«كوفيد ـ 19» يتسبب في اختراقات رقمية استراتيجية

هجمة «خبيثة» جديدة تحدد الموقع الجغرافي وتسجّل ضغطات لوحة المفاتيح وتلتقط محتوى الشاشة

استُهدفت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا في مرحلة ضعف الأمن الرقمي عالمياً
استُهدفت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا في مرحلة ضعف الأمن الرقمي عالمياً
TT

«كوفيد ـ 19» يتسبب في اختراقات رقمية استراتيجية

استُهدفت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا في مرحلة ضعف الأمن الرقمي عالمياً
استُهدفت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا في مرحلة ضعف الأمن الرقمي عالمياً

من الواضح أن أزمة «كوفيد-19» لم تؤثر على أداء القراصنة الإلكترونيين؛ حتى لدى عملهم من منازلهم، حيث اخترقوا الأسبوع الماضي كثيراً من الكومبيوترات العملاقة في جميع أنحاء أوروبا وزرعوا برامج ضارة لتعدين العملات المشفرة، إلى جانب استهدافهم هيئات دبلوماسية في أوروبا وتجسسهم عليها، وصولاً إلى اختراق كومبيوترات شركة محاماة بارزة في نيويورك والعثور على معلومات محرجة مرتبطة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، وطلب فدية قدرها 42 مليون دولار أميركي وإلا فسيتم نشر تلك المعلومات للجميع.
وتأتي هذه الاختراقات في ظل استخدام الكومبيوترات الشخصية من الشبكات المنزلية لأداء الأعمال والاتصال بالأجهزة البعيدة، وانخفاض أعداد موظفي الأمن الرقمي الموجودين بالقرب من تلك الأجهزة الحساسة.

تهديدات رقمية للرئيس
بداية؛ زعمت مجموعة قرصنة باسم «Sodinokibi» أن لديها معلومات «قذرة» متعلقة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب وهددت بنشرها ما لم تحصل على 42 مليون دولار. وتأتي هذه المطالب بعد اختراقها شركة «Grubman Shire Meiselas & Sacks» للمحاماة في مدينة نيويورك. ويحقق «مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)» حالياً في هذه الاختراقات.
ومن الواضح أن اختراق هذه الأجهزة يعود إلى انخفاض مستويات الأمان على صعيد الأجهزة المحمولة التي يستخدمها فريق شركة المحاماة من شبكات منازلهم غير الآمنة رقمياً والمتصلة بأجهزة مختلفة في المنزل قد تكون بوابة دخول البرمجية الخبيثة، أو لأجهزتهم الخادمة التي تحتاج إلى رقابة أكثر صرامة على مدار الساعة.
ويُعدّ هذا الاختراق واحداً من اختراقات عديدة قد نشهدها قريباً بسبب استخدام بيئة عمل غير آمنة للقيام بأعمال حساسة أو ذات طابع سري، أو مشاركة الملفات المهمة عبر خدمات التخزين السحابية غير الآمنة أو دون استخدام كلمة سر لحمايتها من أعين المتطفلين.

