تحركات حوثية في البيضاء استعداداً لمهاجمة قبائل «آل عواض»

 البيضاء
البيضاء
TT

تحركات حوثية في البيضاء استعداداً لمهاجمة قبائل «آل عواض»

 البيضاء
البيضاء

أكدت مصادر قبلية في محافظة البيضاء اليمنية (جنوب شرقي صنعاء) قيام الميليشيات الحوثية باستقدام حشود ضخمة من مقاتليها إلى محيط مديرية ردمان المتاخمة لمحافظة مأرب من جهة الشمال، وهو ما يرجح - بحسب المصادر - أن الجماعة اتخذت قرارا بمهاجمة قبائل آل عواض التي يتزعمها القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» بعد أن كان دعا إلى طرد الميليشيات من المحافظة على خلفية قتلهم امرأة تدعى جهاد الأصبحي.
وكانت وساطة عمانية نجحت قبل ثلاثة أسابيع في إرجاء المواجهة بين الجماعة الحوثية ورجال القبائل الذين احتشدوا بالمئات إلى منطقة آل عواض تلبية لدعوة الزعيم القبلي ياسر العواضي للاستنفار لإرغام الجماعة على تسليم قتلة الأصبحي وطرد المشرفين الحوثيين المنتمين إلى محافظة صعدة (شمال) حيث المعقل الرئيسي للجماعة.
ومنذ التهدئة العمانية بعثت الجماعة الحوثية أكثر من وساطة قبلية شارك فيها زعماء قبليون خاضعون لها من صنعاء وذمار والبيضاء في مسعى للتوصل إلى تسوية مع قبائل البيضاء لتمتص غضبهم دون أن تقوم بتسليم قتلة المرأة أو سحب مشرفيها من المحافظة. وأفادت المصادر بأن الجماعة استقدمت تعزيزات ضخمة تضم عربات عسكرية ومدرعات إلى المناطق المحاذية لـ«آل عواض» في مديرية السوادية المجاورة لمديرية آل ردمان وبخاصة في مناطق «آل الطاهري ووادي ابن مسعد وجبحان الحماطة».
وفي حين يتمركز رجال القبائل على حدود مناطق آل عواض كانوا نجحوا خلال الأسابيع الماضية في التصدي لمحاولات تسلل حوثية وإجبار الجماعة على اللجوء لورقة التفاوض القبلي التي يبدو أنها استنفدت جميع الفرص أمامها. وبدأ التوتر بعد أن قام مشرف حوثي ينتمي إلى محافظة صعدة حيث معقل الجماعة الرئيسي يدعى حمود شتان أواخر الشهر الماضي بقيادة حملة مسلحة على قرية «أصبح» في مديرية الطفة وقتل امرأة تدعى جهاد الأصبحي بعد اقتحام منزلها عنوة.
وذكرت المصادر حينها أن المسلحين الحوثيين كانوا يسعون لاعتقال والد المرأة وزوجها بعد أن داهموا المنزل غير أنهما تمكنا من الإفلات في الوقت الذي حملت فيه هي سلاح زوجها وأردت ثلاثة مسلحين قبل أن تسقط برصاص المهاجمين. واستبعد الزعيم القبلي والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» ياسر العواضي نجاح الوساطة العمانية ودعا في وقت سابق رجال القبائل من أتباعه إلى التأهب للمعركة والحذر من غدر الميليشيات الحوثية التي تحتشد في محافظة البيضاء لاقتحام مديرية ردمان حيث مناطق قبائل آل عواض.
ويعد مجرد الاعتداء البسيط على النساء في العرف القبلي في اليمن مثلبة كبيرة قد تشعل مواجهات مسلحة ما لم يتم معالجة مثل هذه الحوادث وفق الأعراف القبلية السائدة.
ومحافظة البيضاء من المحافظات اليمنية التي كبدت الميليشيات الحوثية خسائر ضخمة خلال السنوات الماضية، ففي الوقت الذي تشهد جبهاتها الشمالية والشرقية مواجهات مستمرة مع الجماعة، تواصل المقاومة القبلية في كثير من المديريات الخاضعة للجماعة شن الهجمات على الميليشيات من وقت لآخر.
ويؤكد رجال القبائل في المحافظة أن الجماعة الحوثية ارتكبت مئات الجرائم في حق السكان قتلا وتفجيرا للمنازل وتفخيخا للطرقات وهدما للمساجد، فضلا عن الزج بآلاف المواطنين في سجونها في مديريات رداع وقيفة والسوادية والبيضاء وذي ناعم والزاهر والصومعة ومكيراس والملاجم وغيرها من المديريات. واتهم الشيخ العواضي الجماعة للحوثية بالطغيان في تغريداته، ودعا الحوثي لتسليم المتهمين بقتل المرأة إلى القضاء، وطرد المشرفين من البيضاء، غير أن الجماعة حاولت خلال الأسابيع الماضية اللعب على عامل الوقت لتقليل حماس القبائل المتأهبة للمواجهة.
وفي حين نفى العواضي أن يكون لدعوته أي هدف سياسي، حذر في الوقت نفسه شيوخ المحافظة من مصير مماثل «لنسائهم وأعراضهم ودمائهم وشرفهم» إذا تهاونوا في الاقتصاص لدم القتيلة جهاد الأصبحي، كما أعلن عن تقديم مكافأة مالية قدرها عشرة ملايين ريال يمني (الدولار نحو 600 ريال) لمن يقوم بالثأر من قاتلها المباشر أو من المشرف الحوثي حمود شتان.
وكان ياسر العواضي وهو من القيادات البارزة في حزب الرئيس الراحل علي عبد الله صالح (المؤتمر الشعبي) أثار مغادرة صنعاء بعد مقتل صالح على يد الجماعة الحوثية في ديسمبر (كانون الأول) 2017 والاحتماء بقبيلته دون أن ينحاز إلى صف الحكومة الشرعية أو يتبنى موقفا صداميا مع الحوثيين في الوقت نفسه.
ونالت دعوته للاستنفار القبلي لمواجهة الحوثيين تأييدا كبيرا في الشارع اليمني، بينما تصدرت قضية المرأة القتيلة وتداعياتها اهتمام أغلب الناشطين اليمنيين.
ويرى مراقبون يمنيون أن الجماعة الحوثية سترمي بكل ثقلها العسكري في المواجهة الوشيكة ضد قبائل البيضاء، مشيرين إلى ميل الكفة من ناحية العتاد العسكري لمصلحة الجماعة الانقلابية.
ولعل فارق نوعية التسليح بين الطرفين هو ما جعل قادة عسكريين وسياسيين في الحكومة الشرعية يعبرون عن تضامنهم مع القبائل في مواجهة الميليشيات، وهو الدافع نفسه وراء دعوات الناشطين الموجهة لجميع القبائل اليمنية في المحافظات الأخرى للوقوف إلى جانب القبائل في البيضاء.
وفي تغريدة على «تويتر» كان مستشار الرئيس اليمني ورئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر دعا قوات الجيش اليمني لتكون جاهزة للتدخل لإسناد قبائل البيضاء، إذا طلب الشيخ ياسر العواضي ذلك، وهو ما سارع رئيس أركان الجيش الفريق صغير بن عزيز إلى تأكيده في تعليقه على التغريدة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.