اللبنانيون المقيمون في إسرائيل... عملاء أم ضحايا إهمال الدولة؟

قانون عفو لإعادتهم بعد 20 عاماً

TT

اللبنانيون المقيمون في إسرائيل... عملاء أم ضحايا إهمال الدولة؟

تقول رجاء بشارة، من قرية دير ميماس في قضاء مرجعيون في الجنوب اللبناني، إن ميليشيا «جيش لبنان الجنوبي» اغتالت شقيقها خالد، مطلع ثمانينات القرن الماضي؛ لأنه كان ناشطاً في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ويسهل هروب الرافضين الالتحاق بالخدمة العسكرية. لذا اغتالوه، وفخخوا حول جثته ليمنعوا أي محاولة لسحبه ودفنه، وكانوا يدعون حينها أنه فلسطيني الجنسية... «حرقوا قلب أمي». فهي لا تنسى أنهم قتلوه، وبقي ثلاثة أيام حتى تمكن رفاقه من سحبه.
ويقول شاب لبناني من أبناء بلدة القليعة لـ«الشرق الأوسط»، متحفظاً عن ذكر اسمه، إن «عمتي جميلة التي كانت تخدم في المنازل منذ عمر 13 عاماً لتمويل ذهاب أشقائها إلى المدرسة، وتزوجت في السادسة عشرة من عسكري، استشهد خلال قصف إسرائيلي لفدائيين فلسطينيين في الجنوب اللبناني، لم تجد سوى عائلة إسرائيلية تقيها الفقر والحاجة، فعملت لديها منذ ثمانينات القرن الماضي، وهي اليوم تصنف عميلة، في حين يسرح كبار العملاء ممن أصبحوا أثرياء، ولا أحد يسائلهم».
هذا الشاب كما رجاء، هما مسيحيان يساريان، يرفضان التعامل مع إسرائيل. ولكل منهما وجهة نظر تستحق التوقف عندها بشأن اللبنانيين الذي غادروا إلى إسرائيل عشية تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو (أيار) من عام 2000، المتزامنة ذكراه العشرين مع السجال المرافق لمشروع قانون العفو، وتحديداً البند السادس من المادة الأولى، الذي ينص على «العفو للذين لم ينضووا عسكرياً وأمنياً، بمن فيهم عائلات المواطنين من ميليشيا (جيش لبنان الجنوبي)، عن جُرمي دخول أراضي بلاد العدو واكتساب جنسيته، شرط التنازل أو التخلي عنها قبل عودتهم إلى لبنان».
و«جيش لبنان الجنوبي» (جيش لحد)، تأسس في عام 1976 في منطقة مرجعيون الجنوبية، على يد الضابط سعد حداد المنشق عن الجيش اللبناني. ليتسلم القيادة الضابط في الجيش اللبناني أيضاً، أنطوان لحد، في عام 1984. وقام بأعمال قتل وتعذيب بحق لبنانيين وفلسطينيين، وتلقى الدعم العسكري واللوجيستي من وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وفي غياب الأرقام الرسمية لعدد اللبنانيين الذين فروا إلى إسرائيل مع التحرير، فإن عددهم كان يقدر بنحو 8 آلاف شخص، بينما يتراوح عدد الباقين منهم في إسرائيل اليوم بين 3000 و3500 شخص، إذ تمكن بعضهم من الهجرة إلى دول أخرى. ويرفض البعض الآخر العودة بعد 20 عاماً، حصل خلالها على الجنسية الإسرائيلية، واندمج في المجتمع، وخدم في الجيش الإسرائيلي. ومنهم من وُلد وترعرع في إسرائيل، ولا يعرف وطناً آخر.
ويتحدث ابن القليعة، عن «ابن عائلة هربت إلى إسرائيل، وكان في السابعة من عمره، لم يحتمل الحياة هناك. هرب وعاد إلى لبنان متسللاً، وعاش لدى أقاربه. وعندما أصبح شاباً استرد منزل أهله ويقيم فيه».
وتقول رجاء بشارة إن «الحديث عن قانون العفو يعيدنا إلى عام 1976 عندما أسس سعد حداد (جيش لبنان الحر) تحت عنوان (حماية المسيحيين من الفلسطينيين)، مستفيداً من (أخطاء) الكفاح الفلسطيني المسلح في جنوب لبنان، وهجومهم على قريتي العيشية ومشقية، وتهجير الأهالي منهما».
وتوضح بشارة أن «الإسرائيليين حرصوا حينذاك على تبييض صفحتهم، إذ كانوا يعملون على التطبيع. حولوا الحدود إلى (جدار طيب) وفتحوها أمام اللبنانيين مدعين مساعدتهم. وهنا تتحمل الأحزاب اليسارية والقومية والفلسطينية مسؤولية كبيرة؛ لأنها لم تتوقف عند الهدف الحقيقي للإسرائيليين في منطقة فقيرة ومهملة من الدولة».