اختراقات أوروبية
تم إيقاف كثير من الأجهزة الخادمة في بريطانيا وألمانيا وسويسرا، بعد تعرض بروتوكول «الواجهة الآمنة (Secure SHell SSH)» لاختراق، والذي يُعدّ وسيلة منتشرة للدخول إلى الكومبيوترات الخادمة والتحكم بها كما لو كان المستخدم موجوداً داخل مركز البيانات، حتى لو كان الاتصال بين الطرفين غير آمن. وظهر أول تقرير عن الهجوم على الكومبيوترات العملاقة من جامعة أدنبره المشغلة للحاسب العملاق «Archer»، ويبدو أن بيانات بروتوكول «الواجهة الآمنة» قد سُرقت من أعضاء الجامعة الحاصلين على إذن الوصول إلى الكومبيوترات العملاقة لتشغيل وظائف الحوسبة. ونشرت هذه المجموعة تطبيقاً لتعدين عملة «مونيرو (Monero)» المشفرة الذي يستفيد من قدرات الحوسبة المهولة لهذه الفئة من الكومبيوترات لجني عملات مشفرة بسرعات كبيرة.
من جهتها؛ كشفت منظمة «bwHPC» التي تنسق المشاريع البحثية عبر الكومبيوترات العملاقة في ألمانيا عن أنه يجب إغلاق 5 مجموعات حوسبة عالية الأداء بسبب حوادث أمنية مماثلة، وأوقف المركز السويسري للحسابات العلمية في زيوريخ الوصول الخارجي إلى البنية التحتية للكومبيوترات الفائقة التابعة له. وتأثر أيضاً كومبيوتر عملاق في مدينة برشلونة الإسبانية وتم إغلاقه.
ولكن القراصنة لم يكتفوا بذلك، بل استهدفوا هيئات دبلوماسية في دول الاتحاد الأوروبي وتجسسوا عليها، وفقاً لأحدث ما كشفت عنه شركة «كاسبرسكي» المختصة بالأمن الرقمي. واستخدم القراصنة أداة متخفية في شكل طلب مزور للحصول على تأشيرة بها قاعدة النص البرمجي نفسه المستخدم في البرمجية الخبيثة «كومبفان (COMPFun)».
وتتضمن وظائف الهجمة الخبيثة الجديدة القدرة على تحديد الموقع الجغرافي للهدف، وجمع البيانات المتعلقة بالمضيف والشبكة، وتسجيل ضغطات المفاتيح على لوحة المفاتيح، والتقاط محتوى الشاشة، وهي مدججة بالإمكانات وقادرة على الانتشار في أجهزة التخزين المحمولة. وتحتوي البرمجية الخبيثة هذه أداة نشر خاصة بالمرحلة الأولى التي يجري تحميلها من الشبكة المحلية (LAN) المشتركة. ويُحتفظ بالمعلومات مشفرة داخل أداة التوزيع بجانب البرمجية الخبيثة الخاصة بالمرحلة التالية والمبنية بمعمارية 32 و64 بت. وربط خبراء «كاسبرسكي» برمجية «كومبفان» الأصلية بجهة التهديدات المتقدمة المستمرة «تورلا (Turla)».
ونأمل أن تكون أجهزة المنطقة العربية مجهزة بأحدث سبل الوقاية من هذه الهجمات، خصوصاً القطاعات الحكومية والصحية والصناعية.



منفذ هجوم نيو أورليانز استخدمها... ماذا نعرف عن نظارات «ميتا»؟

شمس الدين جبار يصور نفسه في المرآة بنظارات «ميتا» قبل هجوم نيو أورليانز (أ.ف.ب)
شمس الدين جبار يصور نفسه في المرآة بنظارات «ميتا» قبل هجوم نيو أورليانز (أ.ف.ب)
TT

منفذ هجوم نيو أورليانز استخدمها... ماذا نعرف عن نظارات «ميتا»؟

شمس الدين جبار يصور نفسه في المرآة بنظارات «ميتا» قبل هجوم نيو أورليانز (أ.ف.ب)
شمس الدين جبار يصور نفسه في المرآة بنظارات «ميتا» قبل هجوم نيو أورليانز (أ.ف.ب)

استخدم المهاجم الذي قاد شاحنة عبر شارع بوربون في مدينة نيو أورليانز الأميركية في يوم رأس السنة الجديدة نظارات «ميتا» الذكية لاستطلاع المشهد قبل أسابيع، وفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، بحسب شبكة «سي إن إن».

وقال ليونيل ميرثيل، وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي الخاص المسؤول في نيو أورليانز، إن شمس الدين جبار أقام في منزل مستأجر في نيو أورليانز بدءاً من 30 أكتوبر (تشرين الأول) وارتدى النظارات الذكية لتسجيل الفيديوهات أثناء ركوبه دراجته عبر الحي الفرنسي. ارتدى جبار النظارات مرة أخرى في يوم رأس السنة الجديدة لكنه لم يقم بتنشيطها.

وأوضح ميرثيل ضمن مؤتمر صحافي: «كان جبار يرتدي زوجاً من نظارات (ميتا) عندما نفذ الهجوم على شارع بوربون، لكنه لم ينشط النظارات لبث أفعاله مباشرة في ذلك اليوم».

