سياسيون: مبادرة خادم الحرمين للسلام تتضمن ركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية

أكدوا في ندوة بجدة أن المملكة أولت القضية اهتماما بالغا منذ الملك المؤسس

مهند العكلوك
مهند العكلوك
TT

سياسيون: مبادرة خادم الحرمين للسلام تتضمن ركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية

مهند العكلوك
مهند العكلوك

شدد سياسيون ومختصون على أن السعودية أولت اهتماما بالغا للقضية الفلسطينية، وما زالت تسير في ذات الاتجاه، وأنها تعتبرها القضية الأبرز في الشرق الأوسط.
وأشار الحضور في ندوة «مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية» بجدة، أمس، إلى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي أصبحت المبادرة العربية للسلام، تؤكد اهتمام السعودية بالقضية، وخاصة أن هذه المبادرة تضمنت أسس وركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية، التي تجنب الشعب الفلسطيني المعاناة، وتحقق تطلعاته المشروعة نحو إقامة دولته المستقلة.
وقال اللواء الدكتور أنور عشقي، إن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تهدف إلى وضع حد للأوضاع القائمة في فلسطين، وخادم الحرمين بنى مبادرته على القرارات الدولية، فأصبحت كل الخطط التي تطرح للسلام تتحرك تحت مظلة المبادرة العربية»، مشددا على أن القبول بمبادرة خادم الحرمين الشريفين وتطبيقها هو بمثابة آفاق لحل الصراع العربي الإسرائيلي.
من جهته، قال مهند العكلوك، المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي: «إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين لها أهمية كبيرة على المستوى العالمي، وباتت المرجعية الدولية للسلام». وأضاف أن هذه «المبادرة حظيت بتأييد كبير وأصبحت مبادرة عربية إسلامية، وتتبناها رسميا 57 دولة عضوا في منظمة التعاون الإسلامي».
وشدد مندوب فلسطين لدى منظمة التعاون الإسلامي على أن المبادرة العربية التي أطلقها الملك عبد الله بن عبد العزيز «تمثل رؤية استراتيجية مشتركة صدرت عن أعلى مرجعية عربية رسمية، وهي القمة العربية، وتبنتها أعلى مرجعية، رسمية ممثلة في القمة الإسلامية، وكانت المبادرة بمثابة يد ممدودة للسلام بشروط محددة».
وأوضح العكلوك أن أهمية مبادرة خادم الحرمين الشريفين تأتي كونها ناظما ومعيارا موحدا لمواقف الدول العربية والإسلامية تجاه السلام مع إسرائيل. وأضاف: «منذ انطلاق المبادرة عام 2002 وحتى الآن، لم يُسجل أي انحراف عنها أو رفض لها على المستوى الرسمي، ولم تطالب أي دولة رسميا بسحب هذه المبادرة أو تخرج عنها».
وبيّن العكلوك أن مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز قدمت للعالم فكرة جديدة عن النيات العربية تجاه السلام، وأصبحت إحدى مرجعيات عملية السلام، إلى جانب قرارات الشرعية الدولية.
واستدل مندوب فلسطين بعودة اللجنة الرباعية الدولية (الأمم المتحدة، وأميركا، والاتحاد الأوروبي، وروسيا) في صياغتها خريطة الطريق للسلام عام 2003، إلى مبادرة خادم الحرمين الشريفين كإحدى مرجعيات السلام، وعقب ذلك تبنى مجلس الأمن خريطة الطريق للسلام التي تتضمن مبادرة الملك عبد الله.
وفيما يتعلق بالدعم العربي للقضية الفلسطينية قال الدكتور الفلسطيني يوسف أبو السعود، الباحث في الشؤون الفلسطينية، إن «دعم الدول العربية والخليجية، وفي مقدمتها السعودية، لم يتوقف أبدا، وكان دعم القضية الفلسطينية من قبل السعودية منذ عهد الملك عبد العزيز، ومرورا بأبنائه الملوك كافة وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز». وأكد أبو السعود أن مبادرة الملك عبد الله تجاه القضية الفلسطينية جاءت بحس قومي عربي إسلامي، من قبله، وكان لها النجاح في ظهور الحياد العالمي الذي نراه اليوم تجاه القضية الفلسطينية، وبدأ المجتمع الدولي على أثرها يتحرك بعد أن تكشفت أمامه القضية، مشددا على أن موقف السعودية طوال الفترة الماضية هو ما زاد موقف الفلسطينيين صلابة عالميا.
من جهته، وصف علا أرحيم، الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى، مبادرة خادم الحرمين الشريفين بسلاح السلام، مؤكدا أهمية النظر في الظروف الحالية للتمسك بالمبادرة. واقترح أرحيم إنشاء مكتب ملاحقات قانونية عربي، خاص بالمبادرة العربية، مهمته متابعة أي انتهاك إسرائيلي تجاه القضية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.