وتشير إلى أن «بعض الأهالي حرص على نقل ذاكرة مجازر الإسرائيليين بحق قرى المنطقة إلى أولادهم. وبعضهم فضل التعايش مع واقعه الجديد في غياب تام للدولة ومؤسساتها، وفي ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية. ولم يجد الشباب إلا إسرائيل ليعملوا فيها مقابل أجور جيدة، قياساً إلى الركود الاقتصادي. كذلك فرض (جيش لحد) التجنيد الإجباري في صفوفه على الشباب من كل الطوائف. واللواء الركن فرنسوا الحاج (كان مدير العمليات في الجيش اللبناني، واغتيل قرب بيروت بعد قيادته معارك مخيم نهر البارد في عام 2007) من بلدة رميش، فر حينذاك من المنطقة؛ لأنهم أرادوا إرغامه على الخدمة في ميليشيا العملاء. إلا أن عائلات كثيرة لم تكن لديها الفرصة للهرب إلى بيروت، فبقيت وخدم أولادها».
وتضيف بشارة: «ليلة التحرير، فتح المطران إلياس الكفوري المطرانية في مرجعيون. وكل من لم يخف ولم يهرب ممن تعاملوا مع إسرائيل لجأ إليها، وتسلمتهم الدولة اللبنانية. وأكبر حكم لم يتجاوز أربعة أعوام بالسجن. لم تكن المحاسبة بحقهم قوية. بعضهم كان يعذب المعتقلين في سجن الخيام ويغتصب المعتقلات، تم إبعاده عن القرية فترة، وهو اليوم يحضر متى يشاء، ولا أحد يحاسبه. أما العائلات التي فضلت الدخول إلى إسرائيل، فبعضها عاد. في الأساس لم يبعدها أحد».
وترى بشارة أنه «لا يمكن تعميم تهمة العمالة، فأحد سجاني الخيام لم يؤذِ أحداً من المعتقلين أو يعذبهم، وكان يهرِّب إليهم الطعام، وكان يقصد أهلهم في قرى الشريط الحدودي ليلاً، ليطمئنهم إلى وضع أولادهم. وليلة التحرير قصد معتقلون محررون منزله، وطمأنوا زوجته بأنهم سيحافظون على أمانها. أكثر من ذلك، زاروه في السجن بعد الحكم عليه، وحملوا إليه الحلوى وشكروه على إنسانيته. وشطبوا اسمه من اللائحة التي تحمل أسماء عملاء جيش لحد». وعن قانون العفو الذي يتم التداول فيه حالياً، تقول بشارة: «لا أعرف كيف يمكن أن يشمل العفو من لجأ إلى دولة عدوة؟ وبعد إقامته فيها طوال عشرين عاماً، هل يعتبرها عدوة؟ وهل يتحول إلى مواطن لبناني الذي ذهب صغيراً أو ولد هناك؟ ثم من يضمن عدم تجنيد إسرائيل لمن قد يعودوا بموجب قانون العفو؟ هذا الطرح هدفه التوازنات الطائفية والشعارات الانتخابية، ولا شيء آخر».
ابن القليعة المتحفظ عن ذكر اسمه، يوافق رجاء في أن «قانون العفو ظالم جداً، وفيه إنكار لمفهوم الخيانة، وتحديداً لمن كان في موقع مسؤولية واختار أن يرتكب جرائمه. وتجب محاسبته بحزم وتشدد. أما من كان فقيراً ومرغماً على الانخراط في (جيش لحد) أو يسجن، ومن عمل في إسرائيل ليأكل، هذا تجب مساعدته وتأهيله».
ويعود إلى حكاية عمته التي «تبلغ اليوم الرابعة والسبعين من عمرها، ولديها ضمان شيخوخة وضمان صحي ومنزل ورعاية، ولا اتصال معها أو مع أولادها، في حين لا يزال هناك عدد من ضباط الميليشيا، ممن عملوا في التهريب وجمعوا ثروات كبيرة. وفي حين برأت المحكمة العسكرية العميل عامر فاخوري (كان آمر سجن الخيام، وعاد قبل أشهر إلى لبنان بجنسية أميركية، فسجن بدعاوى أسرى سابقين؛ لكن أبطلت عنه التعقبات بعد مساعٍ أميركية لإطلاقه؛ لأنه أميركي ومريض بالسرطان) من الجرائم الجنائية الخطيرة المنسوبة إليه. وأنا لا أستطيع أن أعلن اسمي؛ لأن عمتي جميلة (عميلة) بسبب فقرها وعدم وجود دولة لبنانية تؤمن لها الحد الأدنى من الحياة الكريمة. وتشردت عائلتها، عندما فر ابنها الكبير إلى روسيا هرباً من الالتحاق في (جيش لحد)، وسجن ابنها الثاني للسبب ذاته، ليختفي وتغيب آثاره حتى اليوم».



منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.