ما هي نظارات «ميتا»؟

أصدرت «ميتا» نظاراتها الذكية في عام 2021 بالتعاون مع شركة «راي بان». وتبلغ أسعار نظارات «ميتا» الذكية 379 دولاراً، وفقاً لموقع «راي بان» على الويب.

يمكن لنظارات «ميتا» الذكية -التي تعد جزءاً من دفع اصطناعي أوسع نطاقاً لجعل التكنولوجيا القابلة للارتداء من دون استخدام اليدين منصة الحوسبة الكبيرة التالية- التقاط الصور واستخدام الذكاء الاصطناعي للإجابة عن أسئلة المستخدم حول محيطه.

كما ضمنت «ميتا» ميزة حتى يعرف المارة متى يلتقط المستخدم صورة أو يصور مقطع فيديو: ضوء LED صغير مواجه للأمام يضيء باللون الأبيض عندما تعمل الكاميرا.

وفي سبتمبر (أيلول)، أعلنت شركة «ميتا» عن إصدار جديد أكثر تقدماً من النظارات، يُدعى «أوريون»، والذي يتضمن تقنية الواقع المعزز، مما يسمح للمستخدمين برؤية الصور المجسمة، مثل الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكتروني، وهي تطفو في الفضاء حولهم.

وفقاً لإعلان الشركة، تم توفير نظارات الواقع المعزز لموظفي «ميتا» وبعض المستخدمين خارج الشركة حيث تعمل على تطوير إصدار للمستهلكين.

مؤسس شركة «ميتا» مارك زوكربيرغ يحمل زوجاً من نظارات «أوريون إي آر» (أ.ب)

التصوير الفوتوغرافي وتسجيل الفيديو

تستطيع الكاميرات عالية الدقة المدمجة في النظارات التقاط الصور وتسجيل مقاطع الفيديو لمدة تصل إلى ثلاث دقائق. ويمكن بعد ذلك استيراد هذه الصور ومقاطع الفيديو تلقائياً إلى تطبيق «ميتا فيو» على الهواتف الذكية للمستخدمين، إذا كانت الميزة قيد التشغيل.

لالتقاط الصور، يمكن للمستخدمين النقر فوق زر التقاط على جانب إطار النظارات. إذا تم تمكين عناصر التحكم الصوتي، يمكنهم التقاط صورة أو بدء التسجيل من دون استخدام اليدين، وفقاً لموقع الشركة على الويب. من خلال قول Hey Meta يمكن للمستخدمين إخبار النظارات ببدء التسجيل.

تستطيع النظارات أيضاً فتح البث المباشر عن طريق ربط حسابات «فيسبوك» أو «إنستغرام» بـ Meta View. بمجرد الاتصال، يمكن للمستخدمين التبديل بين الكاميرات بالضغط مرتين على زر التقاط الصور الخاص بنظاراتهم.

يمكن التحكم في نظارات «ميتا» الذكية صوتياً في بلدان مختارة، فقط عند التحدث باللغة الإنجليزية، لطرح أسئلة الذكاء الاصطناعي المدمجة.

تحتوي النظارات على مكبر صوت مدمج يعمل على تشغيل الموسيقى والذكاء الاصطناعي.

الخصوصية

يحتوي موقع النظارات أيضاً على قسم يتضمن نصائح مثل «احترم تفضيلات الأشخاص» و«أطفئ الجهاز في الأماكن الخاصة» و«كن عضواً جيداً في المجتمع»، حيث يقول: «احترم القانون. لا تستخدم نظارتك للقيام بأنشطة ضارة مثل التحرش أو انتهاك حقوق الخصوصية أو التقاط معلومات حساسة مثل رموز التعريف الشخصية».

تحتوي النظارات على مصباحين: مصباح LED مواجه للداخل لإعلام المستخدمين بالتقاط الصور ومصباح LED مواجه للخارج لإعلام الآخرين عند تشغيل النظارات والتقاط الصور أو مقاطع الفيديو.

تقول «ميتا» على الموقع: «إذا كان مصباح LED لالتقاط الصور مغطى، فسيتم إخطارك بذلك...».

لكن توصية «ميتا» بعدم استعمال النظارات لغزو خصوصية الآخرين تعتمد على اهتمام المستخدمين أنفسهم بهذا الطلب.