ظهور رامي مخلوف يثير انقساماً في «مناطق النفوذ الثلاث»

أكاديمي في اللاذقية يحذر من «شرخ العلويين»... وقلق من المنعكسات الاقتصادية

رامي مخلوف (أرشيفية - فيسبوك)
رامي مخلوف (أرشيفية - فيسبوك)
TT

ظهور رامي مخلوف يثير انقساماً في «مناطق النفوذ الثلاث»

رامي مخلوف (أرشيفية - فيسبوك)
رامي مخلوف (أرشيفية - فيسبوك)

تراوحت ردود فعل السوريين في مناطق النفوذ الثلاث (التي يسيطر على كل منها النظام السوري، والأكراد، والأتراك)، إزاء ظهور رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد، بين اعتباره «مراوغة لتبييض صفحة النظام»، وعدم الاكتراث به وبين اعتباره بداية لتطورات أهم مستقبلية، إضافة إلى القلق من انعكاس ذلك على الوضع المعيشي للناس.
وكتب الأكاديمي أحمد الأحمد المقيم في اللاذقية على صفحته في «فيسبوك» أول أمس: «ما زال رامي مخلوف يشرخ صفوف العلويين والناس نيام يصفقون، فاستيقظوا يا أيها الناس وكفى انجراراً بالعواطف». وأضاف «منشوره الأخير خنجر والغريب كمية التهليل. يقول: ‎نتمنى من الجهات الأمنية التوقف عن ملاحقة الموالين الوطنيين والانتباه إلى المجرمين المرتكبين. هذا كلام خطير لا يختلف عن كلام المعارضة منذ عام 2011. يقول: رغم الظروف الصعبة التي نمُرُّ بها لم ننس واجبنا تجاه أهلنا فقد تمّ تحويل مبلغ ما يقارب مليار ونصف المليار ليرة سورية لجمعية البستان وجهات أخرى كي تستمر بتقديم الخدمات الإنسانية لمستحقيها بصدق وأمانة!! الكل يعرف أنه لا علاقة لك بالجمعية منذ العام الماضي».
وسحبت رئاسة الجمهورية «جمعية البستان» الخيرية من مخلوف بعد إعلان الجمعية أنها تعمل تحت إشراف رئاسة الجمهورية. ويأتي هذا التطور بعد ساعات من كتابة مخلوف لمنشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» دعا فيه الجمعية لتقديم المساعدات إلى آلاف الجرحى والقتلى من عناصر الجيش السوري والقوات الموالية له. وقالت الجمعية عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»: «نشير إلى أن الجمعية تقوم بعملها الخيري والإنساني والتنموي بمتابعة وإشراف السيد رئيس الجمهورية، ومن هذا السياق فإننا في جمعية البستان نؤكد حرصنا على استمرارية العمل المكلفين به وفق الدور الموكل إلينا به على أكمل وجه وبتوجيهات قائد الوطن».
وكان مخلوف قال في وقت سابق اليوم السبت إنه « قرر تحويل مبلغ مليار ونصف ليرة سورية من أمواله لصالح (جمعية البستان الخيرية) التابعة له ليتم توزيعها على أسر آلاف القتلى والجرحى من عناصر السوري والقوات الموالية له».
وأسس مخلوف جمعية البستان في مدينة اللاذقية منتصف عام 1999 لتقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين من فقراء ومرضى.
وفي دمشق، تقول إسراء (27 عاماً) وهي نازحة من محافظة إدلب: «ما يجري لا يخرج عن كونه مجرد مؤامرة هدفها تبييض صفحة النظام، لأن رامي لا يجرؤ على تحدي الرئيس»، الأمر الذي يوافق عليه ياسين (45 عاماً) من محافظة السويداء جنوب البلاد، ويعمل في تجارة البناء، ويمثل اعتقاداً واسع الانتشار بين السوريين. ويقول: «مخلوف هو الواجهة الاقتصادية للعائلة».
ولا يخفي رجال أعمال منافسون لرامي سعادتهم بما يجري معه، خصوصا الذين زاد دورهم أخيراً مثل يسار إبراهيم وسامر فوز و«أبو علي خضر» وبراء قاطرجي. ونُقل عن أحدهم: «كما تدين تدان. الآن صار يستنجد بالقانون. أخيراً انتهت سيطرته على اقتصاد البلد وصار فينا نتنفس شوية».
لكن «أ. ق» (38 عاماً)، وهو من طبقة التجار الوسطى في أسواق دمشق، يبدي تشاؤمه من النظام، ويقول: «لن يحصل تغيير كبير، سيبقون ماسكين الاقتصاد. يذهب مخلوف ويأتي مخلوف والسيارة لن تمشي».
ويبدو القلق كبيراً في مناطق الساحل السوري، حيث تتخوف أم سائد (57 عاماً) وهي أم لعنصر من الجيش النظامي قُتل في الحرب، من تقلص حجم المساعدة التي تتلقاها من «جمعية البستان» التابعة لرامي. وتذهب في تخوفها أبعد منذ ذلك، بقولها: «لا نريد أن يحسبونا على جماعة رامي. ساعتها لا مساعدات ولا وظيفة».
حالة القلق من المستقبل تسيطر أيضاً على العاملين والعاملات في شركات رامي، فمصير تلك الشركات التي يقتاتون من العمل فيها على المحك، وتقول «أ. س» (43 عاماً)، وهي موظفة بإحدى شركاته: «الوظيفة بالشركة كانت امتيازاً ومصدرا للأمن المالي والاقتصادي والبريستيج الاجتماعي».
ويقول فيصل الحسن ناشط حقوقي من محافظة حماة ويعيش في إدلب: «الخلافات الحاصلة بين رامي مخلوف والنظام، هو صراع على النفوذ بدايةً ثم المال الذي يسهم في تقوية النفوذ، ومحاولة من البعض للتفرد بكل شيء في سوريا وحتماً ذلك بأوامر روسيا، وهدف الأخيرة من ذلك هو إزاحة واستبدال منظومة رامي مخلوف من خلال منظومة جديدة موالية ومطيعة لروسيا تسهم في دعم الموقف الروسي وإحكام قبضتها على التركيبة الإدارية السورية».
من جهته، يرى الناشط السياسي بكار حميدي من منطقة سهل الغاب: «بعد التقلبات السياسية التي طرأت على وجه النظام السوري الحاكم نتيجة ضغط الثورة السورية عليه متمثلة بفصائلها وحراكها المدني، ظهرت خلافات أركان النظام وعامت على السطح ومن بينها الخلافات بين العائلة الحاكمة نفسها. ظهور رامي، ليس الخلاف الأول في صفوف العائلة الحاكمة إلا أنه الخلاف الأبرز الذي لم يستطع النظام التستر عليه لعظمته وتفشيه ليس فقط بين العائلة الحاكمة».
أما خالد الحمود، من ريف إدلب الجنوبي ويقيم في أحد المخيمات السورية التركية، فيقول: «حتماً كنا نتوقع هكذا خلافات... حقيقة لا نعير للقضية والخلافات بينهم أدنى اهتمام ولكن نترقب بذات الوقت انهيار منظومة النظام السياسية والإدارية والاقتصادية التي تسببت بانهيار سوريا اقتصادياً وبنيوياً».

