أشتية يوعز بتنفيذ إلغاء الاتفاقيات بما فيها الأمنية

TT

أشتية يوعز بتنفيذ إلغاء الاتفاقيات بما فيها الأمنية

أوعز رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، لجميع الوزراء بالمباشرة بخطوات عملية وإجراءات عاجلة، لتنفيذ ما ورد في قرارات القيادة التي أعلنها الرئيس محمود عباس، بشأن العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وقال أشتية إن «الحكومة الإسرائيلية هي التي أنهت العمل بجميع الاتفاقيات الأمنية والسياسية والاقتصادية والقانونية، وعليه لا يعقل أن يبقى الالتزام من طرف واحد. لقد خرقت إسرائيل الاتفاقيات بالضم والاستعمار والتنكيل بالأسرى ومخصصاتهم، والقدس والمياه، وضربت سيادة السلطة، وحصار غزة، وإعادة الإدارة المدنية، وقرارات الحكم العسكري، وغيرها من الخروقات في جميع مجالات الحياة وجميع الاتفاقيات».
وكان عباس قد أعلن مساء الثلاثاء، أن منظمة التحرير الفلسطينية، ودولة فلسطين، قد أصبحتا في حل من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الالتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية. واتخذ هذا القرار بناء على إصرار إسرائيل على ضم أجزاء من الضفة الغربية.
ووصف أشتية إعلان الضم لأراضٍ فلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات بأنه «خرق للاتفاقيات بيننا وبين إسرائيل، وضرب للقانون الدولي والشرعية الدولية، وتهديد للأمن الإقليمي والدولي. ويعمل برنامج الائتلاف الحكومي في إسرائيل بشكل ممنهج على تدمير إقامة دولة فلسطين. ويضاف هذا إلى حصار قطاع غزة وعزل وضم مدينة القدس، واستخدام مناطق (ج) كخزان استراتيجي لتوسيع رقعة الاستيطان».
هذا ويختبر التطبيق على الأرض، عملياً، إعلان عباس الذي يعني إنهاء أوسلو وملاحقها، بما في ذلك التنسيق الأمني الذي يعد الحبل السري في العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
والتنسيق الأمني بدأ عملياً مع أول يوم للسلطة الفلسطينية عام 1993؛ إذ تضمّن اتفاق أوسلو وملحقاته بند تشكيل لجنة أمنية لتحقيق التعاون في المجالات المدنية والأمنية، بما يضمن محاربة «الإرهاب». وهو تنسيق بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يهدف أساساً إلى منع تنفيذ أي أعمال هجومية ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي الفلسطينية، ويراه الإسرائيليون مهماً؛ لأنه يساعد على إحباط 20 في المائة من العمليات التي يخطَّط لتنفيذها، كذلك يراه الفلسطينيون مهماً؛ لأنه يعني كذلك منع هذه العمليات التي ترفضها السلطة الفلسطينية بما يضمن المصلحة الوطنية العليا، وتجنب ردة فعل إسرائيلية عسكرية.
وأعلن الفلسطينيون أكثر من مرة وقف التنسيق الأمني؛ لكنه عملياً استمر على الأرض. ويفترض أن يكون أشتية التقى أمس قيادات الأجهزة الأمنية لوضع آلية تنفيذ هذا القرار.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية «كان»، إن السلطة الفلسطينية أرسلت بالفعل عبر القنوات الرسمية لإسرائيل، رسالة أكدت من خلالها على قرارها بالوقف الفوري للتنسيق الأمني بجميع أشكاله وعلى كافة المستويات.
وشددت الرسالة على أن ذلك لا يعني أن السلطة ستسمح «بانتشار العنف في الضفة الغربية»، حتى في ظل القرار بوقف التنسيق الأمني.
وأكد مسؤول رفيع في الحكومة الإسرائيلية، تأكيده أن الحكومة تلقت إخطاراً من السلطة بقطع العلاقات ووقف التنسيق الأمني. وأوضحت وسائل إعلام إسرائيلية أن الرسالة نقلت بواسطة وزير الشؤون المدنية في الحكومة الفلسطينية، حسين الشيخ، ومسؤولين فلسطينيين آخرين، إلى منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة، وتضمنت الصياغة التي أوردها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، في خطابه.
ويقرر عباس في هذه المسألة تحديداً. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنه أصدر فعلاً تعليمات لرئيس الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية، بوقف فوري للتنسيق الأمني وليس مجرد تخفيضه. ولم يتضح فوراً ما إذا كان التنسيق قد توقف بالفعل أم أنه في الطريق إلى ذلك.
ويقول مسؤولون أمنيون إسرائيليون إنهم سيراقبون إلى أي مدى ستنفذ قرارات أبو مازن على الأرض؛ لأنه من الصعب عليه أن يحرق بالفعل السفن، باعتبار أن ذلك سيمس به وبسلطته أولاً؛ لكن حركة «فتح» أكدت على لسان متحدثها الرسمي وعضو مجلسها الثوري أسامة القواسمي، أن قرارات القيادة بخصوص العلاقة والاتفاقيات مع إسرائيل وأميركا هي قرارات للتطبيق الفوري، وليست للمناورة أو التكتيك بتاتاً. وقال القواسمي إن الاجتماعات المتواصلة للجهات ذات الصلة، وللمؤسسة الأمنية على وجه الخصوص، تأتي في سياق التطبيق الفوري لقرارات القيادة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم