طالب سياسيون ليبيون ومقربون من المؤسسة الوطنية للنفط، بضرورة التحرك السريع في وجه المساعي التركية للتنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط، مشيرين إلى أن حكومة «الوفاق» «لا تمثل الشعب الليبي، ولا يحق لها التوقيع أو التفريط في ثروات البلاد». وقال ميلود الأسود، عضو مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الرئاسي إذا أقدم على هذه الخطوة فسيتحمل مسؤوليتها، نظراً لأن مثل هذه التعاقدات من اختصاصات المجلس الرئاسي مجتمعاً وفق قراره رقم 270 لسنة 2017 بشأن توزيع مهام وزارة النفط بعد إلغائها».
وعادت المخاوف تسيطر على قطاع واسع من أطياف المجتمع الليبي بشأن «أطماع تركيا في النفط الليبي» بعد التقارب في العلاقات بين أنقرة وسلطات طرابلس على خلفية الدعم العسكري الذي منحها توازنا على أرض المعركة في مواجهة «الجيش الوطني». وسبق لشركة البترول التركية «تباو» أن تقدمت بطلب إلى حكومة فائز السراج، في العاصمة الليبية طرابلس، للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، وفق ما ذكرت وكالة أنباء «الأناضول» التركية التي نقلت عن وزير الطاقة التركي، فاتح دونماز، قوله إن أعمال الاستكشاف ستبدأ «فور الانتهاء من العملية».
ويتوقع أن تؤدي هذه الخطوة لتأجيج التوترات في المنطقة، حيث يدور خلاف منذ سنوات بين تركيا وكل من اليونان وقبرص، فضلاً عن قوى إقليمية أخرى بخصوص ملكية الموارد الطبيعية شرق المتوسط، من بينها مصر. وأضاف الأسود، وهو مدير سابق لحقلي المبروك النفطي، والجرف البحري، معلقاً على طلب شركة البترول التركية، وقائلا مثل هذا التكليف المباشر إذا صدر من السراج فهو مخالف للوائح المؤسسة الوطنية للنفط والقوانين المعمول بها في ليبيا، كما يعتبر خطوة استفزازية غير مبررة تأتي في توقيت وظروف صعبة. ولفت إلى أن «البلاد غير قادرة على الدخول في أي مواجهات خارجية بل ستزيد هذه الخطوة من تدخل الأطراف الخارجية بالصراع الداخلي».
وأثارت أنقرة حفيظة الدول المجاورة لها في المتوسط إثر توقيعها اتفاقاً مع حكومة «الوفاق» في نوفمبر (تشرين الثاني) يمنح تركيا سيادة على مناطق واسعة من البحر، وسط اعتراضات عديدة من دول المنطقة، وقالت اليونان إن الاتفاق لم يأخذ جزيرة كريت بالاعتبار، كما أثارت تركيا غضب قبرص عبر إرسالها سفناً للتنقيب عن النفط والغاز قبالة الجزيرة المقسومة. ونقلت «روسيا اليوم» منتصف الشهر الجاري، عن كبير المحاضرين في قسم العلوم السياسية بالمدرسة العليا للاقتصاد، غريغوري لوكيانوف، أن «الوضع حول ليبيا معقد ومن شأن أي رهان إضافي أن يلاقي معارضة من خصوم تركيا الرئيسيين»، مضيفاً أن «الأتراك يعملون في الجرف الليبي عملياً منذ عدة أشهر». ولفت لوكيانوف إلى أن تركيا تستورد النفط الليبي على مدى العشرين عاماً الماضية، ولا تنوي التخلي عن آفاق توسيع دورها في السوق الليبية وزيادة حجم النفط المنتج هناك بالإضافة إلى ذلك سوف يسعد تركيا أن تلعب دور موزع للنفط الليبي إلى أوروبا». ورأى الأسود أن المؤسسة الوطنية للنفط في هذه الظروف لن تكون قادرة على فرض شروط تعاقدية تلبي تطلعاتها الاستثمارية، بل ستكون حتما في صالح الطرف التركي.
ومنذ اكتشافه عام 1958. ينظر للنفط في ليبيا على أنه «قوت المواطنين»، حيث توجه عائداته للإنفاق على قطاعات كثيرة، كما تسدد منها أجور الموظفين في الدولة. لكن في ظل الانقسام السياسي الحاد، الذي عمقته الحرب على طرابلس تردت الحالة المعيشية للمواطنين بشكل كبير، فضلاً عن توقف إنتاجه في 17 يناير (كانون الثاني) بواسطة رجال قبائل في مناطق يسيطر عليها الجيش الوطني بعد إغلاقهم غالبية الموانئ والحقول النفطية في شرق وجنوب البلاد، فانخفض إنتاج البلاد من 1.3 مليون برميل يومياً إلى أقل من 60 ألف برميل، ما ترتب عليه خسارة تجاوزت 4 مليارات دولار.
ويعد النفط الليبي مطمعاً لدول عدة سعت إليه في السابق بالتقرب من الرئيس الراحل معمر القذافي. وقال مصدر في المؤسسة الوطنية للنفط لـ«الشرق الأوسط» إن الطلب الذي تقدمت به شركة البترول التركية لم يبت فيه بعد من قبل المجلس الرئاسي، مضيفاً أن «المؤسسة ترفض تماماً مثل هذه العمليات للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية». وأوضح المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن «تركيا ليس لها الحق في التنقيب في شرق المتوسط، غير أنها تستغل حاجة حكومة الوفاق للعتاد العسكري في هذه الأوقات، وبالتالي تضعها تحت ضغط وابتزاز».
وسبق للرئيس التركي القول في يناير (كانون الثاني) الماضي، إن بلاده ستبدأ عمليات التنقيب والحفر عن الغاز في شرق المتوسط في أقرب وقت ممكن من عام 2020 بعد إصدار تراخيص للمناطق البحرية المشمولة في الاتفاق مع ليبيا، قائلاً «بموجب الاتفاق التركي الليبي، لم يعد ممكنا القيام بأعمال تنقيب أو تمرير أنابيب في المناطق البحرية المشمولة في الاتفاق، دون موافقة تركيا وليبيا». وانقسم المجلس الرئاسي المكون من 9 أعضاء خلال العامين الماضيين، بعد انشقاق 4 منهم، وهم فتحي المجبري وعلي القطراني وعمر الأسود وموسي الكوني.
مطالبات بالتصدي لـ«أطماع» تركيا في النفط الليبي
بعد التقدم بطلب رسمي للتنقيب في شرق المتوسط
مطالبات بالتصدي لـ«أطماع» تركيا في النفط الليبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة