لبنان يتجه لحماية الليرة بضخ مليار دولار وتغطية تمويل واردات أساسية

تعزيز الموقع التفاوضي مع «النقد الدولي» بمشاركة حاكم «المركزي»

وعد حاكم مصرف لبنان بالتدخل في السوق لحماية الليرة اللبنانية (أ.ف.ب)
وعد حاكم مصرف لبنان بالتدخل في السوق لحماية الليرة اللبنانية (أ.ف.ب)
TT

لبنان يتجه لحماية الليرة بضخ مليار دولار وتغطية تمويل واردات أساسية

وعد حاكم مصرف لبنان بالتدخل في السوق لحماية الليرة اللبنانية (أ.ف.ب)
وعد حاكم مصرف لبنان بالتدخل في السوق لحماية الليرة اللبنانية (أ.ف.ب)

اختار رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب تضمين «جردة حساب» المائة يوم على انطلاق حكومته، الكشف عن مبادرة تم تنسيقها مع السلطة النقدية، معلنا: «تبلغت وعداً من حاكم مصرف لبنان بأن المصرف سيتدخل في السوق لحماية الليرة اللبنانية وسيتم دعم استيراد السلع الأساسية ومتابعة خفض الأسعار يوميا». من دون التصريح عن آليات حماية العملة وقيمة المبالغ التي سيتم تخصيصها للعمليات التمويلية.
وعلى الفور، رد الحاكم رياض سلامة بأنه سيباشر اعتبارا من 27 مايو (أيار) الحالي، أي بعد عطلة عيد الفطر، «اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الليرة اللبنانية ومن ضمنها تأمين الدولارات لتأمين استيراد المواد الغذائية الأساسية تبعاً لتعميم سيصدر بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد. ويمكن للمصارف المساهمة بهذه العمليات بالتنسيق مع مصرف لبنان». وبذلك يرتقب صدور تعاميم وتعليمات عن البنك المركزي تحدد آليات هذه العمليات وكيفية فتح الاعتمادات اللازمة لها عبر المصارف.
وإذ يتطابق مضمون هذه المبادرة مع المعلومات الخاصة التي نشرتها «الشرق الأوسط» مطلع هذا الأسبوع، فالمؤمل، وفقا لمسؤول مصرفي كبير، أن تفتح كوة في الجدار النقدي السميك الذي تسبب بانهيار كبير في سعر العملة الوطنية إلى ما يماثل ثلاثة أضعاف السعر الرسمي. كما تعزز وضعية الفريق اللبناني المفاوض، والذي انضم إليه سلامة شخصيا عقب اعتكاف عن الجلستين الأوليين مع خبراء صندوق النقد الدولي توخيا لبلوغ اتفاق إصلاحي شامل يتضمن إعادة هيكلة القطاع المالي بكامله، مشفوعا بطلب برنامج دعم مالي يصل إلى 10 مليارات دولار. فضلا عن بدء تحرك حكومي بالتعاون مع المنسق الفرنسي لإعادة انعاش وتسريع التزامات مؤتمر «سيدر» البالغة نحو 11 مليار دولار كقروض ميسرة من دول ومؤسسات مانحة.
وفي معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن المبادرة المنسقة، والتي أبلغها سلامة مسبقا إلى المرجعيات الرئاسية وتبلورت معطياتها في اجتماع مسائي في السراي الحكومية برئاسة دياب ومشاركة سلامة ورئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير، تقضي بتخصيص مليار دولار لتغطية عمليات تمويل لسلع أساسية تشمل المواد الأولية للصناعات القابلة للتصدير أو الأساسية اللازمة للاستهلاك المحلي وبعض السلع الأساسية في السلة الغذائية التي يجري تحديدها مع وزارة الاقتصاد، كالسكر والأرز والزيوت والحبوب وخلافه، على غرار تأمين التمويل بالسعر الرسمي للدولار عند 1520 ليرة للمحروقات والطحين والدواء.
وسيتم منح أفضلية للسلة الغذائية على أن تعتمد مديرية حماية المستهلك إجراءات مشددة لضمان وصول المواد المدعومة إلى المستهلك والحؤول دون أي انحرافات عبر التهريب أو الاحتكار، وبما يضمن التصحيح الجزئي لتقلص القدرات الشرائية للأجور بعد ارتفاع سعر الدولار إلى نحو ثلاثة أضعاف السعر الرسمي. كما سيتم إمهال الصناعيين المستفيدين من التمويل لفترة 150 يوما لإعادة مبالغ الدعم وبالعملات الصعبة حصرا، حيث يفترض تحصيلهم قيمة البضائع المصدرة.
وأبرزت المبادرة بالتوازي إعادة فتح قنوات التعاون بين السلطتين التنفيذية والنقدية، بعد تباعد مستحكم وتوجيه اتهامات مباشرة من رئيس الحكومة للحاكم ورد الأخير بمداخلة مطولة تنصل فيها من أي دور أو مشاركة في إعداد خطة التعافي التي يناقشها فريق رسمي لبناني مع خبراء صندوق النقد الدولي. وهذا ما يعزز وضع الفريق اللبناني المفاوض الذي انضم إليه سلامة شخصيا، بينما سيكفل تقدم المفاوضات مع خبراء الصندوق بتعميم أجواء أكثر إيجابية تريح الأسواق، إنما هكذا تقدم سيبقى مرهوناً بقدرة الحكومة على إظهار التزامات صريحة بالإصلاحات المنشودة، وخصوصاً في قطاع الكهرباء. وتنطبق المعادلات عينها على إعادة تحريك ملف «سيدر»، بدعم فرنسي مشروط.
وكان لافتا في هذا السياق، إشارة المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الدكتور نديم المنلا، إلى أنه «من شبه المستحيل موافقة الصندوق على إعطاء لبنان 10 مليارات دولار، ففي أفضل الظروف قد نحصل على 3 أو 4 مليارات، ولا بد من أن تكون هذه النقطة واضحة في ذهن المفاوض الذي يجب أن يعرف مصدر احتياجاته التمويلية بعد تحديدها. وبالتالي، لا يمكن الذهاب نحو خطّة تسد الاحتياجات المالية في حين أن الأرقام حولها متناقضة. حددت الدولة احتياجاتها التمويلية بـ28 مليار دولار، افترضت الحصول على 10 منها من «سيدر» و10 من صندوق النقد، أما اليوم نرى أن الـ20 مليارا انخفضت إلى ما دون 10 مليارات».
ورأى المنلا، في حديث للوكالة «المركزية» أن لبنان لا يمكنه خوض تفاوض جدي مع صندوق النقد الدولي في ظل مستوى مرتفع من التخبط على أكثر من صعيد. وما من رأي موحد لدى أفرقاء الحكومة الواحدة قبل الحديث عن تضارب المواقف بين المؤسسات. ملاحظا أن التخبط يتفرع على ثلاثة مستويات، الأول على صعيد الأرقام وتحديد الخسائر، والثاني التباين في تحديد آليات الإصلاحات، والثالث هو موضوع الكهرباء، حيث الجميع متفق على أن أول عملية إصلاحية تبدأ بهذا القطاع. و«المؤكد أن الهيئة الناظمة للكهرباء أولوية في وقت لا يزال أحد أفرقاء السلطة يطالب بتعديل القانون قبل البدء بتأليفها».



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.