «التيار الوطني» تتصرف على أن مجلس الوزراء سيأخذ بوجهة نظر رئيس الجمهورية الذي تلقى وعوداً من وزراء صوّتوا إلى جانب رئيس الحكومة، بأنهم سيدعمون موقفه.
وفي هذا السياق، تقول مصادر نيابية إنها لا تعرف ما الجهة التي نصحت عون بالقرار الذي اتخذه والذي أصاب الحكومة بجروح سياسية بليغة حتى لو قرر «حزب الله» تطوير موقفه باتجاه التدخل لمنع المشكلة من أن تتحول إلى أزمة حكم.
وتلفت المصادر إلى أن انقلاب الحكومة على موقفها سيؤدي إلى انكشافها بخلاف ما يدّعيه رئيسها بأنها مستقلة، وتقول إن مرافعة دياب عن الحكومة لم تعد مقنعة للمجتمع الدولي؛ لأن القوى السياسية تطبق سيطرتها عليها، وبالتالي يتبنى أقوال أطراف رئيسية بأن هناك استحالة لأن يتعايش أي رئيس حكومة مع عون طالما أن باسيل يتصرف على أنه الآمر الناهي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.