المعارضة التونسية تدعو الرئيس إلى الرد على مواقف الغنوشي

على خلفية اتهام السلطات بـ«تقديم دعم لوجيستي» لتركيا في ليبيا

TT

المعارضة التونسية تدعو الرئيس إلى الرد على مواقف الغنوشي

طالبت سبعة أحزاب سياسية معارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بالرد على مواقف راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة (إسلامية) ورئيس البرلمان التونسي، حول الاتهامات الموجهة لتونس بـ«تقديم دعم لوجيستي لتركيا في عدوانها على ليبيا، وفتح فضاءاتها لتمكين طرف سياسي من دعم لوجيستي على حساب بقية الأطراف السياسية». وأكدت أنه من صلاحيات رئيس الجمهورية التدخل في ملف السياسة الخارجية للبلاد، ورسم حدود العلاقات مع الدول خدمة لأمن تونس القومي.
وأدانت هذه الأحزاب الاتصال الهاتفي، الذي أجراه راشد الغنوشي مع فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، معتبرة أنه يمثل «تجاوزا لمؤسسات الدولة، وتوريطا لها في النزاع الليبي إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها»، حسب ما ورد في بيان مشترك لهذه الأحزاب. ودعت الرئيس سعيد إلى فرض سلطاته في ملف العلاقات الخارجية التونسية، معلنة رفضها للأدوار التي يقوم بها رئيس حركة النهضة باسم البرلمان في الخارج، وقالت إن «مصلحة التنظيم العالمي للإخوان تهمه أكثر من مصالح تونس وشعبها، وهو ما يشكّل تهديدا للأمن القومي لتونس»، على حد قولها.
وأكد حزب التيار الشعبي وحزب العمال، وحركة تونس إلى الأمام، والحزب الاشتراكي، والحزب الوطني الديمقراطي الاشتراكي، وحزب القطب وحركة البعث، وهي أحزاب يسارية، أن أطرافا سياسية «تحاول الزج بتونس في النزاع الليبي، وتوريطها مع الاحتلال التركي، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على تونس والمنطقة»، وانتقدت موقف المكتب الإعلامي للبرلمان، بحجة أنه لم يصدر أي بلاغ بخصوص فحوى الاتصال بين الغنوشي والسراج، وهو ما زاد من مستوى الشكوك والانتقادات.
على صعيد آخر، أكد الشاذلي بوعلاق، والي (محافظ) العاصمة أن السلطات ستطعن في قرار المجلس البلدي بمنطقة الكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة) بخصوص إحداث أول صندوق للزكاة في تونس. وأكد في توضيح رسمي بخصوص الجدل الدائر حول هذا الصندوق أن مصالح ولاية تونس «حريصة على تطبيق القانون، والالتجاء إلى المحكمة الإدارية عند الاقتضاء»، لإبطال هذا الإجراء. مشيرا إلى أن السلطات راسلت بلدية الكرم في فبراير (شباط) الماضي لمطالبتها بالامتناع عن إحداث صندوق للزكاة لمخالفته قانون الجماعات المحلية (البلديات).
وكان فتحي العيوني، رئيس بلدية الكرم، المنتمي إلى حركة النهضة، قد أكد من ناحيته أن إحداث هذا الصندوق، تمّ بموجب القرار البلدي الصادر في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. بإجماع كافة أعضاء المجلس دون أي معارضة، ملاحظا أن المجلس البلدي المنتخب بالكرم «قام بتطبيق جميع الصيغ القانونية والترتيبية الواجب القيام بها».
وأضاف العيوني أن لطفي زيتون، وزير الشؤون المحلية، والقيادي في حركة النهضة، كان قد أصدر الاثنين الماضي، منشورا اعتبره «مشابها لقرارات المجلس البلدي بالكرم».
من جهته، أوضح وزير الشؤون المحلية أن الوزارة لا تتدخل في تسيير المجالس البلدية وقراراتها، مبينا أن دورها يتمثل في تفسير القانون للسلط المحلية، وأن من حق الوالي أن يرفع اعتراضا لدى المحكمة الإدارية، في حال ملاحظته وجود تجاوزات بخصوص أعمال وقرارات المجالس البلدية.
وكان إحداث أول صندوق للزكاة في تونس قد خلف جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا، ووجهت اتهامات لرئيس بلدية الكرم بمحاولة توظيف الدين في الحياة السياسية.
يذكر أن البرلمان سبق أن رفض في جلسة عامة عقدت في ديسمبر (كانون الأول) 2019. المصادقة على مقترح تقدمت به حركة النهضة يتعلق بإحداث «صندوق زكاة»، ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020. حيث لم يحظ المقترح سوى بموافقة 74 نائباً في حين رفضه 93 نائباً، فيما احتفظ 17 آخرون بأصواتهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.