- شرق الفرات
سولين البالغة من العمر ثلاثين عاماً وتنحدر من مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا وتعمل في المجال الإعلامي، قالت: «ذُكرت مفردات للمرة الأولى نسمعها من أوساط العائلة الحاكمة بسوريا، وجّه خطابه مباشرةً للأسد دون ذكر أي جهة أو شخصية ما، كما ادّعى أن الأجهزة الأمنية حبست مديرين وموظفين بالشركة»، وأشارت إلى أن كل السوريين يعلمون حقيقة مفادها أن النظام وعلى مدى السنوات الماضية لم يسمح لأي شركة اتصالات عالمية العمل في سوريا لوجود شركتي (سيريتل) و(إم تي إن) كونهما احتكرتا سوق الاتصالات.
أما جوان، (37 سنة) من بلدة عامودا التابعة للحسكة والذي يعمل موظفاً لدى منظمة دولية تنشط في منطقة الجزيرة، فيقول إنه شاهد جميع مقاطع الفيديو التي نشرها رامي مخلوف، «ما بين السطور في كثير من الخفايا ممكن الواحد يلاحظها، فلماذا لجأ رامي إلى الله وللعبارات الدينية بهذا الخطاب؟».
غير أن معصوم (40 سنة) المنحدر من مدينة الحسكة ويعمل مدرساً منذ خمس عشرة سنة، تساءل مستغرباً عن تداعيات أزمة رامي مخلوف على الاقتصاد السوري والانخفاض الكبير الذي شهدته الليرة السورية، إذ وصل سعرها في ذروة الأزمة إلى ألفي ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي وكانت قبل 2011 عند (47) ليرة فقط، وقال: «لأن رامي يعد من الدائرة الضيقة المقربة من الرئيس ومن أشد الموالين له، فحصدت تلك الفيديوهات الثلاثة التي نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي اهتماماً كبيراً من السوريين». ويضيف «هل هذه بالفعل تسببت بتلك الأزمة خصوصاً أننا أيام الحرب على (داعش) لم نعانِ اقتصادياً مثل اليوم. إنها مراوغة بين الرئيس وابن خاله لإشغال الرأي العام ونسيان باقي الأمور»، في إشارة إلى «قانون قيصر» الذي أعدته الإدارة الأميركية لمعاقبة أركان النظام الحاكم وسيدخل حيز التنفيذ مطلع الشهر القادم.



الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
TT

الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون يعلن أنه سيشتري عقاراً في قطر

الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)
الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون (أ.ب)

أعلن الإعلامي الأميركي المحافظ تاكر كارلسون، الأحد، أنه سيشتري عقاراً في قطر، نافياً الاتهامات بأنه تلقى أموالاً من الدولة الخليجية.

وقال كارلسون خلال جلسة حوارية في منتدى الدوحة مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «اتُّهمت بأنني أداة لقطر... لم آخذ شيئاً من بلدكم قط، ولا أعتزم ذلك. ومع ذلك سأشتري غداً بيتاً في قطر».

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أضاف المذيع السابق في قناة «فوكس نيوز» خلال الفعالية السنوية: «أفعل ذلك لأنني أحب المدينة، وأعتقد أنها جميلة، ولكن أيضاً لأؤكد أنني أميركي ورجل حر، وسأكون حيثما أرغب أن أكون».

تستضيف قطر أكبر قاعدة جوية أميركية في الشرق الأوسط، وهي القاعدة المتقدمة للقيادة المركزية العسكرية (سنتكوم) العاملة في المنطقة.

وتصنّف واشنطن الدولة الصغيرة الغنية بالغاز حليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأثارت المسألة تساؤلات رفضتها كل من واشنطن والدوحة.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن أشخاصاً لم يسمهم يبذلون «جهوداً كبيرة لتخريب العلاقة بين قطر والولايات المتحدة ومحاولة شيطنة أي شخص يزور هذا البلد».

وأضاف أن الجهود التي تبذلها قطر مع الولايات المتحدة تهدف إلى «حماية هذه العلاقة التي نعدها مفيدة للطرفين».

أدت قطر دور وساطة رئيسياً في الهدنة المستمرة التي تدعمها الولايات المتحدة في غزة، وتعرضت لانتقادات شديدة في الماضي من شخصيات سياسية أميركية وإسرائيلية لاستضافتها المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية، وهي خطوة أقدمت عليها بمباركة واشنطن منذ عام 2012.

لكن الدوحة نفت بشدة دعمها لحركة «حماس».

وفي سبتمبر (أيلول)، هاجمت إسرائيل الدوحة عسكرياً مستهدفة قادة من «حماس»، في تصعيد إقليمي غير مسبوق خلال حرب غزة.


