طقوس العيد في غزة... الصدارة لـ«الكعك» و«الفسيخ»

تتشارك النساء في صنع الكعك للحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)
تتشارك النساء في صنع الكعك للحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)
TT

طقوس العيد في غزة... الصدارة لـ«الكعك» و«الفسيخ»

تتشارك النساء في صنع الكعك للحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)
تتشارك النساء في صنع الكعك للحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)

عادات متنوعة ينشط أهالي قطاع غزة في إحيائها كل سنة، مع حلول عيد الفطر السعيد الذي يأتي حاملاً معه طقوساً خاصة، يحرص الكبار والصغار على أن يكونوا جزءاً منها؛ حيث يهتمون بشراء «الفسيخ» وصنع الكعك، ويُقبلون بكثافة على شراء الحلوى والملابس الجديدة، ليظهروا بصورة باهية، تتفوق على الفقر والحالة المأساوية التي يعيشونها، بفعل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ نحو 14 عاماً.

- طقوس الكعك والحلوى
على مدار سنوات طويلة، اعتادت السيدة زينب قديح تجميع بناتها المتزوجات قبل العيد بأيام، لصنع الكعك بشكل جماعي؛ حيث تأتي كل واحدة منهن لبيت العائلة وهي تحمل المستلزمات الخاصة بإعداد تلك الحلوى الأشهر في العيد. وتقول قديح: «عادة التجمع في يوم إعداد الكعك هي متوارثة بالنسبة لي، فأمي كانت تفعل ذلك معي أنا وأخواتي، لما في ذلك من تعزيز لأواصر الترابط بين العائلة، وإرساء لمبدأ التعاون في المناسبات».
وتذكر الستينية أن بهجة عيد الفطر بالنسبة لأهالي قطاع غزة، مرتبطة بحلوى الكعك التي يتم صناعتها بأشكالٍ متنوعة، يمكن القول إنَّها تتطور من سنة لأخرى، بحسب ظروف المعيشة، وتبعاً لقوالب الصناعة التي يستوردها التجار من الخارج، مبيَّنة أن مكونات الكعك ثابتة، وتشمل العجينة التي تصنع من «السميد، والطحين، والزبدة، والحليب، والفانيلا، وبعض المكونات الأخرى»؛ حيث يتم تقطيع العجينة لقطع صغيرة تُحشى كل واحدة منها بعجوة البلح الطبيعية.
ويتم تقديم الكعك للضيوف خلال أيام العيد، كصنفٍ رئيس إلى جانب حبَّات الشوكولاتة، وتشير السيدة التي تقطن محافظة خان يونس جنوب القطاع، إلى أن جميع العائلات غنية وفقيرة، تصنع الكعك، وتتابع ضاحكة: «المعيِّدون يتذمرون من كثرة تناول الكعك في المنازل التي يزورونها؛ حيث إن النسوة تُلح عليهم لتناول المزيد، حتَّى يأخذن رأيهم فيه، وليبرزن لهم أن طريقة إعدادهن له هي الأفضل، كونه يعدُّ بطرقٍ متعددة».
وتنوه قديح إلى أن من بين الحلوى التي تشتهر بها غزة في العيد، هو الحلقوم الشعبي الذي تتم صناعته في معامل خاصة من النشا والسكر، ويتم تزيينه بالفستق الحلبي والجوز، منبهة إلى أن المواطنين في القطاع يتفقون على لذة طعم الحلقوم وأصالة صنعه المحلية، والتي تتفوق على كثير من الأصناف المستوردة.
من جانبه، يسرد الشاب مؤنس صافي الذي يعمل في بيع الحلوى والشوكولاتة على إحدى البسطات في سوق مخيم جباليا الشعبي، أن موسم العيد بالنسبة له مهم جداً، وفيه يحقق دخلاً يمكنه من الصرف على نفقاته الجامعية، متابعاً: «عملية بيع الحلوى والوجود بين الناس مهمة جداً لي، وأكون سعيداً بتلك التجربة في كل مرة، إذ أنتظرها بشغفٍ من العام للعام».

- وجبة العيد الرئيسية
ومن بين أشهر أكلات العيد عند أهل غزة، السمك المملح الذي يعرف شعبياً باسم «الفسيخ»، وهو عبارة عن وجبة دسمة يتم تناولها في أيام العيد، بعد أداء الصلاة مباشرة. وبحسب ما أوردت بعض الكتب التاريخية، فالأكلة تعود لأصول مصرية، وهي مشهورة عند أهل قطاع غزة، كونهم كانوا على مدار سنوات في اتصالٍ مباشر مع المصريين، ولا يعرفها أهل الضفة الغربية الذين لا تجمعهم روابط صلة مباشرة مع الشعب المصري. ويقول سامر اللوح الذي يعمل في مجال بيع السمك المملح منذ ما يقرب من عشرين عاماً، في سوق مخيم الشاطئ الذي يقع غرب مدينة غزة: «إقبال المواطنين في الأيام الأخيرة من شهر رمضان على (الفسيخ) يكون بشكلٍ كبير جداً، فمعظم الأسر تحرص على تناوله؛ لأنه يسبب العطش بسبب ملحه الزائد، فيدفع لشرب الماء بكثرة خلال النهار، وبهذا يكون الناس قد شعروا فعلاً بأثر انقضاء شهر رمضان»، كما يبيِّن.
ويوضح البائع الأربعيني الذي يساعده في مهنته عدد من أبنائه، أن «الفسيخ» يتم تجهيزه قبل بدء الموسم بنحو شهر، من خلال جمع سمك «الجرع والدنيس والسردين والغُبص»، وتنظيفه جيداً، وبعدها تتم تغطيته وحشوه بالملح، قبل أن يُدفن في الأرض لمدة تزيد عن 25 يوماً، يتم خلالها تفقده، بين الوقت والآخر، للاطمئنان على جودته وشكله، مبيِّناً أن سعر الكيلو الواحد منه يتراوح بين 3 و5 دولارات.
ويشير إلى أن هناك مواطنين لا يفضلون تناول «الفسيخ» في أيام العيد، فيلجأون لإعداد طبق «السماقية» الشعبي، وهي من الوجبات الرئيسية المهمة التي يتم إعدادها من قِبل أهالي القطاع في المناسبات السعيدة، وتتكون من «السلق والبصل واللحم»، لافتاً إلى أن العائلات تصنع تلك الأكلة بكميات كبيرة، لتُوزع جزءاً منها على الجيران والأقارب.
وعلى الرغم من الاحتياطات والتخوفات، المرتبطة بأخطار فيروس «كورونا» الذي وصل لقطاع غزة، عبر المسافرين القادمين من الخارج، فإن الناس يحاولون الاندماج مع الظروف، ويخرجون للأسواق والمتاجر دون قيودٍ، لشراء ما يلزمهم من حاجيات العيد، لا سيما في ظل حديث الجهات الرسمية التي تقول إن الفيروس ما زال محصوراً في مراكز الحجر الصحي، وإن المصابين لم يخالطوا أحداً من الناس في الخارج.



انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
TT

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)
انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

تُثابر أليس مغبغب منظمة مهرجان «بيروت للأفلام الفنية» (باف) على تجاوز أي مصاعب تواجهها لتنظيم هذا الحدث السنوي، فترفض الاستسلام أمام أوضاع مضطربة ونشوب حرب في لبنان. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «علينا الانتصاب دائماً ومواجهة كل من يرغب في تشويه لبنان الثقافة. نعلو فوق جراحنا ونسير بثباتٍ للحفاظ على نبض وطن عُرف بمنارة الشرق. كان علينا أن نتحرّك وننفض عنّا غبار الحرب. ندرك أن مهمتنا صعبة، ولكننا لن نستسلم ما دمنا نتنفس».

الصورة وأهميتها في معرض العراقي لطيف الآني (المهرجان)

انطلقت في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي فعاليات مهرجان «بيروت للأفلام الفنية»، ويحمل في نسخته العاشرة عنوان «أوقفوا الحرب»، وتستمر لغاية 6 ديسمبر (كانون الأول). يعرض المهرجان 25 فيلماً، ويقيم معرض صور فوتوغرافية. ويأتي هذا الحدث بالتوازي مع الذكرى الـ50 للحرب الأهلية اللبنانية، وتجري عروضه في المكتبة الشرقية في بيروت.

وتتابع مغبغب: «رغبنا في لعب دورنا على أكمل وجه. صحيح أن كل شيء حولنا يتكسّر ويُدمّر بفعل حرب قاسية، بيد أننا قررنا المواجهة والمقاومة على طريقتنا».

تقع أهمية النسخة الـ10 بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية. ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها. فأُطلق في 25 نوفمبر معرض هادي زكاك عن صالات السينما في مدينة طرابلس، يحمل عنوان «سينما طرابلس والذاكرة الجماعية»، وذلك في المكتبة الشرقية في العاصمة بيروت. ويسلّط المعرض الضوء على هذه المدينة الثقافية بأسلوبه. كما عرض المهرجان في اليوم نفسه الوثائقي «أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي. وقد نال عنه مؤخراً جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الـ24 لمهرجان السينما الأثرية (FICAB) في مدينة بيداسوا الإسبانية.

