حفتر يتعهد استمرار القتال ويتوعد تركيا وحكومة السراج

قوات «الوفاق» تعلن تقدمها في معارك طرابلس

قوات تابعة لحكومة الوفاق بعد سيطرتها على قاعدة  الوطية الأسبوع الماضي (رويترز)
قوات تابعة لحكومة الوفاق بعد سيطرتها على قاعدة الوطية الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

حفتر يتعهد استمرار القتال ويتوعد تركيا وحكومة السراج

قوات تابعة لحكومة الوفاق بعد سيطرتها على قاعدة  الوطية الأسبوع الماضي (رويترز)
قوات تابعة لحكومة الوفاق بعد سيطرتها على قاعدة الوطية الأسبوع الماضي (رويترز)

تعهد المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي مجدداً، بمواصلة القتال ضد تركيا وحليفتها حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، في العاصمة طرابلس، وحثّ مقاتليه على محاربة ما وصفه بالاستعمار التركي حتى تحقيق النصر. وهنّأ حفتر أمس قواته بمناسبة حلول عيد الفطر، مؤكداً «استمرار جهاد أبناء القوات المُسلحة المُرابطين لنصرة الوطن وإعادة الأمن والاستقرار لكل ربوعه». وكان حفتر الذي تتعرض حملته التي بدأت قبل 13 شهراً لانتزاع السيطرة على العاصمة لمزيد من الضغوط الإقليمية والدولية، قد خاطب في كلمة صوتية مقتضبة، مساء أول من أمس، قوات الجيش في جميع محاور المواجهة مع الاستعمار التركي الغاشم، قائلاً: «يا من تصنعون المجد وأنتم تواجهون هذا المستعمر البغيض الطامع في خيراتنا، بعد أن سجد له العملاء»، مضيفاً: «أنتم تخوضون حرباً مقدسة مفتوحة على كل الجبهات، حرباً شاملة ليس فيها إلا النصر». وفي تعهد جديد بمواصلة القتال، قال حفتر: «كما تعودنا في حروبنا ضد الإرهاب سنقاتل ونقاتل حتى نرد المستعمر ذليلاً مذموماً مدحوراً».
وتزامناً مع هذا التهديد، أعلن الجيش عن تعزيز قواته في العاصمة طرابلس حيث بثّت شعبة إعلامه الحربي لقطات مصورة لتحرّك سرية من الكتيبة 128 مُشاة من مدينة بنغازي في شرق البلاد، بعد إتمام تعزيزها بأحدث العتاد والتجهيزات، مشيرة إلى «وصولها إلى محاور القتال، تعزيزاً ودعماً لوحدات القوات المُسلحة المُرابطة هناك». وقال من بدا أنه قائد السرية: «نحن جيش مشى مسافة 1000 كيلومتر لتحقيق النصر، كلمة الانسحاب ليست في قاموسنا». وساعدت تركيا قوات حكومة الوفاق على تحويل دفة الصراع العسكري حول العاصمة وتحقيق مكاسب في الآونة الأخيرة، بما في ذلك انتزاع السيطرة على قاعدة الوطية الجوية الاستراتيجية، ومنطقة مدن الساحل الغربي، الممتدة من العاصمة طرابلس غرباً، وصولاً إلى معبر رأس جدير الحدودي مع تونس.
وأشاد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، بما وصفه بالأداء الباهر الذي أظهرته قواته أول من أمس في محاور طرابلس. واعتبر في بيان له أمس أن «ثمار التخطيط الجيد للمعركة بدأت واضحة في إدارتها بمستوييها الاستراتيجي والتكتيكي، ما يضمن تنفيذ المهام والواجبات المترتبة على أمر العمليات العام للحرب على الجماعات التكفيرية المتطرفة والعصابات الإجرامية والغزاة الأتراك».
وقال الجيش الوطني إنه نصب أيضاً كميناً في معسكر اليرموك في طرابلس، وأوقع مقاتلين من الطرف الآخر بين قتيل أو أسير، حيث أعلن المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة عن اعتقال عدد من «المجرمين وأذيال المستعمر من الميليشيات والمرتزقة»، بالإضافة إلى سقوط عدد كبير من الجثث في معسكر اليرموك، بعد ما وصفه بكمين محكم في جنوب طرابلس. كما أعلن المركز أن منصات الدفاع الجوي للجيش أسقطت طائرة تركية مسيرة بالقرب من مصنع 51 في مدينة بني وليد. وبثّت ‎شعبة الإعلام الحربي للجيش الوطني، مساء أول من أمس، لقطات فيديو لقواته من أمام معسكر اليرموك، بعد التصدي لما وصفته بهجوم غادر من «مجموعات الحشد الميليشياوي المدعوم تركيا»، وتكبيدها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وأسر عدد منهم. وقصف سلاح الجو بالجيش الوطني تمركزات من وصفهم مركزه الإعلامي بـ«مرتزقة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مدينة غريان»، على حد وصفه، وبثّ تسجيلاً للدخان الناتج عن القصف الذي طال معسكر الشؤون الفنية خلف معسكر معروف بـالسلخانة داخل المدينة، التي سيطرت عليها قوات الوفاق الصيف الماضي.
في المقابل، اكتفى فائز السراج رئيس حكومة طرابلس بتهنئة قواته، في بيان أصدره مساء أول من أمس، على ما حققته من «انتصارات على طول الجبهة وفي كل المحاور». من جانبها، اتهمت أمس عملية بركان الغضب التي تشنها قوات حكومة الوفاق، الجيش الوطني بقصف الأحياء المدنية وقسم النجدة في غريان، بالإضافة إلى مطار معيتيقة الدولي المغلق في طرابلس، بوابل من القذائف الصاروخية، معتبرة أن ذلك «يؤكد ادعاءاتهم الكاذبة ومزاعمهم الباطلة في وقف إطلاق النار». وكان الناطق باسم قوات الوفاق قد أعلن في بيان في ساعة مبكرة من صباح أمس أنها بدأت في مطاردة قوات الجيش في آخر معاقلها بمحيط طرابلس، والمدن الغربية، وتعمل على إعادة الحياة لأحياء جنوب العاصمة، وتابع: «ما زلنا نرصد تحركات العدو في الخطوط الخلفية لمحاولة التحشيد وإنقاذ الموقف الميداني المنهار، ورجالنا على أهبة الاستعداد لسحقهم».
وسبق لنفس المتحدث أن أعلن مساء أول من أمس مقتل مدنيين اثنين بعد رجوعهما لتفقد منازلهما في منطقتي صلاح الدين والمشروع، إثر انفجار ألغام، وطالب المواطنين بعدم العودة لمنازلهم في المناطق المحررة مهما كانت الأسباب، باعتبارها مناطق عمليات عسكرية يمنع الاقتراب منها.
وعلى الرغم من انسحاب قوات الجيش وتراجعها الأسبوع الماضي للخلف لمسافة تراوح بين كيلومترين و3 كيلومترات حول طرابلس، أعلنت قوات حكومة الوفاق المعترف بها دولياً أنها استعادت السيطرة على 3 معسكرات؛ الصواريخ واليرموك وحمزة، وهي الأكبر بجنوب العاصمة طرابلس، وكانت تحت سيطرة الجيش منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقالت قوات حكومة الوفاق إنها تقدمت في بعض المناطق النائية في طرابلس، مشيرة إلى أنها اضطرت لشقّ طريقها عبر الألغام والعبوات الناسفة الأخرى التي اتهمت الجيش الوطني بزرعها.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.