ملك الأردن يؤكد لممثلة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي ضرورة التوصل لسلام شامل في المنطقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (الشرق الأوسط)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (الشرق الأوسط)
TT

ملك الأردن يؤكد لممثلة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي ضرورة التوصل لسلام شامل في المنطقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (الشرق الأوسط)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (الشرق الأوسط)

أفاد الديوان الملكي الأردني، الأحد، بأن الملك عبد الله الثاني أكد لممثلة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على ضرورة التوصل إلى سلام شامل في المنطقة والحفاظ على سيادة الدول.

وأضاف الديوان الملكي، في بيان، أن الملك عبد الله الثاني وكالاس شددا على أهمية التوصل إلى حل الدولتين بوصفه السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل.

وشدد العاهل الأردني خلال اللقاء على ضرورة الالتزام بتنفيذ اتفاق إنهاء الحرب في غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية على القطاع، ووقف الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.


انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
TT

انفجار أسعار في مناطق سيطرة الحوثيين يخنق معيشة السكان

سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)
سوق شعبية للملابس في صنعاء التي يعاني سكانها من انفجار أسعار كبير (الشرق الأوسط)

تراجعت القدرة الشرائية لغالبية اليمنيين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، بعد موجة غلاء شديدة ضربت الأسواق، وارتفعت معها أسعار المواد والسلع الأساسية والغذائية، على الرغم من تراجعها عالمياً للشهر الثالث على التوالي.

وارتفعت الأسعار في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية؛ ما اضطر كثيراً من العائلات إلى خفض استهلاكها من بعض السلع، أو الاستغناء عن بعض الأصناف، مثل الخضراوات والفواكه، في حين رفعت المطاعم أسعار الوجبات التي تقدمها، رغم تراجع الإقبال عليها.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن أسعار بعض السلع الغذائية زادت، خلال الأسابيع الماضية، بشكل كبير ومفاجئ، في حين حدثت زيادات تدريجية لسلع أخرى، دون أن يصدر حول ذلك أي بيانات أو توضيح من الجماعة الحوثية التي تسيطر على القطاع التجاري، أو إجراءات للحد من ذلك.

وزاد سعر كيس الدقيق زنة 50 كيلوغراماً نحو 3 دولارات؛ حيث ارتفع أحد أنواعه من 12400 ريال يمني إلى نحو 14 ألف ريال، وتفاوتت الزيادة في أسعار كيس الأرز بين 3 و6 دولارات، حسب النوع، بينما ارتفع سعر زجاجة الزيت (5 لترات) بمقدار دولارين لغالبية أنواعه، وتجاوز سعر كرتونة البيض 4 دولارات، بعد أن وصل إلى 2200 ريال. (تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي 535 ريالاً يمنياً).

اتهامات للحوثيين بفرض جبايات لتعويض خسائرهم من العقوبات الأميركية والغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتقول أروى سلام، وهي معلمة وربَّة منزل، لـ«الشرق الأوسط»، إنها اضطرت منذ نحو شهر للتخلي عن شراء الخضراوات تماماً، ما عدا الضروري منها لإعداد الوجبات، في محاولة منها لتوفير ثمن الدقيق والسكر والأرز.

وشملت الزيادات أسعار الخضراوات والفواكه محلية الإنتاج، والمعلبات التي تدخل ضمن أساسيات التغذية في اليمن، مثل التونة واللبن المجفف والأجبان، التي اضطرت غالبية العائلات للتوقف عن شرائها.

خنق الأسواق

بدأت موجة الغلاء الجديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقفزة كبيرة في أسعار السكر، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ إذ ارتفع سعر الكيس الذي يزن 50 كيلوغراماً من 20 ألف ريال، إلى 26 ألف ريال لأكثر أنواعه انتشاراً في الأسواق، وهي زيادة تعادل نحو 12 دولاراً.

يمنيان يبيعان الحبوب المنتجة محلياً في سوق بوسط صنعاء (إ.ب.أ)

ومع موجة الغلاء الأخيرة، عاود السكر ارتفاع أسعاره خلال الأسابيع الماضية، وتفاوتت الزيادة الجديدة بين دولارين وأربعة دولارات، إلا أن غالبية الباعة استمروا ببيعه وفقاً للزيادة الأولى، التي تسببت بارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي، وعدد من الأصناف التي يدخل في تكوينها.