يُختتم المهرجان بالفيلم اللبناني «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»

وفي السابعة مساءً، اختُتم أول أيام الافتتاح بعرض المهرجان لفيلم هادي زكاك «سيلّما»، ويوثّق فيه سيرة صالات السينما في طرابلس، يومَ كانت السينما نجمة شعبيّة في المدينة الشماليّة.

وكما بداية المهرجان كذلك ختامه يحمل النفحة اللبنانية، فيعرض في 6 ديسمبر (كانون الأول) فيلم فيروز سرحال «وعاد مارون بغدادي إلى بيروت»، وذلك في الذكرى الـ30 لرحيله. في الفيلم زيارة أماكن عدّة شهدت على حياة بغدادي وأعماله، والتقاء بالمقربين منه لتمضية يوم كامل معهم في بيروت، حيث يسترجعون مسيرة بغدادي المهنية في ذكريات وصور.

وتشير مغبغب، في سياق حديثها، إلى أن المهرجان ولّد حالة سينمائية استقطبت على مدى نسخاته العشر صنّاع أفلام عرب وأجانب. وتضيف: «تكثر حالياً الإنتاجات الوثائقية السينمائية. في الماضي كانت تقتصر على إنتاجات تلفزيونية، توسّعت اليوم وصار مهرجان (باف) خير عنوان لعرضها».

فيلم فؤاد خوري يُوثّق الحرب اللبنانية (المهرجان)

ومن النشاطات التي تصبّ في تعزيز الصورة الفوتوغرافية أيضاً، معرضٌ للعراقي لطيف الآني، يحكي قصة العراق منذ 50 سنة ماضية، ينقل معالمه ويومياته كما لم نعرفها من قبل. وتعلّق مغبغب: «أهمية الصورة الفوتوغرافية تأتي من حفاظها على الذاكرة. ولذلك سنشاهد أيضاً فيلم فؤاد خوري عن ذاكرة الحرب اللبنانية».

ويغوص فيلم خوري في مسار هذا الفنان الذي أخذ دور موثّق الحرب، والشاهد على النّزاعات في الشرق الأوسط.

مغبغب التي تأمل بأن تجول بالمهرجان في مناطق لبنانية بينها بعلبك وصور، تقول: «الناس متعطشة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الموضوعات الفنية. إنها تشكّل لهم متنفساً ليتخلصوا من همومهم ولو لبرهة. وهذه الأفلام الواقعية والموثقة بكاميرات مخرجين كُثر، تجذبهم بموضوعاتها الاجتماعية والجمالية».

تقول أليس مغبغب إن عملها في المهرجان كشف لها عدد أصدقاء لبنان من دول أجنبية وعربية. ولذلك نتابع عروضاً لأفلام أجنبية من بينها مشاركة من إنجلترا بعد غياب عن المهرجان لـ4 سنوات. وسيُعرض بالمناسبة «الرجل المقاوم» و«شكسبيرز ماكبث» ثاني أيام المهرجان في 26 نوفمبر.

ويُخصّص «بيروت للأفلام الفنية» أيام عرضٍ خاصة ببلدان أجنبية، من بينها الإيطالي والبلجيكي والسويسري والبرازيلي والإسباني والألماني.

«أسرار مملكة بيبلوس» لفيليب عرقتنجي (المهرجان)

ويبرز فيلما «لاماتوري» و«أخضر على رمادي» للإيطاليين ماريا موتي وإميليا أمباسز في المهرجان. وفي ذكرى مئوية الفن السوريالي تشارك إسبانيا من خلال المخرجَين بالوما زاباتا وكانتين ديبيو، فيُعرض «لا سينغالا» و«دالي»، ويُعدّ هذا الأخير من أهم الأفلام الوثائقية عن الفنان الإسباني الراحل والشهير.

وفي 5 ديسمبر (كانون الأول) سيُعرض فيلم خاص بالمكتبة الشرقية مستضيفة المهرجان. وتوضح مغبغب: «عنوانه (المكتبة الشرقية إن حكت) من إخراج بهيج حجيج، ويتناول عرَاقة هذه المكتبة وما تحويه من كنوز ثقافية».

ومن الأفلام الأجنبية الأخرى المعروضة «إيما بوفاري» وهو من إنتاج ألماني، ويتضمن عرض باليه للألماني كريستيان سبوك مصمم الرقص الشهير، وهو يقود فرقة «ستانس باليه» المعروفة في برلين.

وفي فيلم «جاكوميتي» للسويسرية سوزانا فانزون تتساءل هل يمكن لمكانٍ ما أن يكون مصدر موهبة عائلة بأسرها. وتحت عنوان «من الخيط إلى الحبكة» يتناول مخرجه البلجيكي جوليان ديفو، فنّ النّسيج وما تبقّى منه حتى اليوم، فينقلنا إلى مصانع بروكسل وغوبلان مروراً بغوادا لاخارا في المكسيك.