«المركزي» التركي يواصل خفض سعر الفائدة... وفشل مفاوضات المبادلة مع أميركا

ديون الحكومة تقفز إلى 229 مليار دولار في أبريل

مظاهرة في إسطنبول ضد إهدار حقوق النساء والأطفال في تركيا (رويترز)
مظاهرة في إسطنبول ضد إهدار حقوق النساء والأطفال في تركيا (رويترز)
TT

«المركزي» التركي يواصل خفض سعر الفائدة... وفشل مفاوضات المبادلة مع أميركا

مظاهرة في إسطنبول ضد إهدار حقوق النساء والأطفال في تركيا (رويترز)
مظاهرة في إسطنبول ضد إهدار حقوق النساء والأطفال في تركيا (رويترز)

أقر البنك المركزي التركي أمس (الخميس) خفضا جديدا على سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لأجل أسبوع واحد (الريبو) المعتمد كسعر رئيسي للفائدة بواقع 50 نقطة أساس لينخفض سعر إلى 8.25 في المائة.
وقال بيان للبنك المركزي عقب الاجتماع الخامس للجنته للسياسة النقدية هذا العام، الذي عقد أمس (الخميس) إن سعر الفائدة انخفض إلى 8.25 في المائة بدلا عن 8.75 في المائة.
وفي أبريل (نيسان) الماضي كان البنك خفض سعر الفائدة 100 نقطة أساس من 9.75 في المائة إلى 8.75 في المائة في إطار سلسلة تخفيضات استمرت منذ يوليو (تموز) 2019 حيث كان سعر الفائدة 24 في المائة.
ومنذ بداية العام الجاري، خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة بواقع 375 نقطة أساس، حيث تقرر عقد 12 اجتماعا في العام للجنة السياسات النقدية بواقع اجتماع شهريا.
ويضغط الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يصف نفسه بـ«عدو الفائدة»، على البنك المركزي من أجل الاستمرار في تخفيض الفائدة لاعتقاده بأن ذلك سيؤدي إلى خفض معدل التضخم، خلافا لكل النظريات الاقتصادية التقليدية. وتعهد إردوغان في مطلع العام الجاري أن يواصل البنك المركزي خفض سعر الفائدة ليصل إلى مستوى أقل من 5 في المائة.
وخفض البنك المركزي سعر الفائدة 12 في المائة في النصف الثاني من العام 2019 بعد إطاحة إردوغان برئيس البنك السابق مراد شتينكايا من منصبه في يونيو (حزيران) الماضي وتعيين نائبه مراد أويصال بديلا عنه بسبب رفضه تخفيض سعر الفائدة بشكل متسارع حتى لا يؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية.
من ناحية أخرى، أعلن البنك المركزي أن إجمالي ديون الحكومة التركية بلغ 1.6 تريليون ليرة تركية (نحو 229 مليار دولار) في نهاية أبريل الماضي بزيادة 30 في المائة على أساس سنوي.
ويشمل إجمالي الدين الديون المستحقة لمؤسسات القطاع العام والبنك المركزي والشركات الخاصة والأفراد، منها 836.1 مليار ليرة (نحو 119 مليار دولار) مقوم بالعملة الأجنبية، و879 مليار ليرة (126 مليار دولار) كديون محلية و696.5 مليار ليرة (نحو 98 مليار دولار) كديون للخارج.
وأشار البنك المركزي إلى أن الأصول الخارجية لتركيا بلغت 233.8 مليار دولار في نهاية مارس (آذار) الماضي، بانخفاض 7.3 في المائة عن نهاية العام 2019.
وقال البنك إن صافي وضع الاستثمار الدولي، الذي يعرف بأنه الفرق بين الأصول والخصوم الخارجية لتركيا، سجل 314.7 مليار دولار بالسالب في نهاية مارس، مقارنة مع 351.9 مليار دولار بالسالب في نهاية عام 2019.
وتواجه تركيا أزمة في تدبير العملة الأجنبية، ولجأت إلى طلب مقايضة العملات مع دول مجموعة العشرين وفي مقدمتها الولايات المتحدة، إلا أنها لم تتلق ردا على مطالباتها بعد أكثر من 40 يوما فلجأت إلى قطر التي وافقت على رفع حجم تبادل العملات لها من 5 مليارات إلى 15 مليار دولار. وكان الاتفاق بينهما عقد في عام 2018 في ظل أزمة حادة تعرضت لها الليرة التركية وأفقدتها 40 في المائة من قيمتها.
في السياق ذاته، أعلنت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا إعفاء مؤسستي «يوروكلير» و«كليرستريم بانكينغ» من قيود معاملات الليرة التركية.
وقالت الهيئة، في بيان، إنها أعفت «يوروكلير» و«كليرستريم بانكينغ» لحفظ الأوراق المالية، من قيود معاملات الليرة التركية، بهدف منع تأثر معاملات الصكوك وشهادات الإيجار وعمليات المبادلة بالليرة التركية، وضمان تداول الأوراق المالية بالليرة التركية بشكل فعال ومثمر.
وأرجع محللون أزمة مفاوضات المقايضة بين البنك المركزي التركي والبنوك المركزية الأخرى إلى عدم استقلالية البنك التركي.
وتتفاوض الحكومة التركية مع حكومات دول مجموعة العشرين وعلى رأسها الولايات المتحدة، للدخول في مفاوضات المقايضة منذ 10 أبريل الماضي، دون أن تتوصل لحل.
ورفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الدخول في مفاوضات المقايضة مع البنك المركزي التركي بسبب تدخل إردوغان بشكل مستمر في سياسات البنك. وكان رئيس البنك الاحتياطي في ريتشموند توماس باركين أكد أن إضافة أي من الدول إلى نظام المقايضة مرتبط بالثقة المتبادلة بين الطرفين.
وفتح البنك الأميركي خطوط تفاوض مع 14 دولة حول العالم من بينها البرازيل، والمكسيك، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، لكنه رفض التفاوض مع كل من تركيا وجنوب أفريقيا ونيجيريا وإندونيسيا.
ومن المتوقع أن تكون تركيا أكثر الدول النامية مواجهة للصعوبات الاقتصادية خلال العام الجاري، مع وجود أرقام ضخمة من الديون الخارجية وأذون الخزانة في ظل تبخر 20 مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي لدى المركزي التركي خلال أزمة «كورونا» ذهبت لدعم الليرة التركية وإنقاذها من الانهيار.
وتبحث الحكومة التركية عن حلول لتوفير 168.5 مليار دولار لسداد ديونها الخارجية حتى شهر فبراير (شباط) 2021، نصفها على الأقل من المقرر سدادها خلال شهر أغسطس (آب) المقبل.
وكثّفت الخزانة التركية معدلات اقتراضها لمواجهة الضائقة المالية التي تواجهها، وخلال الشهر الماضي اقترضت الخزانة من السوق المحلية 60 مليار ليرة، وخلال الاثني عشر شهرا الأخيرة ارتفع العجز النقدي لتركيا إلى 150 مليار ليرة.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).