وواجهت المطاعم صعوبات في التعامل مع الزيادات السعرية الجديدة، بعد أن اضطرت لرفع أسعار الوجبات التي تقدمها، وهو ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها.

وتحدث عمار محمد، وهو مدير صالة في أحد المطاعم لـ«الشرق الأوسط» عن قلة عدد رواد المطعم الذي يعمل فيه منذ ارتفاع أسعار الوجبات، مع عزوف من تبقى منهم عن تناول الوجبات المرتفعة الثمن، وتقليل الكميات التي يتناولونها، وهو ما تسبب في تراجع دخل المطعم.

الجماعة الحوثية فرضت المزيد من الجبايات على نقل البضائع متسببة في موجات غلاء متتالية (غيتي)

وأبدى خشيتَه من أن يُضطَر مُلاك المطاعم إلى تسريح بعض العمال بسبب هذا التراجع، رغم توقُّعه تكيُّف معظم الزبائن مع الوضع الجديد، ورجوعهم إلى عاداتهم في تناول الوجبات خارج منازلهم بعد مضي بعض الوقت.

إلا أن باحثاً اقتصادياً نفى إمكانية حدوث التكيف مع الأوضاع الجديدة؛ فبعد كل هذه السنين من الأزمات المعيشية، والإفقار المتعمد للسكان، حسب وصفه، أصبح التكيف أمراً غاية في الصعوبة، خصوصاً مع توقف رواتب موظفي الدولة، واتساع رقعة البطالة، وتراجع المساعدات الإغاثية.

ولفت الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» عدم الإفصاح عن هويته لإقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، إلى أن التكيف يحدث في أوضاع يمكن أن تتوفر فيها فرص للسكان لزيادة مداخيلهم، وابتكار طرق جديدة لتحسين معيشتهم.

الأسواق في مناطق سيطرة الحوثيين تعاني من ركود كبير بعد موجات الغلاء (أ.ف.ب)

وأوضح أن الجماعة لا تهتم إلا بزيادة عائداتها، وتتبع جميع الوسائل التي ترهق السكان؛ من فرض المزيد من الضرائب والجمارك ومضاعفتها بشكل غير قانوني، والعبث بالقطاع التجاري والاستثماري، وجميعها إجراءات تعمّق الركود وتعيق الحركة المالية ونشوء الأسواق وتوسع البطالة.

غلاء عكس المتوقع

امتنعت كبريات الشركات التجارية عن إبداء تفسيرات لهذه الزيادات السعرية، بالتوازي مع عدم اتخاذ الجماعة الحوثية أي إجراءات لمنعها أو تفسيرها، رغم ادعاءاتها باستمرار إجراءاتها للرقابة السعرية، وحماية المستهلكين من الاستغلال.

تأتي هذه الزيادات في الوقت الذي أظهرت فيه مؤشرات «منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)»، تراجعاً عالمياً في أسعار السلع الغذائية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، للشهر الثالث على التوالي.

وبيَّنت المؤشرات، التي أعلنت عنها «فاو»، والتي ترصد أسعار سلَّة من السلع الغذائية المتداولة حول العالم، ظهور انخفاض من متوسط 126.6 نقطة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 125.1 نقطة، الشهر الماضي، بما يساوي 1.2 في المائة.

وطبقاً لذلك، هبطت أسعار أغلب فئات السلع الأساسية، مثل الألبان ومنتجاتها واللحوم والزيوت النباتية والسكر، رغم ارتفاع مؤشر أسعار الحبوب.

وأرجعت المنظمة الأممية هذا التراجع السعري إلى وفرة المعروض العالمي من السلع، وزيادة الإمدادات في أسواق التصدير، ما زاد المنافسة وخفّض الضغوط السعرية.

ومنذ أيام، حذَّرت المنظمة ذاتها من أن نصف الأسر في اليمن تعاني من نقص الغذاء والحرمان الشديد في أربع محافظات.